الإثنين , 23 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

الانقسام الدولي وتضارب المصالح في ليبيا

 بقلم : د.اسامه اسماعيل | 

جاءت تحركات قائد الجيش الوطني الليبي بعد نجاحه في سيطرته على شرق ليبيا، وتأمينه للمناطق النفطية والمدن ذات الأهمية الجيواستراتيجية، وقيامه بتوحيد قوات الجيش تحت قيادته، علاوة على إعادة ترتيب الحدود الجنوبية مع القبائل الليبية، وقد تمكن من إحكام السيطرة على مدينة سبها الواقعة في الجنوب لمنع ترسب الإرهابين إلى الأراضي الليبية. (1)

الأمر الذي اعتبره “فايز السراج” رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق المعترف بها أمميًا، إنه “تصعيدًا ممنهجًا يحبط آمال الليبيين في الاستقرار”، موضحًا إن العملية تزامنت بعد فترة قليلة من عقد الملتقى الوطني الذي يعد بداية للحل السياسي والخروج من الأزمة، وتمهيدًا للانتخابات الرئاسية والبرلمانية. وعليه فقد أعلن “حالة الاستنفار الأمني والتأهب لجميع وحدات القوات العسكرية والأمنية والأجهزة التابعة لها، كخطوة استباقية لأي تهديد يستهدف الأراضي الليبية سواء من فاعلين من الدول، أو فاعلين عنفين من غير الدول.

الموقف الدولي من التحرك نحو طرابلس

تباينت ردود الفعل الدولية تجاه عملية التحرير، رغم استمرار تنامي التهديدات والتحديات التي تواجهها ليبيا لأكثر من 8 سنوات دون توقف، التي تمثلت في إعادة التمركز لعدد من الجماعات والتنظيمات الإرهابية التي ساهمت في نشر الفوضى وعدم الاستقرار، فضلاً عن ظهور عدد من الدعوات الخاصة بالرغبة في الانفصال في بعض المناطق وإقامة ما يعرف باسم “دولة الرفاهية” وخاصة في المناطق النفطية. تجلت أبرز دورد الفعل الدولية على النحو التالي:

الموقف الأممي؛ تمثل في إعلان “أنطونيو جوتيريش” دعمه للتسوية الوضاع الراهنة بشكل سلمي لتحقيق الاستقرار للشعب الليبي وذلك بالتزامن مع عملية التحرير وزيارته لليبيا لتسوية الأوضاع بين افرقاء المتنازعين، مؤكدًا دعم الأمم المتحدة للحل السياسي وللشعب الليبي.

الموقف الروسي؛ دعت الخارجية الروسية إلى وقف التصعيد بين جميع الأطراف، والاستناد إلى الحوار غير المشروط كركيزة أساسية للتسوية السياسية، كما اعترضت موسكو على إصدار بيان من مجلس الأمن يدين العملية، مقترحة وقف التصعيد بين جميع القوات المسلحة وليس قوات الجيش الوطني الليبي فقط وهو ما اعترضت عليه الولايات المتحدة. 

الموقف الأميركي؛ جاء الموقف الأميركي متباين في البداية عملية التحرير، أعربت الإدارة الأميركية عن قلقها من التصعيد، داعية إلى وقف العملية، وبعد ما يقرب من أكثر من أسبوعين من إنطلاق العملية، هاتف الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” المشير “حفتر” موضحًا تقديره لجهود المشير في مكافحة الإرهاب، وتأمينه للحدود والموارد النفطية في ليبيا.

مجموعة الدول الصناعية السبع؛ اتفقت المجموعة على ممارسة الضغط على مسؤولي الصراع في ليبيا، تجنبًا للتصعيد العسكري، وتداعياته السلبية على وحدة وسيادة الأراضي.

الموقف الأوروبي؛ أكدت “فيديريكا موجريني” الممثلة العليا للشئون الخارجية في الاتحاد الأوروبي على دعمها خطة المبعوث الأميم “غسان سلامة” في دعم الاستقرار وإنهاء الأزمة الليبية وفقًا للشرعية الدولية، معربةً عن قلقها من تطور الأوضاع خارج نطاق السيطرة. فيما أوضحت المفوضية الأوروبية ضرورة ضبط النفس منعًا للتصعيد العسكري

جامعة الدول العربية؛ أعرب “أحمد أبو الغيط” الأمين العام لجامعة الدول العربية عن ضرورة خفض التصعيد، والالتزام بالحل السياسي، والعودة إلى الحوار الوطني لمواجهة الأزمة بدلًا من التحرك العسكري الذي لا يمثل حلاً للوضع الراهن وفقًا ما توصلت إليه قمة تونس الأخيرة.  

في سياق تعبير دول الاتحاد الأوروبي عن قلقهم من تطورات المشهد الليبي، واتفاقهم على تبني موقف موحد من عملية التحرير، ودعواتهم وقف التصعيد، وهو ما تجلى في إعلان “جيرمي هانت” وزير الخارجية البريطاني عن قلقه من العملية تحرير طرابلس، موضحًا أن هناك دورًا متنامي للاتحاد الأوروبي وبريطانيا سيصل إلى أقصى حد. فيما أكدت الحكومة الألمانية والفرنسية ضرورة ضبط النفس، ودعم جهود المبعوث الأممي في ليبيا. وفيما يتعلق بإيطاليا فقد هاتفت مسئولي حكومة الوفاق للمعرفة أهم التطورات الخاصة بالعملية، داعيًا لتسوية الأزمة بشكل  سليم .

وعليه من الواضح أن هناك رفض متباين لعملية تحرير طرابلس من القوى الدولية وخاصة الأوروبية وهذا يرجع إلى تضارب المصالح بينهم، ورغبة كل قوى في خلق موطئ قدم لها مغاير عن الواقع. كما تحاول القوى الدولية أن تكون فاعلًا دوليًا على أجندة المفاوضات المستقبلية للاستفادة من الموارد الليبية، وهو ما يتضح في التنافس الإيطالي الفرنسي؛ حيث تنظر إيطاليا إلى ليبيا على إنها منطقة نفوذ خاصة بها وتربطها علاقات تاريخية معها، ولا يمكن تحقيق أي تسوية بدون روما كفاعل رسمي فيها، فيما تسعى باريس إلى خلق مؤطى قدم لها في الشرق الأوسط يساهم في تعزيز دورها، كما تحاول تأمين مصادرها من الموارد النفطية استثماراتها الخاصة. لقد أصبحت ليبيا ميدان للصراع بالوكالة بين القوى الدولية الفاعلة في النظام العالمي.

 

شاهد أيضاً

وبالمناسبة… هكذا يولد النصر…بقلم د. أسامة إسماعيل

تمر أيام (العدوان) الصهيوني على (فلسطين) محملة بمزيد من الألم والقهر نتيجة ما لا يمكن …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024