الشيطان لا ييأس والشعب الإيراني لا يطمئنّ…بقلم محمد الرصافي المقداد

الشيطان لا ييأس والشعب الإيراني لا يطمئنّ…بقلم محمد الرصافي المقداد

في آخر أعمالها الإرهابية التي استهدفت أمن واستقرار الجمهورية الاسلامية، لم تتردد امريكا وتحالفها الشرير، في تحريك عناصرها داخل إيران، من أجل إثارة الرأي العام الداخلي، وإيهام الرأي العام العالمي بأن أوضاع ايران الداخلية غير مستقرة، وشعبها على أهبة رفع راية العصيان في وجه نظامه، اغتناما لقرار زيادة اسعار البنزين، الذي بدأت السلطات بتطبيقه، وقد بدا منذ أوّل الأحداث، أن هناك تنسيق وتوثيق اعلامي، بكل تحرّك وقع في العاصمة طهران، ومناطق أخرى داخل إيران، بعنوان التمرّد والثورة على النظام الإسلامي.

استغلال زيادة اسعار البنزين في ايران وتوظيفه سياسيا من أجل زعزعة الامن والاستقرار داخل ايران، ومهاجمة بعض الدوائر الحكومية والبنكية، من طرف أعداء الثورة الاسلامية، على أنها أعمال ثورية ومشروعة، جنّد لها التحالف الصهيو أمريكي امكانياته الضخمة، من أجل أن تستغلّ الاحتجاجات، لتكون أرضية سانحة لأعمال تخريبية، تطال المؤسسات العامة والبنوك، من شأنها أن تؤثر في الوضع العام الداخلي المستقر للبلاد. احتجاجات لم تستمر أكثر من يومين وسرعان ما تراجعت بما لم يكن في الحساب الامريكي، الذي أخطأ كعادته فيما تعلق بإيران، وخابت آمال القائمين على مؤامرة زعزعة الأوضاع الداخلية فيها، وقابلها الشعب الايراني بمظاهرات حاشدة في العاصمة طهران، ومختلف المحافظات الايرانية، تنديدا بأعمال الشغب والاعتداءات على المرافق العامة للبلاد، وهكذا اغلقت صفحة اخرى من صفحات العدوان الخارجي على إيران، بإرادة ووعي شعبيين، أخرسا الألسن المسيئة للنظام الإسلامي، والتي ما زالت تتشدّق كذبا بعدم شعبية النظام الاسلامي، وفي كل مرّة يظهر مدى التناغم والتآزر بين نظام ولي الفقيه ومؤسساته الإسلامية، وقواعده العريضة في ايران وحتى خارج إيران.

التحالف المعادي للجمهورية الاسلامية الإيرانية، لم يتعظ من تجاربه الماضية الفاشلة، أذكر منها بالخصوص جهوده المضنية، التي قام بها من أجل ارباك المسار الانتخابي الديمقراطي، الذي خاضه الشعب الإيراني أواخر سنة 2009 والتشكيك في شعبية النظام الاسلامي، وكشفت الأحداث حينها عن تورط بريطاني أمريكي، كان يدفع نحو الفوضى في العاصمة طهران، لكنه بحكمة القيادة والتفاف الشعب حولها، أجهضت إحدى أكبر المؤامرات على إيران، وقد اعلنت وزارة الامن والاستخبارات الايرانية عن اعتقال 6 من العناصر، التي كانت تعمل على جمع المعلومات حول اعمال الشغب، ونقلها الى خارج البلاد، ووضعها في متناول الاجانب، تم رصدهم والقاء القبض عليهم، وذكر المصدر ان العناصر المذكورة، قد تلقت التدريبات اللازمة لجمع المعلومات في مختلف الدول، تحت غطاء مراسلين مواطنين، بميزانية جهاز الاستخبارات المركزية الاميركي (سي آي أي)، وأنّ هؤلاء المعتقلين كانوا منذ فترة، تحت مراقبة دقيقة من قبل الامن الايراني، وبعد تصاعد حدة اعمال الشغب، تبين بأنهم تلقوا أوامر للتواجد في تلك الاماكن، لإعداد تقارير مصورة عن أعمال الشغب،  وتعليقا على ذلك أشاد قائد الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي صباح يوم (الاربعاء 27 / 11 / 2019) خلال إستقباله الآلاف من التعبويين بمناسبة أسبوع التعبئة(الشعبية)، إلى التحرك الرائع جداً للشعب الإيراني خلال الأسبوع الأخير: ان الشعب الايراني أحبط مؤامرة عميقة وواسعة وخطيرة جداً، وظّف الأعداء لها أموالا طائلة، وبذلوا جهوداُ كبيرة، ليقوموا بمثل هذه الممارسات، أي التخريب والاعمال الشريرة والقتل، التي تصوروا أن الفرصة قد توفرت من خلالها، بقضية البنزين وجاؤوا بجيشهم الى الساحة، لكن الشعب الإيراني أحبط مؤامرة الأعداء، بتحركه الرائع جداً.. ما قام به الشعب الاسبوع الماضي كان أسمى وأهم من أي تحرّك ميداني، اذ بدأ في زنجان وتبريز وامتد الى جميع مدن البلاد وحتى القرى وبالتالي جرى هذا التحرك في طهران بعظمة، وكان بمثابة صفعة للإستكبار والصهيونية العالمية أجبرتهم على التقهقر.

بمناسبة اسبوع التعبئة اشار الامام الخامنئي الى اكبر العوائق والتهديدات التي تتعرض لها إيران: هنالك الكثير من التهديدات أمامنا والتي يجب ان تتحول الى فرص بمبادرة من منظمة التعبئة.. ان الجمهورية الاسلامية مستلهمة من المبادئ والقيم الاسلامية وان الاسلام رافع لراية العدالة والحرية صراحة، ومن جانب آخر فإن نظام الهيمنة معارض أساساً للحرية والعدالة، لذا فان الجمهورية الاسلامية معرّضة بصورة طبيعية لتهديدات قوى الهيمنة وجبهة الاستكبار. الامام الخامنئي لم يغب عنه تعرية النوايا السيئة التي يستبطنها اعداء الشعوب من أجل تحقيق مآربهم الوضيعة، فقال: ان نظام الهيمنة يعارض استقلال الشعوب، ويسيء اليها دوماً، ولا يأبى عن الاعلان عن نواياه في هذا المجال، مثلما يقول الاميركيون صراحة، بأنهم دخلوا شرق سوريا من أجل النفط، أو أنهم يدخلون قاعدتهم العسكرية في العراق بلا إذن، ولا يعيرون أي اهتمام للحكومة العراقية.

واعتبر الامام الخامنئي أنّ مفردة (المقاومة) تكمن في عبارة (قوى تعبئة المستضعفين المقاومة) والمستضعفون خلافاً لما يُوصف به اليوم، الأفراد قليلو الحيلة، هم أئمّة العالم البشري، وخلفاء الله في الأرض بالقوّة، لذلك فإنّ المقاومة تحتاج إلى بنية معنويّة، وهذه البنية المعنويّة، تتجلّى في تحرّك الشباب إلى الأمام بشكل خاص، وسوف تترك آثارها، وأكد أن قوّة التعبئة تبرز في مظهرين هما: الجهاد في الدفاع الصلب (العسكري) والدفاع في الحرب الناعمة، المتمثلة بالعلم والثقافة، والتبليغ الديني والبناء والخدمة، وفي توصياته لقوى للتعبئة، دعاها الى أن لا تتصرف بمنطق رد الفعل الغير مدروس، مؤكدا أنه يجب ردّ الفعل بما يتلاءم واثبات الاثر، وتحصيل النتيجة منه، مستحضرا أسلوبا مميّزا في مواجهة التحدّي، ناصحا النسج على منواله بالقول: اعملوا دوماً كلاعب الشطرنج الماهر، أي أن تكونوا متقدمين خطوة على العدو، وأن تتصرفوا بروح هجومية.

هكذا عبر الامام الخامنئي عن ايران بنظامها الإسلامي ومؤسساتها وقواها الشعبية، في ردودها المتكررة بحسب حجم المؤامرة ونوع العدوان، واضعا نصب أعين شعبه أن بلاده تواجه أحد أعتى شياطين الانس، هذا النظام الرأسمالي المستغل لثروات شعوب العالم، الذي لقّبه الامام الخميني رضوان الله عليه بالشيطان الأكبر، وكأنّي به يردّ على كيده بقوله: أنت لا تيأس وأنا لا أطمئنّ

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023