الغرب.. و”حرب الكمامات”!…بقلم وضاح عيسى

الغرب.. و”حرب الكمامات”!…بقلم وضاح عيسى

لم يكتفِ وباء كورونا بمداهمة مئات آلاف الضحايا في أنحاء العالم والفتك بهم، وإنما اقتلع من الجذور كل ما يمت للأخلاق والإنسانية لدى بعض البشر، فمع اتساع دائرة انتشاره وارتفاع عدد إصاباته ووفياته، أزيلت كل أقنعة الغرب التي لطالما “بيّضت” حقيقته المزيفة وأخفت قبح وجهه وغطت قذارة ممارساته المبطنة والمعلنة.

تداعيات الوباء الكارثية كشفت عجز الغرب الكبير، ودفعته للبحث عن وسيلة ينقذ بها نفسه ويستر عورته، ولم يجد بداً من إظهار توحشه الذي لم يكن حديث العهد أو مستتراً في يوم من الأيام، فبأي أوصاف يمكن أن تطلق على من ترك مواطنيه مرتعاً لفيروس قاتل يواجهون مصيرهم المحتوم، ولم يحرك ساكناً إلا بتوظيف مخاطره لأهداف سياسية ضيقة، أو ربما بشنِّ حرب سطو على كمامات واقية يُخفي بها سوءته، كما فعلت الولايات المتحدة في حربها الجديدة التي أعدت لها كل الخطط الإستراتيجية للفوز بها، فشنت ضربتها الاستباقية بـ”قرصنة الكمامات” وأطاحت بعدد كبير من شحنة متجهة من الصين إلى برلين.

لم تكن حرب الحصول على كمامات هي الأولى لدى الإدارة الأمريكية، فبينما اتهمت فرنسا واشنطن باستيلائها على شحنة أقنعة واقية طلبتها من الصين، فتح رئيس وزراء كندا جاستن ترودو تحقيقاً بشأن قضية مماثلة لم تكن اليد الأمريكية بعيدة عنها، كما سُرقت شحنة كمامات تبرعت بها الصين لإيطاليا في دعمها لمواجهة فيروس كورونا، ويبدو أن الولايات المتحدة ليست الدولة الوحيدة في شن “حرب الكمامات”، فبعدما امتدت اليد الألمانية إلى الزناد ورمت بصفقة أقنعة لسلوفاكيا وفقاً لأحد مسؤوليها أوصت بها أوكرانيا، استولت فرنسا على أقنعة متجهة إلى إسبانيا وإيطاليا، فيما اتهمت تونس الأخيرة بسطوها على شحنة كحول طبية قادمة من الصين، وسبق ذلك قرصنة نظام أردوغان لأدوات ومعدات طبية وجهتها إسبانيا.

أجل، هذه هي حقيقة الغرب المتوحش وعلى رأسه الولايات المتحدة، وسيدفع ثمن ارتكاباته باهظاً، وقد بدأت أرقام عدادات عجزه وهزائمه تتصاعد بدءاً مع فشله في إيجاد اللقاح لمئات آلاف مواطنيه المصابين بالفيروس أو الحد من انتشاره على أقل تقدير، إلى عجزه عن توفير أجهزة التنفس للمرضى أو الكمامات للكادر الطبي، إلى تحصين جنوده من الوباء والإطاحة بقادته العسكريين الذين أظهروا الحقيقة المرة للرأي العام، وصولاً إلى حرب الكمامات، فإلى أين سيصل الحال بهذا الغرب الذي أصبح قاطعاً للطريق؟

waddahessa@gmail.com

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023