الأحد , 17 نوفمبر 2024
Breaking News

القضية الفلسطينية بين وفاء المقا_ومة وعمالة السلطة…بقلم محمد الرصافي المقداد

واهم كل من اعتقد أن توافقا سيتمّ بين السلطة الفلسطينية، بقيادة محمود عباس، وحركات المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها حماس والجهاد الاسلامي، وما قامت به الشقيقة الجزائر من أجل توحيد الصّف الفلسطيني، هي جهود صادقة، تأمل قيادتها من ورائها بلوغ ما عسُر على الفلسطينيين أنفسهم بلوغه، من اتّفاق في صالح قضيّتهم، ليس لأنهم رافضين مبدأ لتوحيد الصف، وما سيعطيه للقضية من بعد ملحميّ كبير، يزيد من قوّة ووحدة الصفّ الفلسطيني في مواجهة عدوّ خبيث شرس، بل لأن السلطة الفلسطينية – التي ترى قيادتها أنها صلب منظمة التحرير والممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني – حادت عن مسارها الذي تأسست من أجله، ومضت منذ زمن في مسار المساومة والتفريط في الحقوق، وأكثر من ذلك التعاون الأمني مع العدو الصهيوني، والذي لم ينقطع رغم اعتراضات شريحة واسعة من الشعب الفلسطيني، التي كانت تراه خيانة كبرى، كان آخره لقاء عباس برئيس حكومة العدو، بعد عودته من الجزائر، فضيحة سلطة عباس لم تعد خافية، ولا هو وسلطته يخجلون منها، فمباشرة بعد عودته إلى مقره برام الله، استقبل وزير الحرب الصهيوني(1)

ورأس اولويات الكيان الصهيوني التي يضعها وزراءها هو التعاون الأمني بينه وبين السلطة الفلسطينية التي ينحصر دورها الأساسي في ذلك التعاون التي تعلن ادارة عباس في رام الله بين الحين والآخر وقفه، بينما يقع تسريب من داخلها أنه لا يزال متواصلا ولم ينقطع، (فبعد يوم من إعلان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خلال خطاب ألقاه في اجتماع للجامعة العربية بالقاهرة بأن الفلسطينيين أبلغوا إسرائيل والولايات المتحدة أنه  لن تكون هناك علاقات معكم… بما في ذلك العلاقات الأمنية.. فيما أكّد مسؤول فلسطيني كبير يوم الأحد إن السلطة الفلسطينية لم توقف التعاون الأمني مع إسرائيل.) (2)

ومن لم يعي إلى اليوم، أن موافقة العدو الصهيوني على قيام السلطة الفلسطينية، كان مقدمة لمخطط خبيث لمنع تنامي مقاومة الشعب الفلسطيني داخل أراضي48، بمساعدة القوى الأمنية الصهيونية على كشف العناصر الفلسطينية المقاومة داخل الأراضي التي تديرها السلطة بقبضة أمنية لا تقل عنفا عن الكيان الصهيوني، وأساس قيام السلطة تقديم معلومات عن قيادات المقاومة إلى الجهات الأمنية الصهيونية، من أجل تصفيتها أو القبض عليها حسب مدى خطورتها، ومحمود عباس لم يعد يحرجه أن يلتقي بالمسؤولين والقادة الصهاينة في مقره برام الله أو في بيوتهم فسيّان عنده ذلك، والأمر أصبح طبيعيا وروتينيا(3).

القضية الفلسطينية ليست في باب المجاملة، حتى يستدعي الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون رئيس السلطة الفلسطينوصهيونية، أو بالأحرى الصهيوني محمود عباس، للتأليف بينه وبين اسماعيل هنية زعيم حماس، والرئيس الجزائري يدرك تماما أن محاولته مصيرها الفشل قبل أن تحصل، لاستحالة التقاء النقيضين، وشتان بين قائد ميداني لحركة مقاومة، آمنت بأنه لا سبيل لإزالة المظلمة عن الشعب الفلسطيني وتحرير أرضه، بغير سبيل المقاومة المسلحة، وبين رجل قد نصب همّه في الحفاظ على سلطة منحها له العدو، ليكون وشركاؤه عينا له على أحرار فلسطين ورجال مقاومته، فهل هي حجة أراد الرئيس الجزائري اقامتها على عباس وسلطته؟ أم هي مجرّد موقف دعائي قام به لغاية الردّ على التطبيع المغربي مع الكيان الصهيوني؟

الصراع والتنافس اليوم داخل السلطة على من سيخلف عباس على رأس سلطة العمالة هل سيواصل طريق التعاون الأمني مع العدوّ الصهيوني؟ أم سيكون له موقف آخر؟ وبحسب الأسماء المتنافسة يبدو جبريل رجوب الأقرب لنيل الكرسي من حسين الشيخ(4) رغم إصدار محمود عباس في السنة الماضية بشأنه مرسوما، يقضي بترقيته من رتبة لواء إلى رتبة فريق مع إحالته على التقاعد(5) ما يعني محاول إبعاده عن دائرة الفاعلية في السلطة، وكأنّ عباس لم يعد راغبا في الفريق جبريل رجوب، وعمل على ازاحته من موقعه في السلطة، صراعات شخصية فارغة من روح الوطنية، وحلبة تنافس على رقعة لم تزل منذ تأسست تمثل نقطة سوداء في تاريخ النضال الفلسطيني ووصمة عار لمنظمة التحرير ليس بمقدور من تورط فيها أن يخرج منها لثقل ملفه في العمالة للعدو ولن يغفر الشعب الفلسطيني كل من خانه سواء في الداخل أو في الخارج.

حركات المقاومة الفلسطينية بما فيها كتائب شهداء الأقصى وفتح الانتفاضة قد تلاحمت صفوف مقاتليها في صدّ الاعتداءات الصهيونية على قطاع غزة، مبرهنة بشكل عملي أنها لا تساوم في مبادئها وأهدافها، وترفض مسار التفاوض الذي انتهجته السلطة، ولا تعترف بسياساتها التي لا تعبر في شيء عن موقف الشعب الفلسطيني، الرافض لأي تعامل مع عدوه الغاصب.

خط السلطة أو خط التخاذل، لم يعد له أي شعبية تذكر، سوى القلة من الذين ربطوا مصيرهم بالعدوّ الصهيوني إذا ما أجلي بالقوة، سيرتحلون وراءه خوفا من المحاسبة، ولن يطول بنا الزّمن، حتى نرى هؤلاء المتخاذلين البائعين للقضية بالبخس من متاع حكم صوري، يعتبر مهزلة في تاريخ السلطات المعاصرة.

المصادر

1 – مباشرة بعد عودته من الجزائر. محمود عباس يجتمع بوزير الدفاع الإسرائيلي

https://rue20.com/619612.html

2 – بعد إعلان عباس عن قطع العلاقات، مسؤول يؤكد استمرارية التعاون الأمني مع إسرائيل

https://ar.timesofisrael.com/

3 – في زيارة نادرة ـ عباس يلتقي وزير الدفاع الإسرائيلي في منزله

https://amp-dw-com.cdn.ampproject.org/v/s/amp.dw.com/ar/ 9602835099

4 – صراع بين حسين الشيخ و جبريل الرجوب على خلافة محمود عباس

https://www.watan.com/2022/06/10/

5 – فلسطين.. ترقية اللواء جبريل الرجوب لرتبة فريق وإحالته على التقاعد

https://arabic.rt.com/middle_east/1217264-

Check Also

الردّ على جرائم الكيان قادم لا محالة…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم نعهد على ايران أن تخلف وعدا قطعته على نفسها أيّا كانت قيمته، السياسية أو …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024