الأحد , 24 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

الى “قيصر” المأزوم داخليا وخارجيا…بقلم الدكتور بهيج سكاكيني

العقوبات الجديدة التي فرضتها إدارة ترامب على سوريا وعلى كل من يتعامل مع دمشق بما يساعدها على القضاء على بقايا الارهاب التي ما زال جاثما على ارضها الطاهرة بمساعدة الشر والارهاب العالمي الذي تقوده الولايات المتحدة, لن يثني العزيمة السورية شعبا وجيشا وقيادة هذا الثالوث المقدس الذي لم يتراجع قيد انملة منذ بداية الازمة في مقاومة جحافل الارهاب الذي استحضر من أكثر من 80 دولة من اركان هذا الكون الفسيح في محاولة يائسة وبائسة وصرف اكثر من مئة مليار دولار من خزينة انصاف الرجال في الخليج من السعودية الى قطر والامارات وغيرها لاسقاط الدولة السورية وتركيع أهلها واستعباد البلاد والبشر. فشلت كل محاولاتهم في لي ذراع هذا البلد الصامد والذي سمي بحق القلب النابض للعروبة لانه وقف ولفترات ربما وحيدا قبل ان يلتف معه الحلفاء والاصدقاء ودعمه بكل الامكانيات الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية في المحافل الدولية  للدفاع عن ارضه والدفاع عن أنفسهم وأمنهم أيضا في نفس الوقت لان الهجمة على سوريا كانت تهدف الى السيطرة على المنطقة برمتها وجرها جر العبيد الى المظلة الصهيو-أمريكية ومخططاتها الاستراتيجية في المنطقة. ولم تترك القوى المعادية لسوريا الاقليمية والدولية مسارا في سبيل تحطيم سوريا الا واستخدمته سواء على النطاق الاقتصادي أو العسكري او الاعلامي او الدبلوماسي وقامت بإنفاق مئات ملايين الدولارات لخلق البلبلة والدعايات الكاذبة والفبركات الاعلامية وتصوير لقطات في الدوحة وغيرها من الدول التي اقيمت بها نماذج كرتونية عن اماكن في سوريا في محاولة لزعزعة ثقة الشعب السوري وبث الرعب والتأثير على المعنويات وإقيمت محطات للبث لنقل كل الاكاذيب من خلال تمثيليات فاقعة كما إتضح بعد ذلك. نقول هذا للذين قد تخونهم ذاكرتهم وللمصابين بالزهايمر السياسي واللذين كانوا وما زال البعض منهم يحملون الحقد على سوريا وشعبها من باب الفتن المذهبية المقيتة الذين كانوا وما زال البعض منهم يود ان تأتي تركيا لتحكم بلاد الشام ليتمكن الارهابي اردوغان من الصلاة في المسجد الاموي او أن يأتي الحريري الذي ربط عودته الى لبنان آنذاك بالعودة عن طريق مطار دمشق الدولي.

 نقول لهؤلاء جميعا وعلى رأسهم قائدة محور الشر والارهاب العالمي الولايات المتحدة والكيان الصهيوني والكيانات الكرتونية في الخليج التي وقفت وما زالت ضد محور المقاومة ان ما لم تحصلوا عليه بالحرب وبملياراتكم لن تتمكنوا من الحصول عليه بالعقوبات الجديدة القديمة. لم تفلحوا ولن تفلحوا فهذه العقوبات “الجديدة” كما يريد ان يطلق عليها البعض لن تؤخر او تقدم إنما ستزيد محور المقاومة واصدقائهم صلابة وصمودا ومزيد من الاعتماد على الذات والنهوض بالطاقات البشرية والامكانيات المحلية وهي كثيرة. وللتذكير ايضا لمن فقد الذاكرة التاريخية فإن سوريا قبل الحرب الجهنمية كانت تحت حصارا خانق وتمكنت من تحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد القطاعات لا بل وكانت تقوم بتصدير فائض القمح والدواء والخضار والفواكه وغيرها. هذا بالاضافة انه لم يكن لديها اية مديونية خارجية وخاصة لبنك الخراب والتدمير المسمى بصندوق النقد الدولي وربما هذا كان احد اسباب الهجمة على سوريا. ونذكر ايضا ان إيران خضعت ومنذ الثورة عام 1979 الى نظام عقوبات صارم ومدعوم من قبل مجلس الامن ولم ترفع بعض العقوبات عنها الا بعد عقود وعلى اثر توقيع المعاهدة بشأن برنامجها النووي مع الدول الست الكبرى عام 2015 . وبعدها إكتشف العالم القدرات الهائلة التي تمكنت إيران من بناءها وتطويرها طيلة فترة الحصار هذه القدرات التي أذهلت العديد من الخبراء في مجالات التكنولوجيا وغيرها. وللتذكير ايضا بكوبا هذا البلد ذو الامكانيات البسيطة حوصر أكثر من 60 عاما وما زال, ووضعت عليه اقصى العقوبات قام بتطوير قدراته الذاتية ولعب دورا كبيرا في امريكا اللاتينية وغيرها من البلدان. هذا البلد المحاصر قام بإرسال طواقم طبية لافريقيا لمكافحة مرض الا يبولا وغيره من الامراض الوبائية وهذا البلد المحاصر ارسل طواقم طبية الى اسبانيا وإيطاليا لمساعدة البلدين لمكافحة وباء فيروس الكورونا وهذا البلد قام بتطوير  دواء يخفف من حدة الاصابة بفيروس الكورونا ولكن ترامب بالطبع لا يمكن ان يعترف بذلك او يحصل الدواء من هذا البلد الذي ينضح بالانسانية وخدمتها. وترامب على استعداد ان يقتل عشرات الالف من الامريكيين على ان يأخذ الدواء من كوبا هذا البلد الصغير ذو الامكانيات المحدودة الا عندما تأتي لمساعدة الانسانية فهو أكبر بكثير من هذه الدولة المارقة وإدارتها.  والقصص تطول في هذا المجال, مجال التعدي على البلاد والخكومات والشركات والافراد وفرض عقوبات في بعض الاحيان تكون مضحكة للغاية كأخذ قرار بتجميد أموال وأصول لحزب الله في امريكا أو تجميد حسابات قياداته العسكرية والسياسية.

أصدقاء وحلفاء سوريا من الصين الى روسيا الى إيران الى حزب الله  لن يتأثروا من هذا القرار على الاطلاق لانهم بالاساس تحت عقوبات أمريكية أصلا ومنذ زمن قريب وبعيد. وربما الخاسر الاكبر من عقوبات “قيصر” هي لبنان هذا البلد التي كانت يتطلع اثرياءه ورجال أعماله وخاصة هؤلاء المرتبطين بقوى 14 أيار وتيار المستقبل على وجه التحديد من الاستفادة من برنامج إعمار سوريا وجعل لبنان بؤرة الوصل بين العالم الخارجي وسوريا. بعض رجال الاعمال اللبنانيين قد أقاموا شراكة وإتفاقيات مع شركات اوروبية على امل ان ينتفعوا من مشاريع إعادة في سوريا عندما تهدأ الاوضاع, كل هذه الترتيبات الان بالطبع ستذهب مع الريح. هذا الى جانب أن “القيصر” سيفاقم من الازمة الاقتصادية التي تعصف في لبنان والتي تهدد كيانه والامن السلمي به فخضوع الحكومة اللبناني للمشيئة الامريكية يعني ببساطة مزيد من الخنق الاقتصادي للبنان وخاصة وأن سوريا تشكل المعبر البري الوحيد للبضائع اللبنانية المصدرة خارج البلاد. الى جانب هذا ان الحكومة اللبنانية لا تستطيع ان تتخذ اية إجراءات ضد حزب الله الذي يشكل ثقلا وازنا وركيزة اساسية في المجتمع اللبناني. المستفيد الاكبر من هذه العقوبات هم من اراد ترامب توجيه العقوبات لهم وخاصة الصين وروسيا وإيران. فهذه الدول هي من ستساهم في إعادة إعمار ما دمرته الحرب الكونية على سوريا والذي فعلا قد بدأ ولو بشكل محدود لغاية الان. وسوريا شكلت وما زالت تشكل الرافعة الرئيسية لعودة روسيا بالاخص كقوة فاعلة في المنطقة وعلى الساحة العالمية. والساحة السورية لعبت دورا رئيسيا في خلخلة النظام العالمي الذي بني على نظام القطب الواحد منذ إنهيار الاتحاد السوفيات وتفكك جمهورياته في مطلع تسعينات القرن الماضي ولا يمكن لروسيا او الصين أن تتخلى عن سوريا بعد كل هذه السنوات لان لها مصلحة كبرى في البقاء مع سوريا. 

في النهاية نقول “للقيصر” المأزوم والمهزوم داخليا وخارجيا ما لم تناله دولتك بالحرب والعدوان بجميع اشكاله على سوريا منذ سنوات طويلة لن تناله بهذه العقوبات “الجديدة”.

 

شاهد أيضاً

لبنان والبطريريك الراعي…الوصول الى الحضيض!!…الدكتور بهيج حنا السكاكيني

نستطيع ان نتفهم ان يحن المستعمر ( (بكسر الميم ) الى ان يعود الى مستعمراته …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024