تنامي المقاومة في الضفة دليل على نجاح مشروع التحرير…بقلم محمد الرصافي المقداد

تنامي المقاومة في الضفة دليل على نجاح مشروع التحرير…بقلم محمد الرصافي المقداد

يتذكر المتابعون للشأن الفلسطيني جيدا، كلمات الإمام الخميني رضوان الله عليه، عندما عبر عن وعي الشعوب الإسلامية، وحركتها النضالية الإفتراضية تجاه القضية الفلسطينية بقوله: » لو أن جميع المسلمين اتحدوا، وصبَّ كل واحد منهم دلواً من الماء على إسرائيل، لجرفتها السيول «(1)

وبانتصار ثورة شعبه التي قادها، وجد الشعب الفلسطيني من النظام الإسلامي الذي أسسه بفكره المبارك، سندا غير محدود لقضيته العادلة، بحيث ظهرت آثارها جلية، بقيام حركات مقاومة إسلامية نشأت وتجذّرت، بعد أن كانت عناصرها حكرا على القوميين واليساريين، أمام ذلك التحول الجذري الذي طرأ على تعامل الفلسطينيين مع قضيتهم، بدأت أمريكا ودول الغرب وعملاءها من الدول العربية، بالدعوة إلى حل الدولتين، على أساس أنه الحل الوحيد الباقي، في إطار استنقاذ حلّ يرضي الطرفين .

دعوة إيران إلى مناصرة القضية الفلسطينية، والوقوف إلى جانب حركات مقاومتها، وجدت فقط في شرفاء هذه الأمّة آذانا صاغية، وأنّى للحكومات أن تستجيب لنداء نظام – أعلن هويّته الإسلامية- تحالفت ضده مع أمريكا، استجابت عمياء لظلمها بحقها، لذلك آمن النظام الإسلامي في إيران بمبادئه في عزة الإسلام والمسلمين، فواصل طريقه ثابتا مستمرّا في دعم إخوانه الفلسطينيين بمختلف أنواع الدّعم، ما حوّل مسار قضيتهم، من إطار تخاذلي كاد يذهب باستحقاقها، إلى إطار مقاومة تنامت وتطورت عناصرها، بحيث أصبحت تشكّل رقما يصعب محوه أو إضعافه.

وجاءت دعوة (الإمام الخامنئي) إلى تسليح عناصر المقاومة في الضفة، فأحدثت تحوّلا غير مسبوق في تاريخ فلسطين المعاصر، ومن قطاع غزة انتقلت المقاومة الفلسطينية إلى بقية الأراضي المحتلة، التي بدأ في الإعداد لها أبناؤه من قادة فيلق القدس، وفي طليعتهم الشهيد قاسم سليماني الذي أشرف بنفسه في تنفيذ مراحلها، وفي هذا الإطار صرّح القيادي في حركة حماس (محمود الزهار)، أنّ مواقف قائد الثورة الإسلامية في إيران سماحة (الإمام السيد علي الخامنئي) حيال القضية الفلسطينية، التي أكّد من خلالها على ضرورة تسليح الضفة الغربية، من أجل التصدي للإعتداءات الصهيونية، بأنها مواقف مبدئية، جاءت في سياق القيم التي تبنّتها إيران الإسلامية، من شأنها أن تدعم مشروع المقاومة.

وشدد القيادي البارز في حركة حماس، على حق المقاومة الفلسطينية المشروع، في امتلاك السلاح للدفاع عن كافة الأراضي المحتلة في فلسطين. وقال: إن ذلك يفسر ما أشار إليه قائد الثورة الإسلامية في إيران (آية الله السيد علي الخامنئي)، وتأكيد سماحته على ضرورة تسليح الضفة الغربية، رافضا في الوقت نفسه، أن يفسر هذا التصريح، بأنّ ايران الإسلامية ستقدم السلاح للضفة.(2)

منذ ذلك التاريخ بدأت مرحلة جديدة، في تاريخ النضال الفلسطيني المسلح في الضفة الغربية، ولم تعد المقاومة الفلسطينية حكرا على قطاع غزة، وهذا التطور والتحوّل النوعي الهام، جعل الصهاينة (يعترفون بشكل كامل بمواجهة انتفاضة، ذات صفات مختلفة ونتائج مذهلة، حيث إنّ الدوائر الأمنية الإسرائيلية لم تكن مستعدة لقبول تشكيل الإنتفاضة، إلا بعد فترة طويلة من اندلاعها، وبعد العمليات الإستشهادية للفلسطينيين، والتي وصلت إلى عمق الأراضي المحتلة، وبعد أن انتشرت الإنفجارات في مناطق وأماكن مختلفة، فقد ساهم توسع الإستيطان على نحو غير مسبوق، وانتهاكات الإحتلال في القدس، في زيادة التفاف الشباب الفلسطيني، والإلتحاق بالكتائب المقاومة، وأبرزها كتيبة “عرين الأسود”، كما عزّز هذا المسار إحصائيات سابقة، تعكس أرقاماً حقيقية لتنامي الفعل المقاوم، إذ سجلت إحصائية رصدت فيها عمليات المقاومة خلال العامين المنصرمين، ففي عام 2020 نفذت 29 عملية إطلاق نار، وفي عام 2021 نفذت 191 عملية، وهذه الأرقام تشكل هاجساً أمنياً للعدو المجرم.(3)

بالأمس شن الصهاينة عدوانا سافرا على مخيّم جنين، وتصدّت له المقاومة الفلسطينية بما لديها من إمكانات، وتمكنت من ردّه خائبا بعدما كانت اقتحاماته من قبلُ تتمّ بسهولة ودون مقاومة تستحقّ الذّكر، وأسفر الإعتداء الصهيوني عن ارتقاء عشرة شهداء إلى بارئهم مضرجين بدمائهم، في تعبير صارخ على مظلوميتهم، قُتل خمسة فلسطينيين، في إطلاق القوات الإسرائيلية صواريخ من مروحية، خلال غارة استهدفت مدينة جنين في الضفة الغربية.

وعن هذا العدوان قالت وزارة الصحة الفلسطينية، إن القوات الإسرائيلية، أصابت أكثر من 45 آخرين خلال هجوم عنيف على مدينة جنين. وقال الجيش الصهيوني إن الغارة كانت لملاحقة فلسطينيين “مطلوبين مشتبه بهم” في قيامهم بهجمات، وإن القوات تبادلت إطلاق النار مع مسلحين وأصابت العديد منهم. وأظهر مقطع مصور متداول على مواقع التواصل الاجتماعي وقوع انفجار لعربة مدرعة مع دوي طلقات نارية، كما أظهر مقطع آخر مروحية تابعة للجيش الصهيوني، على ما يبدو، تطلق صاروخا.(4)

واليوم نفّذ مقاومان فلسطينيين عملية فدائية في قلب مستوطنة عيلي ردّا على عدوان جنين، وجاء الردّ سريعا بما يؤكّد على أن الضفة أصبحت في مستوى الردّ السريع على أي عدوان يرتكبه الصهاينة فقد أكد مصدر طبي صهيوني الثلاثاء مقتل أربعة أشخاص واصابة أربعة آخرين في هجوم بإطلاق النار قرب مستوطنة صهيونية في الضفة الغربية المحتلة، وقالت خدمة إسعاف نجمة داوود الحمراء صهيونية في بيان، “تأكدت وفاة أربعة أشخاص، وهناك أربعة جرحى آخرين، أحدهم مصاب بجروح خطرة” في هجوم بإطلاق النار قرب مستوطنة عيلي في الضفة الغربية المحتلة. وقال الجيش الصهيوني إن القوات تبحث عن مسلح، بعد “تحييد” الآخر في مكان الحادث.(5)

هذا التحوّل الكبير والهام في مقاومة الشعب الفلسطيني نشأ عن وعي وقناعة فيه بأنه يجب أن يحمل قضيته ويتعامل معها بأسلوب يتناسب مع طموحه في تحرير أرضه، طالما أن هناك نظاما صادقا ووفيا يقف إلى جانبه بكل إمكاناته، ويحقّ لنا أن نتفاءل بغد أفضل لهذه القضية العادلة، ونفخر في نفس الوقت برجال فلسطين الأحرار، الذين لم يبخلوا بعرقهم ودمائهم وفاء لمشروع تحرير أرضهم الكبير.

المصادر

1 – فلسطين ومواجهة الصهيونية في فكر الإمام الخميني (قدس)

alalam.ir/news/1500289

2 – الزهار: دعوة الامام الخامنئي لتسليح الضفة الغربية تنطلق من مبادئ إيران الأساسية لدعم مشروع المقاومة https://alwelayah.net/post/print/32335

3 – تسليح الضفة الغربية .. الكيان الصهيوني في مأزق

https://www.taghribnews.com/ar/article/588804/

4 – مخيم جنين: مقتل خمسة فلسطينيين في هجوم بمروحيات إسرائيلية لملاحقة مطلوبين

https://www.bbc.com/arabic/middleeast-65949368

5 – مسلحان فلسطينيان يقتلان 4 إسرائيليين قرب مستوطنة بالضفة الغربية

https://www.france24.com/ar/20230620

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023