#الناشط_السياسي محمد إبراهمي |
إلى حد هذه اللحظة لا أحد يستطيع أن يجزم متى ستنتهي تداعيات أزمة كورونا، وهو ما يدفع الحكومة إلى النظر للأمام لمدة سنة على الأقل، ووضع بعض الخطوات الاستباقية والاحترازية أثناء مكافحة كوفيد-19 و اثناء الحجر الصحي و تحدياته الصحية و تداعياته مابعد الرفع التدريجي..
هذه المرحلة تقتضي وضع خطة استراتيجية كاملة و متكاملة ويتطلب حرص الدولة على الحفاظ على الاقتصاد، في ظل ما يشهده العالم من تداعيات فيروس كورونا، و ضروري ان تعمل بالتوازي في وقت واحد على الحرب على الجائحة ، والحفاظ على التوازن الإجتماعي و الإقتصادي..
فيما يتعلق بالملف الإجتماعي المطلوب من الدولة تعزيز الثقة فيما بينها وبين الشعب وتلبي المطالب الإجتماعية و توفر سبل العيش الكريم للفئات الضعيفة المجبرة على الحجر الصحي الشامل بسبب تداعيات أزمة كورونا ، وبلا شك ستكون لهذه الجائحة تداعيات على المجالات الاجتماعية التي بدأت ملامحها تظهر يوما بعد يوم، نظرا للأزمة الاقتصادية التي ستعرفها جل القطاعات وبالتالي ستأثر سلبا على الجانب الإجتماعي و هي مسألة في غاية الأهمية تتطلب معالجة جذرية و دقيقة و خصوصا بضرورة الرفع التدريجي للحجر الصحي مما يؤدي لفتح و عودة الإقتصاد و السماح لبعض القطاعات بالعودة إلى العمل والنشاط تدريجيا و بصيفة دقيقة و في غاية الأهمية لكي لا يكون كل مابنيناه يذهب أدراج الرياح و تكون العواقب وخيمة..
وفيما يتعلق بالجانب الاقتصادي وهوالاخطر ، فالمطلوب من الحكومة انتهاج سياسة قائمة اولا على وقف النزيف الذي يتم من خلال الفساد ووقفه وعدم زيادة العبء على المواطنين التائهين بين مطرقة كورونا و سندان الحجر الصحي لأن محاربة الفساد لا يقل خطورة عن محاربة الفيروس و لابد من وضع خارطة طريق أثناء مجابهة الجائحة و اهمها مسألة الرفع التدريجي للحجر الصحي بما يسهل لعودة نسق الحياة بصيفة مدروسة و في غاية الأهمية لإنجاح المرحلة المقبلة واستعادة الحياة الطبيعية دون أضرار صحية و لتقليص الضغط الإجتماعي و الإقتصادي و في نفس الوقت حماية أرواح المواطنين..
في مايتعلق بالملف السياسي المهمة الرئيسية للحكومة هي الاصلاح السياسي وهذه المهمة بحاجة الى اناس يملكون رؤية متكاملة عن الاصلاح وألياته لتستطيع التصدي لكل الأزمات العالقة و التداعيات التي سببتها جائحة كورونا.. في هذا الظرف الإستثنائي التعيينات الأخيرة في حكومة الفخفاخ أثارت جدلا واسعا من مختلف الأطياف السياسية و المجتمعية قد يراها البعض مجرد ترضيات حزبية ضيقة ، البعض الآخر يراها توسيع الحزام السياسي ودعم لتركيبة الحكومة.. أرى من ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﺮﺋﻴﺲ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻣﺴﺘﺸﺎﺭﻭﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺰﺍﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺻﻮت ﻟﻪ، ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﻲ ﺃﻥ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻜﻔﺎﺀﺍﺕ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﻣﺘﺤﺰﺑﺔ ﻟﻬﺎ ﺩﺭﺍﻳﺔ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺍﻹﺩﺍﺭﻱ ﻭﺑﺪﻭﺍﻟﻴﺐ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻟﻤﻌﺎﺿﺪﺗﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﻴﻮﻣﻲ نظرا ﻭﺃﻥ ﺗﻮﻧﺲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺗﻌﻴﺶ ﺃﺯﻣﺔ ﺻﺤﻴﺔ ﻭﺍﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮﻗﺔ، ﻭﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﻲ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺘﻌﻴﻴﻦ ﺍﻻﺳﺘﺸﺎﺭﻱ ﻣﺒﻨﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻄﻖ ﺍﻟﻐﻨﺎﺋﻤﻴﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻭﺗﻘﺎﺳﻢ ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ ﻟﻤﺮﺍﻛﺰ ﺍﻟﻨﻔﻮﺫ ﻭﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ و هذا ما لا نتمناه .. بالتالي في هذه الفترة الدقيقة والحساسة لابد ان يكون الطاقم الحكومي الجديد يختلف عن سابقيه، نظرا لأهمية الظرف الإستثنائي الذي تمر به البلاد من ازمات مختلفة ، بل بدون تهويل الوضع صعب جدا بسبب هذه الأزمة الوبائية و المشكلات الإجتماعية و الاقتصادية ستتعمق و تتطلب تضافر جهود كل القوى السياسية و المجتمعية لتعبر تونس لشاطئ الأمان و هذا يحتاج لكفاءات ووحدة وطنية صماء لانه وضع فعلا صعب ولا مجال للخطأ… الشعب ينتظر اجراءات محددة وواضحة تطمئنهم في موضوع مكافحة جائحة كورونا و هذا يعتبر التحدي الاكبر الذي تواجهه تونس حاليا إضافة إلى التحدي الإجتماعي الذي يأثر سلبا على الازمة الاقتصادية المعيشية والغلاء والتضخم في زمن الحرب على جائحة كورونا و مابعدها..
في الحقيقة لست متشائما ولست متفائل بل انا متمني ومتأمل من حكومة قوية تقاوم الفساد وتفتح الباب للمحاسبة للأمام لا للوراء.. البلاد في حالة حرب معلنة غير مسبوقة و غير متوقعة على فيروس كورونا في ظل ان الوضع الإقتصادي يشتد تأزما و البلاد لم تعد تحتمل المزيد من الأزمات و ينبغي على الطبقة السياسية الإلتفاف حول مسار مجابهة الجائحة بعيدا عن التجاذبات و المحاصصة السياسية و الحزبية ، و نأمل ان لا يكون هناك ما يسمى ب قوى الشر هدفها تعطيل عمل و أداء حكومة الفخفاخ بسياسة الجذب للوراء و تقزيم دورها لتصفية حسابات سياسية و تبقى البلاد رهينة التجاذبات و الإنتهازية و المراهقة السياسية وتعود حليمة لعادتها القديمة٠٠ البلاد تحتاج لوحدة وطنية و نكران الذات و الابتعاد عن الحسابات الضيقة و الصراع السياسي لان البلاد تغرق وسط الكم الهائل من الأزمات .. و الشعب سئم الوعود و نقض العهود من الحكومات السابقة و الوضع اليوم يختلف عن السابق بكل المقاييس من الناحية الإقتصادية و الإجتماعية و الصحية جراء أزمة كورونا و بالتالي الحكومة أمام تحديات لا تحسد عليها..
مخطئ من يعتقد ان الوضع تحت السيطرة في ظل إستهتار البعض بمخاطر هذه الأزمة رغم وجود ما يفيد ان هناك بوادر إنفراج، لابد أن نظل نحارب إلى آخر رمق للخروج من هذه الحرب بأخف الأضرار لانه لا يمكن ان نتحدث عن فترة كورونا فقط بل ضروري الإستعداد لفترة مابعد كوفيد-19 و اثاره الإقتصادية و الإجتماعية.. وكل هذه النجاحات لا يمكن إجراؤها إلا إذا توفرت الإرادة السياسية للإقدام على ذلك في كنف المصالحة الشاملة من أجل الوحدة الوطنية والأمل في مستقبل أفضل لتأمين العيش الكريم لكافة أطياف المجتمع و التأسيس لمرحلة جديدة لأن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية و الصحية في الوقت الراهن هي احوج الى الاصلاح من اي وقت مضى بسبب تداعيات جائحة كورونا الأشد فتكا بالبشرية..
ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ تعيشها تونس ﻫﻲ ﺃﺯﻣﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑﺎﻷﺳﺎﺱ ﻭﻟﻴﺴﺖ ﺃﺯﻣﺔ ﺍﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ و إجتماعية فحسب و إذا تم التكاتف و التوافق و حلحلة ﺍﻷﺯﻣﺔ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ سيساﻫﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻓﻲ ﺣﻞ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺍﻷﺯﻣﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ …