الأحد , 22 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

تونس والإتحاد الأوروبي.. سمات وأبعاد الشراكة الاستراتيجية الشاملة…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

تعد العلاقات بين تونس والاتحاد الأوروبي من أهم الشراكات الاقتصادية والسياسية في المنطقة، وتشكل تونس جسرًا بين القارتين الأوروبية والإفريقية، وفي إطار الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وقعت تونس يوم الأحد 16 جويلية 2023 مذكرة تفاهم بين تونس والاتحاد الأوروبي لإرساء “شراكة استراتيجية وشاملة” في التنمية والطاقات المتجدّدة ومكافحة الهجرة غير النظامية، تهدف مذكرة التفاهم بين تونس والاتحاد الأوروبي إلى توطيد هذه العلاقات وتعزيزها من خلال إرساء شراكة استراتيجية وشاملة، تركز على التنمية الاقتصادية المستدامة واستغلال الطاقات المتجددة، ومكافحة الهجرة غير النظامية، و قد تساهم هذه الشراكة في تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الاستقرار في المنطقة.

تُعتبر الهجرة غير النظامية من أبرز التحديات التي تواجهها دول الاتحاد الأوروبي ودول شمال إفريقيا، وتونس لا تستثني من هذا التحدي. يسلط هذا المقال الضوء على الاتفاقية بين تونس والاتحاد الأوروبي للشراكة الاستراتيجية الشاملة، والتي تهدف إلى مكافحة الهجرة غير النظامية الأفريقية وتحقيق التنمية المستدامة في البلاد..

المجال الأول: التنمية الاقتصادية المستدامة؛
تعد التنمية الاقتصادية أحد أهم الأولويات لكلا الجانبين، حيث تسعى تونس إلى تعزيز نموها الاقتصادي وتحسين فرص العمل، ويمكن أن يكون الاتحاد الأوروبي شريكًا استراتيجيًا مساندًا في هذا المجال، و يمكن أن يقدم الاتحاد الأوروبي الدعم التقني والمالي لتعزيز البنية التحتية والصناعات الواعدة في تونس، وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي من خلال تحسين مناخ الاستثمار وتنمية القطاعات الاقتصادية الحيوية، يمكن أن تتحقق التنمية الشاملة والمستدامة في البلاد.

المجال الثاني: استغلال الطاقات المتجددة؛
تواجه تونس والعديد من دول العالم تحديات كبيرة في مجال الطاقة، ومن أجل تحقيق الاستدامة البيئية والاقتصادية، ينبغي تركيز الجهود على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة من خلال استغلال الطاقات المتجددة، يمتلك الاتحاد الأوروبي خبرة هائلة في هذا المجال، ويمكنه تبادل التكنولوجيا والمعرفة مع تونس لتطوير مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح، يُمكن للشراكة في هذا المجال أن تسهم في تحسين إمدادات الطاقة وتقليل الاعتماد على المصادر التقليدية والمساهمة في مكافحة التغير المناخي.

المجال الثالث: مكافحة الهجرة غير النظامية؛
تعد مكافحة الهجرة غير النظامية قضية ملحة تواجهها دول الاتحاد الأوروبي وتونس على حد سواء، يُعد التعاون القوي بين الطرفين في هذا الصدد أمرًا ضروريًا للتصدي لهذه التحديات، من خلال تعزيز التعاون الأمني وتبادل المعلومات، يُمكن للجانبين العمل سويًا على منع تدفق الهجرة غير النظامية ومكافحة الاتجار بالبشر، ومكافحة الهجرة غير النظامية وذلك بتأكيد موقف تونس كونها ليست بلد إيواء للمهاجرين غير النظاميين، وعلى الجانب الأوروبي توفير الدعم المالي لمكافحة الشبكات الإجرامية لمهربي المهاجرين وتهريب البشر وإرجاع المهاجرين غير النظاميين الموجودين في تونس إلى بلدانهم الأصلية..

الفوائد المترتبة عن الاتفاقية:
توفر هذه الاتفاقية لتونس فرصة للوصول إلى دعم مالي وتقني من الاتحاد الأوروبي، مما سيساهم في تعزيز قدرتها على التصدي للهجرة غير النظامية، كما ستعزز هذه الاتفاقية التعاون الأمني والمؤسساتي بين الجانبين ، وتعزز الاستثمارات الأوروبية في تونس، مما يعزز من فرص التنمية الاقتصادية.. ندرك جيدا أنه عندما يتعلق الأمر بمثل هذه الاتفاقات تغيب العاطفة وتحضر قوى الحكمة والقرار الصائب الذي يجعل كل طرف يبحث عن دعم وحماية مصالحه بإعتماد كل الطرق المتاحة من الدبلوماسية الناعمة الى الديبلوماسية الحاسمة و تبقى مذكرة التفاهم بين تونس والاتحاد الأوروبي مقبولة وتتضمن عديد النقاط التي يمكن توظيفها لفائدة تونس، ولا شك أن المرحلة الصعبة هي مرحلة التفاوض حول الاتفاقيات التي ستمنح هذه المذكرة قوة التنفيذ على أرض الواقع…وأرى أنَّ هذه الاتفاقيات يجب أن يتبعها التنفيذ والتطبيق الفعلي بل ومُتابعة دقيقة ووضع خط زمني لتفعيلها..

اعتقد ان مذكرة التفاهم ستفتح مجالات أرحب للتعاون والتنسيق بين تونس والاتحاد الأوروبي ، والعمل على ترجمتها وتطبيقها على أرض الواقع، يُعتبر ترجمة حقيقية لإرادتهما في تنسيق الجهود وتفعيل التعاون القائم لخدمة مصالح كلا الجانبين ، كما تمثل المذكرة خطوة تاريخية مهمّة و متقدمة تمهد لمرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية التي سيكون لها أثرها المباشر على جهود الجانبين في تحقيق التنمية الإقتصادية المستدامة واستغلال الطاقات المتجددة ،ومكافحة الهجرة غير النظامية ، وتعزيز الاستقرار الإقليمي ، و أرى أن لكل طرف نقاط وزاوية استفادة، فتونس تفجرت أمامها ظاهرة الهجرة غير النظامية وهي لا تقدر على مقاومتها بمفردها، تزامنا مع أزمتها الاقتصادية والاجتماعية والمالية، و أوروبا كذلك متضررة من ظاهرة الهجرة عبر تونس، و أرى أن هذه الاتفاقية تستجيب إلى تطلعات الجانب التونسي والأوروبي، إن كان في المعالجة المشتركة لملف الهجرة الذي يؤرق الجانبين أو الإكراهات المالية والاقتصادية التي تواجهها تونس ، وبرأيي تونس المستفيد الأكبر، إن تم تفعيلها و تجسيدها على أرض الواقع..

 

شاهد أيضاً

القضية الفلسطينية.. بين الصمت والتآمر والتضليل!!…بقلم الناشط السياسي محمد البراهمي

يرى كثيرون ان أصل الشرور في الشرق الاوسط في المائة سنة الاخيرة هو (اغتصاب فلسطين) …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024