1.1
البؤسُ لابنِ الشَّعبِ يأكلُ قلبَه
والمجدُ والإثراءُ للأغرابِ
والشَّعب مَعصوبُ الجفونِ مُقَسَّمٌ
كالشّاة بَيْنَ الذّئب والقَصَّابِ
والحقُّ مَقطوعُ اللّسان مُكَبَّلٌ
والظَّلمُ يمرح مُذْهَبَ الجِلبابِ
هذا قليلٌ من حياةٍ مُرّة
في دولة الأنْصابِ والألقابِ
(أبو القاسم الشابي)
- 2. حافظ نويرة مهنته الصيد التقليدي، ليس له رأس مال سوى سفينة شراعية صغيرة، يصطاد بها السمك الأبيض، ولا يستطيع برأس ماله أن يقتحم لُجَح البحر لكي يصطاد السمك الأزرق.
لا يمكننا مطلقا أن نجد إسمه في غوغل ولا في الفيس البوك أو قنوات التلفزيون، فهو نكرة ككثير من نكرات الشعب التونسي. عالَمُه هو هذه البحيرة الصغيرة: «بْحيرة خْنيس» المهدّدة برأسمالية التربية السمكية والديوان الوطني للتطهير…
إلياس الفخفاخ مهندس ومقاول وصاحب رأس مالٍ ضخم جدّا، ومدبّر لأصحاب رؤوس أموال أجانب كِبار جدّا. وله إسم في ويكيبيديا، وهناك مئات الصفحات والمواقع الافتراضية التي تتناوله.
- يوم 28/07/2020 لم يجد حافظ نويرة سفينته. ووجدها حرسنا البحري في مكان غير بعيد عن مرسى الحنشية (طبلبة-تونس). كان من الواضح أنها ربما سُرقت، مِنْ قِبل «حرَّاقة»، ولسبب ما تخلصوا منها. «قبض» حرسنا البحري على السفينة المسكينة، التي لا تصلح للذهاب إلى بُنْتِلاّريا ولا إلى صقلية، ولا لجَمْع عدد «مُغْرٍ» من الحارقين بالنسبة إلى منظمي الحَرْقات. لقد اعتقل حرسنا البحري من12يومًا، لكي يُعَاين الجريمة أكثر، ولا يهم إن كان هذا الرجل الفقير، ذو العدد الهام من الأطفال الذين يعولهم، علاوة على زوجته وأمه، إن كان سيموت وعائلته جوعًا، أو- لا قدّر الله- أن يفكروا في وسائل عمل غير(…….. ). وقد تعلل حرسنا البحري بأن وضعية هذه السفينة التقليدية الصغيرة «غير مسوَّاة»ـ في حين أن سلطتنا لم تسوّ وضعية حوالي 3000 سفينة تقليدية، فلماذا كان هذا اليوم بالذات عقاب الجميع في شخص حافظ؟!! فحافظ نويرة «متهم حتى تثبت براءته».
على عكس ذلك، كان إلياس الفخفاخ، «متهمًّا حتى تثبت إدانته»، وأغلب الظن أنه ستثبت «براءته».
الفخفاخ متهم بـ«الإثراء غير المشروع»، و«لا علم له بقانون مكافحة الإثراء غير المشروع» و«استغلال الموقع السياسي لإدارة شركة» وله «23 من الأسهم في شركة تنشط مع الدولة». ولكن السلطة القضائية والشُّرطية لم تُوقِف له تعاقدًا أو نشاطًا، ولم تُغلِق له وقتيا مقاولةً، ولم تجمِّد له أسهمًا ولا أرصدة في البنك، فهو «متهم حتى تثبت إدانته». ولم يكن له مشكل في تعامل وزير الصناعة مع نائب في البرلمان أثناء الحجر الصحي لتوفير بعض مستلزمات الوقاية، قائلا: «وزير الصناعة اجتهد». فذلك ليس تسترا على الفساد. (راجع مقال رأينا: «دولة القانون هي التي يجب أن تدير الحرب على الوباء»).
ولم يكن ذلك ليجعل إلياس الفخفاخ يُقال من مَنصبه. ولا أن تُحتَجَز سفينة حكومته الغارقة في تلوث بحر الفساد وعدم الكفاءة وانعدام المشروع التغييري الثوري وغياب الأفق العَدَالي- الشعبي- السيادي…
- حافظ نويرة له الله العَدْل، الجبَّار المنتقم، المُقْسط.
إلياس الفخفاخ لن تدوم له (ولا لغيره) قوته الفرعونية، لأن إله الجمال ليس معه.
لنستمع إلى نبوءة أبي القاسم الشابي:
لستَ أَبْكي لعَسْفِ ليلٍ طويلٍ
أَوْ لرَبْعٍ غَدَا العَفَاءُ مَرَاحَهْ
إنَّما عَبْرَتي لخَطْبِ ثَقيلٍ قَدْ عَرَانا ولمْ نَجِدْ مَن أَزاحَهْ
كلَّما قامَ في البلادِ خَطيبٌ
مُوقِظٌ شعبَهُ يُريدُ صَلاحَهْ
أَلْبَسوا رُوحَهُ قَميصَ اضْطِهادٍ
فاتِكٍ شائِكٍ يَرُدُّ جَمَاحَهْ