تشير كل التقديرات والتوقعات إلى أن الأوضاع في منطقة الخليج تتجه إلى مزيد من التصعيد والتوتر وعدم الاستقرار, وإلى ارتفاع منسوب التحدي والتحدي المضاد لما يسميه المحللون حرب الناقلات النفطية, وعلى هذا النحو وفي ظل مبدأ اللا وجود لأي شكل من أشكال الحروب العسكرية أو المواجهات الساخنة, فإن هذه الأوضاع ستدخل مرحلة الاستعصاء أو إطالة أمد التوتر إلى حين الاقتناع وبالكامل من الدول الغربية الأوروبية والولايات المتحدة بأنه لا يمكن أبداً مهما كانت الضغوط وعمليات الترهيب والترغيب إخضاع إيران لسياسة مارقة وحمقاء, بدأت أول ما بدأت بالانسحاب الأحادي الجانب للولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني, وأعقب ذلك فرض أمريكا عقوبات حتى على الدول التي تتعامل مع إيران بعلاقات اقتصادية أو تجارية.
لقد أكدت إيران مراراً وهو ما شكّل رادعاً قوياً للولايات المتحدة أنه إذا لم تستطع أن تصدّر نفطها فلا أحد سيقوم بعملية التصدير هذه من مضيق هرمز, ولاسيما أن هذا المضيق خاضع للحماية الإيرانية, وإذا كان هناك من أسباب أو دوافع لتوسيع نطاق هذه الحماية، فإن ذلك من مسؤولية الدول التي تطل على المضيق، ولا يمكن لأحد سواء الولايات المتحدة أو الدول الغربية الأوروبية أن تستبيح أو تخترق هذه المسؤولية، وواضح جداً أن بريطانيا التي بدأت بقرصنة ناقلة نفط إيرانية في مضيق جبل طارق، وبعد احتجاز إيران لناقلة النفط البريطانية في مضيق هرمز، بدأت بريطانيا بتعديل موقفها بحيث تكون هناك مقايضة للإفراج عن الناقلتين، بمعنى ناقلة بناقلة، وحمّلت لندن وسطاء رسائل إلى إيران بأن تبادر للإفراج عن الناقلة البريطانية ليعقبها بساعات قليلة الإفراج عن ناقلة النفط الإيرانية في مضيق جبل طارق، ولتثبيت قوة الموقف الإيراني حيال ذلك، أكدت طهران أن المقايضة أو المعاملة بالمثل تتم في الساعة ذاتها من دون تقديم أو تأخير.
ذلك يكشف أن مثل تلك المساعي إذا ما ترجمت كوقائع على المضيقين يمكن انتهاج مسار القانون الدولي فيما يتعلق بالممرات والمضائق المائية وفق القواعد القانونية المسلم بها، وهو الأمر الذي يفتح طريقاً أو أفقاً لتخفيف حدة التوتر أو سخونة الأوضاع في الخليج.