بقلم صلاح المصري |
لم يكن القرار الأمريكي المتعلق بضم الحرس الثوري الإيراني إلى قائمة المنظمات الإرهابية مفاجأة لكل متابع للصراع الدائر في المنطقة،لكن يبقى السؤال عن أفاق القرار و مدى الجدية في تفعيله و كيف ستتعامل بقية الدول الأوربية و غيرها مع القرار ؟
1-ماذا يمكننا أن نعرف عن الحرس الثوري؟
هي منظمة عسكرية نشأت بعد إنتصار الثورة الإسلامية في إيران وهي رديف للجيش الإيراني تعتبر نفسها مسؤولة عن الدفاع على الثورة ضد جميع المخاطر التي تتهددها،و شاركت بقوة في جميع الحروب التي خاضتها إيران طيلة العقود الماضية.قام الإمام الخميني بتاسيسه في ماي 1979،بعد أشهر قليلة من إنتصار الثورة ليصبح بعد ذلك منظمة دستورية و كبيرة تجمع بين القوات البرية و البحرية و الجوية و جهاز استخبارات خاص بها و بلغ عدد عناصرها في حدود 150000 عنصر،كما يملك الحرس نفوذا اقتصاديا يتعاظم مع السنوات،كما يشرف الحرس الثوري على منظمة التعبئة (البسيج)والتي يشارك فيها ملايين الإيرانيين من مختلف الفئات و المناطق،
و رغم أن الحرس الثوري قام بدوربارز في تأسيس حزب الله اللبناني و تدريبه منذ سنة 1982 و في تقديم الدعم الكامل لفصائل المقاومة الفلسطينية و دوره في دعم المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمريكي فإن الدور الذي قام به في مواجهة الإرهاب التكفيري الداعشي في سوريا و العراق هو الذي وضعه في واجهة الأهتمام العالمي و نقله ليصبح القوة العسكرية و الإستراتيجية الأبرز في المنطقة، فقد اختارت قيادته الظهور القوي و الإعلان عن نفسها طرفا موازيا للقيادة السياسية الإيرانية.
و يمكن اعتبار هذه الخطة الجديدة في إدارة الصراع أحد الأسباب المهمة في التصنيف الأمريكي.
2- في عمق المواجهة و أبعادها الرمزية.
يمكن اعتبار فيلق القدس الذي يقوده اللواء قاسم سليماني هو العدو الميداني للقوات الأمريكية و الصهيونية المنتشرة في منطقة غرب آسيا و وسطها،من أفغانستان إلى فلسطين مرورا بلبنان و سوريا و العراق و اليمن،و هذه المنازلة العسكرية تعود إلى العمليات الاستشهادية الأولى في لبنان ضد السفارة الأمريكية و ضد قوات المارينز و ضد جيش الإحتلال الصهيوني،فعملية تفجير مقر المارينز الأمريكي في بيروت بتاريخ 23 أكتوبر 1983و سببت مقتل 241 جندي أمريكي و 58 فرنسي و كانت أخطر عملية استهداف للمصالح الأمريكية في تاريخ المنطقة و قبلها كان تفجير السفارة الأمريكية بتاريخ 18 أفريل 1983 و التي سببت مقتل 63 منهم 8 عناصر من الاستخبارات و سبقتها عملية أحمد قصير فاتح عهد الاستشهاديين التي تمت في 11 نوفمبر 1982و كانت ضد مقر الحاكم العسكري الصهيوني في صور وكانت محصلتها 74 بين ضابط و جندي صهيوني،و مازالت في ذاكرة الجيش الصهيوني على أنها أسوأ لحظات عاشها الجيش في تاريخه.
و جميع عمليات المقاومة الوطنية اللبنانية إقليميا في حساب هذه المنظمة ( حرس الثورة الإسلامية ) و توسعت جغرافيا المنازلة الميدانية بعد ذلك في العراق حيث بقي الأمر غير معلن لكن الأمريكان يعرفون جيدا عدوهم و يعرفون جيدا الجهة التي قدمت الدعم الكامل للمقاومة العراقية،و يعرفون حجم الدعم الذي قدمه فيلق القدس إلى المقاومة الفلسطينية تدريبا و تسليحا إلى الحد الذي جعل المقاومة في فلسطين تصبح تهديدا حقيقيا على وجود الكيان الصهيوني،
و اذا فحصت الجيوش الأمريكية مشاكلها و بحثت عن الجهة تقف وراء جميع قتلاها فستجد أمامها دائما الحرس الثوري،وهو ما يجعل الحساب مفتوحا بين القوتين.
3-كلما حفر الأمريكان جبا يضطرهم الحرس الثوري للسقوط فيه:
بعد مواجهات مباشرة فاشلة في لبنان و أفغانستان و العراق،اختار الأمريكان تصنيع الإرهاب التكفيري باعتباره المضاد الحيوي المناسب للحرس الثوري و جماعاته الممتدة،حيث في رؤيتهم أنه يجب أن يكون المجاهد الداعشي في مواجهة المجاهد الثوري،و أن القوة الإعلامية الأمريكية و حلفاءها الدوليين و المحليين سيساعدون هذا السرطان حتى يشعل النار في بيئة المقاومة و يتمكنوا من إلحاق الهزيمة الكاملة بهذا الخط الممتد.
و لكن جميع ما خططوا له أجهز عليه محور المقاومة و في القلب منه الحرس الثوري الذي قدم قافلة كبيرة من الشهداء روت أرض سوريا و العراق و منعت أحد أكبر مشروع امريكي صهيوني اجتاح منطقتنا، و قد تقدمهم قرابة 70 جنرالا و ضابطا رفيعا بما فيهم مساعدين للواء قاسم سليماني و قادة في الحرس : الجنرال حسين همداني و العميد محمد رضا حسيني و الجنرال حميد تقوي و الجنرال حسين بادبا و الجنرال محمدعلي الله دادي الذي استشهد مع جهاد عماد مغنية في قصف قام به الطيران الصهيونى.
الوسومالحرس الثوري صلاح المصري
شاهد أيضاً
حرب من ضدّ من !؟
حين تسارع “محميات” الخليج، التي تنتشر على أراضيها وفي موانئها عشرات القواعد العسكرية الأمريكية والبريطانية …