حقيقة الدبيبة وعدم كفاءة حكومة الوحدة الوطنية

حقيقة الدبيبة وعدم كفاءة حكومة الوحدة الوطنية

بقلم: نداء حرب |

طال انتظار الليبيين سنوات للوصول الى الاستقرار وفرض هيمنة وسيادة الدولة والقانون على الأراضي الليبية و انهاء عصر الخلافات و انشقاق الصف الداخلي المسبب للازمات المفتعلة لاستغلال المناصب، وتحقيق أطماع دول أجنبية في استغلال ثروات وخيرات ليبيا من أجل اجراء الانتخابات في موعدها المحدد في 24 ديسمبر /كانون الأول الجاري.
ولذلك يتنامى الشعور لدى مختلف اطياف الشعب الليبي بعدم قدرة حكومة الوحدة الوطينة على تحقيق الأهداف و المهام الملقاة على عاتقها ووضع حد لهيمنة المليشيات المسلحة على البلاد التي تقوم بترويع المواطنين واستقدام المرتزقة و التبعية لتدخلات اجنبية و أطراف عديدة من الخارج. كل ما يجري على أرض الواقع يؤكد أن المشاكل الاساسية مثل فتح الطريق الساحلي بين سرت و مصراته و توحيد المؤسسات و كبح التدخل التركي، تبقى من دون حل يذكر.
وقد أعرب المبعوث الأممي يان كوبيش الى ليبيا عن أسفه في اجتماع مجلس الأمن لعدم الغاء الاتفاقيات العسكرية التي أبرمتها حكومة الوفاق مع تركيا من خلال قيامها بالتوجه الى أنقرة و توقيع اتفاقيات من شأنها تعزيز وجود تركيا في طرابلس.
اطلاق الدبيبة التصريحات حول توحيد حوالي 80 بالمئة من مؤسسات الدولة اللبيبة، في حين يتجاهل المؤسسات العسكرية و أفعاله المتضادة يثبت عكس ذلك، و يؤكد هذا تهربه من لقاء القائد العام للجيش الوطني الليبي خليفة حفتر في بنغازي الذي اكد على ضرورة خروج جميع المرتزقة الأجانب لدعم عجلة الأمن و الاستقرار في البلاد لتصبح الدولة قادرة على اجراء الانتخابات الرئاسية المنتظرة في موعدها بعد مرور عشرة سنوات من عدم الاستقرار و الانقسام.
إن اختيار عبد الحميد الدبيبة رئيساً للوزراء أمر مثير للجدل لعدم خبرته السياسية، وعلى الرغم انه من رجال الاعمال المهمين من مصراته الا أن فوزه لم يكن متوقعاً وهذا ما نراه في الواقع بدءًا من البذخ في اعطاء المناصب و تعيين الميليشاوي وكيلا في الوزارة لارضاء نواب في لبرلمان لضمان تصويتهم للميزانية و ارضاء الميليشات المعارضة للوزيرة الخارجية نجلاء المنقوش ردا على تصريحاتها المطالبة بانهاء اتفاقيات تواجد القوات الاجنبية و في مقدمتها التواجد التركي بتعيين أحد قادتهم وكيل لها.
ويعاني معظم الشعب الليبي من نقص حاد في السيولة و قطاع الخدمات و البنية التحتية وعزم الدبيبة على منح تونس قرض بقيمة 4 مليار دولار اعترض عليه الكثيرون. واستغرب رجل الاعمال اسماعيل الشتيوي تصريحات الدبيبة بقوله أن الشعب الليبي لا يعترض على منح ضعف المبلغ الى دولة تونس الشقيقة رغم ان الليبيين في اشد حاجة لهذا المبلغ. و لذلك اصبح من شبه المؤكد أن حكومة الوحدة الوطنية نسخة جديدة من حكومة الوفاق السابقة وغير قادرة على تحقيق طموحات الشعب الليبي في تحقيق الأمن و الأمان و رخاء العيش و خلق بيئة مناسبة لاجراء الانتخابات في موعدها المحدد.

لا أفق للحل في ليبيا في ظل تواجد الميليشيات المسلحة

برأي العديد من المحللين السياسيين، تلوح في الأفق الليبي بوادر حرب جديدة، إذا عجزت حكومة الوحدة الوطنية الجديدة عن تنفيذ الإستحقاق الإنتخابي في موعده أواخر العام الجاري. حيث أن الأزمة الليبية مزمنة، وتفاقمت مع استباحة أراضيها من قبل القوات الأجنبية التركية ومرتزقتها، والأكثر من ذلك أنها أصبحت منطقة جذب للجماعات الإرهابية. فتركيا استقدمت أكثر من 20 ألف إرهابي من شمالي سوريا إلى ليبيا لمواجهة الجيش الوطني الليبي، ومصير هؤلاء المرتزقة مجهول عند تحقيق مصالحة شاملة بين الأطراف المتنازعة في ليبيا.
وقد أوضح المحلل السياسي الليبي محمد الزبيدي، في تصريحات أنه “لم يهنأ مواطنو طرابلس باتفاق الهدنة الذي أوقف أصوات المدافع وإخماد نيران الحرب حتى بدأت الميليشيات بالتنازع والصراع على مناطق النفوذ للسيطرة على موارد دخل جديدة لدفع مرتبات مقاتليها، وأن استلام السلطة التنفيذية الجديدة لمهامها وتزايد المطالب بمحاسبة الميليشيات ودمج الصالح منها بالمؤسسة العسكرية، زاد من حدة التوتر فيما بينها، ما انعكس سلباً على واقع الحياة لمواطني طرابلس وبعض المناطق الغربية”.
وفي السياق، أكد المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا يان كوبيتش، أن اتفاق وقف إطلاق النار في لا يزال صامداً، لكن استمرار استخدام آلاف المرتزقة والمقاتلين الأجانب والجماعات المسلحة ووجودهم وأنشطتهم لا يزال يمثل تهديداً كبيراً ليس فقط لأمن ليبيا، بل وللمنطقة ككل.
من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن “هناك تزايد في نشاط المرتزقة المتواجدين في الأراضي الليبية، فضلاً عن رصد تحركات عسكرية جديدة تقوم بها بعض الميليشيات”. وأضاف، أن “ليبيا لم تشهد أي تراجع في عدد المسلحين الأجانب أو أنشطتهم. ورغم الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف، إلا أن أنشطة الشحن الجوي متواصلة إلى قواعد عسكرية مختلفة”.
هذا وتناقلت الأنباء عن اندلاع اشتباكات بين قوة الدعم الأول لمحمد سالم بحرون والسلفيين في صبراتة بسبب خلافات فيما بينهم. وقام مسلحون تابعون لأسامة الجويلي والمعارضة التشادية بتطويق معسكر اللواء الرابع بمنطقة العزيزية ونصبوا نقاط تفتيش لسيارات المواطنين في المنطقة. في حين اندلع اشتباك بين اثنين من المرتزقة السوريين، تدخل فيه مسلحون من البنيان المرصوص، في قاعدة الوطية الجوية، مما أدى الى إصابة العديد بجروح. حيث نُقل السوريان إلى أكاديمية القوى الجوية في مصراتة، وأُرسل مسلحان من البنيان المرصوص إلى مستشفى معيتيقة العسكري بطرابلس.
يُذكر أنه في 8 مايو هاجم مسلحون من مليشيا ” 166″ التابعة لمحمد الحصان مقر المجلس الرئاسي الكائن في مبنى فندق كورنثيا بطرابلس. وقام المهاجمون بمحاولة فاشلة لاختطاف رئيس المجلس محمد المنفي بعد أن قررت الحكومة تعيين حسين العايب رئيسًا جديدًا للمخابرات، خلافاً لمطالبة الميليشيات بإبقاء قائد قوات الدعم المركزي عماد الطرابلسي رئيساً للمخابرات، بالإضافة الى مطالبهم بإقالة وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش ووزير الداخلية خالد مازن.
وهكذا، فإن الاستقرار في ليبيا، متعلق بإنهاء سيطرة الجهات الغير راغبة في إنهاء الإنقسام وحل الأزمة، من الميليشيات المسلحة وغيرها ممن تخول له نفسه العبث بمستقبل ليبيا. ولعل المخرج الوحيد من هذه الفوضى القائمة، هو توحيد الليبيين ومواجهة هذه الميليشيات وإنهاء سيطرتها بالسياسة أو بالقوة، وطرد الأتراك وتقرير مصير الليبيين بأنفسهم.

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023