الثلاثاء , 26 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

دعوات الضم ” الإسرائيلية”… بين حمٌى الانتخابات وإعلان صفقة “القرن”…بقلم د. باسم عثمان

المقدمة:

حسب التقرير الذي أوردته القناة 12 في التلفزيون الإسرائيلي، تعقيباً على دعوات نتنياهو وغانتس لضم غور الأردن وشمال البحر الميت, في حمٌى الحملات الانتخابية القادمة للكنيست اذار/ مارس, فإن رئيس “الاتحاد القومي”، الذي يخوض الانتخابات في قائمة “يمينا – ‘إلى اليمين‘” التي تضم أحزاب اليمين المتطرف، بتسلئيل سموتريتش، اقترح على نتنياهو طرح مشروع يقضي بتطبيق القانون الإسرائيلي في غور الأردن وشمال البحر الميت أمام الهيئة العامة للكنيست، وأوضح التقرير, أن هذه الخطوة تأتي لإحراج قائمة “كاحول لافان” بزعامة غانتس ,التي صدرت عن قياداتها تصريحات تفيد بدعمهم لإجراءات الضم، ويهدف سموتريتش, إلى إظهار قائمة “كاحول لافان”, بموقف المماطلة في ما يتعلق بإجراءات الضم أمام ناخبي اليمين، مقابل إبراز الضغط الذي تمارسه أحزاب الصهيونية الدينية في هذا الشأن, كما تهدف هذه الخطوة، إلى إحراج “كاحول لافان” – غانتس-ودفعهم للتصويت لصالح مشروع قانون الضم، ما قد يشكل خاتمة للعلاقات التي جمعتها بـ “القائمة المشتركة” العربية، والتي تُرجمت من خلال توصية 10 من أصل 13 نائبًا من القائمة المشتركة (باستثناء نواب التجمع)، بتكليف زعيم “كاحول لافان”، بيني غانتس، بتشكيل الحكومة الإسرائيلية، عقب الانتخابات الأخيرة في أيلول/ سبتمبر الماضي. وكانت “المشتركة” قد بعثت برسالة إلى “كاحول لافان” مفادها: “إذا تجرأتم على التقدم باتجاه الضم فان بيني غانتس سيبقى رئيسا للمعارضة، لأنه بدوننا لن يكون رئيسا للوزراء، لن نسمح لكم بالضم”. وقبل أسبوع من الانتخابات الأخيرة التي شهدتها “إسرائيل”، في أيلول/ سبتمبر الماضي، أعلن نتنياهو أنه سيضم منطقة غور الأردن وشمالي البحر الميت إلى سيادة “إسرائيل”، في حال تم انتخابه رئيسا للحكومة مرة أخرى وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أعلن نتنياهو، دعمه مشروع قانون يقضي بتوسيع “السيادة الإسرائيلية” لتشمل غور الأردن، وفي تقليد باهت لنتنياهو، أعلن غانتس على نفس الخطوة في 21 الشهر الجاري في حال تم انتخابه رئيسا للحكومة في مارس/ اذار القادم.

وقد تطرق محللون إسرائيليون إلى أقوال رئيس كتلة “كاحول لافان”، بيني غانتس، وزعيم الليكود ورئيس الحكومة “الإسرائيلية”، بنيامين نتنياهو، حول فرض “سيادة إسرائيل” على غور الأردن وضمه، وأشاروا إلى أن خطوة كهذه، من جانب واحد، يمكن أن تجلب مصائب “لإسرائيل”. حيث وصف المحلل في موقع “واللا” الإلكتروني، أمير أورن، أن “نتنياهو أطلق شيئا ما إلى الهواء (فكرة ضم غور الأردن) وبذلك هو حاول تحديد وتغيير الأجندة العامة والإعلامية، من شأنها أن تُسحر ناخبي الليكود والمستوطنين وباقي المتعطشين لتوسيع مساحة الدولة”، لكن أورن هذا، لفت إلى أن “غانتس يعلم جيدا، تماما مثل نتنياهو، لماذا لم تجرؤ أية حكومة حتى الآن على تغيير مكانة أية منطقة خارج الخط الأخضر، باستثناء شرقي القدس”، وأضاف أنه “حتى ذلك المقطع من شارع رقم 1، بين مطار بن غوريون (اللد) والقدس، يمر في منطقة محتلة، ولم يتم ضمها منذ العام 1967، لأن الجميع يعلم أن …الضم هو ورطة، وأي خطوة أحادية الجانب ستنزل مصائب على إسرائيل”, ورأى أورن ان انضمام غانتس إلى “جوقة ” نتنياهو بما يتعلق بالضم، بأنه ” ليس جديا، وليس صادقا”، وأضاف أن “البديل المفضل، في هذه الفترة، هو الصمت والاستهزاء بخدع إعلامية هدفها صرف الأنظار عن الاتهامات ضد نتنياهو”. اما المحللة السياسية في صحيفة “هآرتس”، نوعا لانداو، وصفت ارتداء غانتس معطفا شبيها بذلك الذي يرتديه نتنياهو خلال جولاته مع قادة الجيش الإسرائيلي، هو “تقليد باهت لنتنياهو”، حيث قال غانتس، “أنه بعد الانتخابات سيسعى إلى ضم غور الأردن بالتنسيق مع المجتمع الدولي”. واعتبرت لانداو أن تصريح غانتس هو محاولة لجذب أصوات ناخبي “اليمين اللين”، -متجاهلة (هي) تصريحاته السابقة بهذا الخصوص، ووجود أشخاص ليس أقل يمينية من نتنياهو في قيادة “كاحول لافان”-، وفي مقدمتهم شريك غانتس المستوطن موشيه يعالون وأشارت لانداو ايضا إلى أن تصريحات نتنياهو حول ضم غور الأردن ” ليست أكثر من خدعة إعلامية، لكنه يعصر هذه الليمونة منذ فترة طويلة، ويمهد الرأي العام لتنفيذها، وقد ساعده غانتس كثيرا أمس”. اما الصحافي الإسرائيلي رفيف دروكر، كتب في صحيفة “هآرتس” منذ أيام، حول سؤاله لأحد قادة حزب الليكود عن سبب تخطيطهم للضم، مع أنه أمر خطير وله تداعيات قانونية ودولية على المنطقة، فأجابه: “إننا سنفعل ذلك لأن لدينا معلومات أن حزب “أزرق أبيض” – أي غانتس -كان يستعد لإعلان التزامه بالضم، فسبقناه”.

المعطيات:

هناك ما يشير إلى أن ضم الغور وشمال البحر الميت والكتل الاستيطانية ليست مجرد دعاية انتخابية، ولاخدعة إعلامية، لاستقطاب أصوات الناخبين وخصوصا من الأحزاب الصهيونية اليمينية المتطرفة، رغم تواترها في السبق الانتخابي ودعايته، وأنّ حمّى الانتخابات تزيد من أوزارها، لدرجة أن نتنياهو وغانتس يتنافسان فيما بينهما، على من هو صاحب الفكرة ومن سينفذها أولًا.

لكن واقع الحال يشير,الى إن ضم الغور وشمال البحر الميت وغيرهما من مناطق الضفة الغربية سيكون قاب قوسين او أدنى، او واقع لا محالة، إذا فاز نتنياهو وترامب في الانتخابات القادمة، وبقيت بقية العوامل المؤثرة حاليا على ما هي عليه -فلسطينيا وإقليميا ودوليا-، لأنّ سياسة الضم وبناء الكتل الاستيطانية هي استمرار لسياسة ما قامت به الحركة الصهيونية منذ نشأتها الأولى ولغاية الان، ولا مجال للتعويل لا على نتنياهو ولا على غانتس, وما يؤكد ذلك، ما صرح به نفتالي بينيت، وزير حرب الاحتلال، الذي دعا إلى: “تسجيل الأراضي في “يهودا والسامرة” من قبل الإسرائيليين في وزارة العدل الإسرائيلية”، وليس في الإدارة المدنية التابعة لوزارة الحرب المسؤولة عن الأراضي المحتلة، كما قرر بناء مستوطنة في قلب الخليل، وإقامة 7 محميات طبيعية وتوسيع الـ 12 القائمة، إلى جانب مشاريع قوانين أعدت أو سيجري إعدادها لضم الأراضي الفلسطينية في الضفة, وما قررته “بلدية الاحتلال” في القدس، من انشاء مدارس تابعة لوزارة “التربية والتعليم الإسرائيلية” بدلاً عن مدارس وكالة الغوث “الاونروا”، الا كخطوة تصعيدية, في اطار التهويد والضم ومواصلة العدو الاسرائيلي استهداف الشعب الفلسطيني وطمس هويته وثقافته .

بعد كل ذلك، و “على عينك يا تاجر”, نرى الحالة الفلسطينية الرسمية في سبات عميق كنوم (اهل الكهف), ومنهم من يقول إن كل هذا مجرد دعاية انتخابية!!!، ليس لان “إسرائيل” لا تجرؤ على عملية الضم خشية : (تداعيات الضم القانونية إقليميا ودوليا, خصوصًا بعد أن قررت المدعية العامة في المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق حول جرائم “إسرائيل”, او لتداعياته على الأمن والاستقرار في المنطقة ، او خشيتها من خطر القنبلة الديمغرافية السكانية بعد عملية الضم ),كل هذا في الحسبان, ومنوط بالحالة الفلسطينية اولا وميزان القوى الإقليمي والدولي ثانيا ,ولكن, أي متتبع سياسي او قانوني يكتشف عكس ذلك وبالميدان, اذا اسقطناه على صيرورة وتاريخ الحركة الصهيونية منذ عام 1948 حتى يومنا هذا, هي سياسة الضم والاستيطان لا غير, ولكنها تنتظر التوقيت المناسب لأي خلل في ميزان القوى, خصوصا ان الحكومات اليمينية الإسرائيلية مستفيدة من الدعم الأمريكي الغير مسبوق, ومن الضعف والانقسام الفلسطيني ،ونكوص بعض الدول العربية الخليجية عن اهتماماتها بصدارة القضية الفلسطينية, وتعتقد أن لديها فرصة تاريخية لاستكمال مشروعها الصهيوني وإقامة “إسرائيل الكبرى”، بعد افراغ الأرض من سكانها الأصليين.

كما يؤكد احتمالية الضم تنظيم حملة “إسرائيلية” لتمهيد الأجواء له، ومن ضمنها تحركات متعددة تهدف إلى دفع المحكمة الجنائية أو السلطة الفلسطينية إلى التراجع عن محاكمة الاحتلال على جرائمه، وتسعى إلى إقناع الدول بعدم الاستجابة لقرارات “الجنائية الدولية”، بل وأكثر من ذلك، لقد دعت أوساط سياسية “إسرائيلية” بضرورة العودة إلى طرح خطة الوطن البديل للفلسطينيين في الأردن.

الاستخلاص:

لإحباط الضم وسياسات اليمين الإسرائيلي المتطرف، لا بد من اتخاذ خطوات فلسطينية فورية تبدأ بالاستعداد الفعلي لتغيير المسارات السياسية والدبلوماسية والجماهيرية كليا:

– اعلان دولة فلسطين على كل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ودعوة المجتمع الدولي لتحمل كامل مسؤولياته القانونية تجاه الشعب الفلسطيني واراضيه المحتلة بالقوة من قبل الاحتلال الاسرائيلي.

– التمسك بهدف انهاء الاحتلال وتحقيق الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وطلب توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وممتلكاته تحت الاحتلال.

– دعوة أصدقاء فلسطين الإقليميين والدوليين الى العمل للتحضير لمؤتمر دولي كامل الصلاحيات وعلى أساس القرارات الدولية ذات الصلة بالقضية الفلسطينية.

– توفير شروط الصمود والمواجهة والمقاومة للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال.

– الغاء كل التزامات أوسلو وتبعاته في الميدان، والتحرر من سياسة “المواقع الثابتة” وردات الفعل الانتظارية، والاكتفاء ببيانات التهديد فقط.

– العودة الى برنامج الاجماع الوطني والتزاماته، عبر بوابة إنهاء الانقسام وتكريس الوحدة الوطنية الفلسطينية.

– توفير كل اشكال الدعم للمقاومات الشعبية الفلسطينية وتوظيفها باتجاه عصيان وطني شامل يعم كل الأراضي الفلسطينية بما فيها القدس المحتلة.

ان الهروب من مواجهة معركة الضم للأراضي الفلسطينية تحت أي ذريعة كانت، ستفتح شهية الاحتلال بالمضي قدما نحو تكريس أهدافه التوسعية الاستيطانية.

إن مواجهة سياسات الأمر الواقع، التي يقوم بها كيان الاحتلال الاسرائيلي، لا تواجه بالندب واللطم، والشكوى والاستجداء، بل من خلال سياسات فاعلة وناجعة في الميدان الفلسطيني وفي محافل المجتمع الدولي.

لذلك ,فان الرد المقاوم على تصريحات نتنياهو وغانتس ,يمر من خلال خطوات ميدانية وعملية وليس ببالونات إعلامية: بوقف التنسيق الأمني والسياسي مع أمريكا و “إسرائيل”, والشروع في التحرر من اتفاق أوسلو واستحقاقاته، والتكامل في خط المواجهة واستراتيجيتها: الاشتباك في الميدان ضد الاحتلال والاستيطان، ودعوة الأطراف الدولية الى تحمل مسؤوليتها تجاه الشعب الفلسطيني وحمايته.

فهل حان الوقت لكي نستفيق من سبات (اهل الكهف) واتخاذ الخطوات الوطنية وبإرادة وطنية لازمة.

 

*كاتب وباحث سياسي

شاهد أيضاً

“ضربة القرن” تنسف مشروع “صفقة القرن”…بقلم أ. د. فريد حاجي

يعدّ مشروع صفقة القرن 2018م، من مشاريع تصفيّة قضيّة فلسطين، وهي من إخراج أمريكا وحظيت …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024