رسالة الى الرئيس قيس سعيد في يوم القدس العالمي: فلسطين سفينة النجاة لتونس و الأمة الإسلامية

“مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ” من سورة الاحزاب 23.

عندما يتمسك قائد او رئيس بالحق الفلسطيني، فهو يعلن للعالم موقفا مبدئيا نضاليا وانتماء واضحا إلى محور العدالة في العالم، ويعلن ضمنيا عداءه وتناقضه مع قوى الاحتلال الصهيوني والأمريكي،  ويعلن ضمنيا أنه يأخذ المسافة عن سياسات التطبيع مع العدو الصهيوني التي تحولت إلى ثوابت في رؤية بعض ممالك الخليج، وهي ثوابت في سياسة تركيا منذ نشأة الكيان الصهيوني.

ولذلك لا نرى غرابة في الحرب التي يقودها جماعات تركيا والسعودية والامارات ضد الرئيس التونسي، فرغم التناقضات السطحية بين باب اسطنبول وباب الرياض، إلا انهما يلتقيان تحت العباءة الأمريكية الكبرى التي تُظل الكيان الصهيوني وتعتبر تهديد وجوده خطا أحمر وتنظر إلى حملات تجريم التطبيع مع العدو الصهيوني باعتبارها عملا عدوانيا يعطّل مسار الهيمنة الامبريالية على منطقتنا.

لذلك سيدي الرئيس:

ومن موقع الشعور العميق بالمسؤولية تجاه الشعب التونسي وتجاه الأمة العربية والإسلامية وتجاه الحق الفلسطيني الكامل الذي يعتبر العنوان الأبرز للمظلمة الكبرى التي تعرضت لها أمتنا.

ومن موقع الشعور العميق بالمسؤولية تجاه موقع رئاسة الجمهورية التونسية وأهمية نجاحكم في حفظ الأمانة، حيث لا يتوقف تأثير نجاحكم على شعبنا في تونس بل يتسع ليجد مداه في أرض فلسطين وفي نفوس الأحرار من جميع الشعوب.

وإيمانا مني بأن العالم ينتظر مساركم وخياركم وعزمكم وقراركم.

فإنني المواطن التونسي العربي المسلم:

  • إن الشعب التونسي قد اختاركم بأغلبية ساحقة ورأى فيكم أمله القادم من خارج منظومة الحكم القديم والجديد، ورأى فيكم الرجل الصادق الذي لا يمكن أن يخون الأمانة كما اعتاد السابقون.
  • لقد حضرت فلسطين بكثافة في حملتكم الانتخابية كما حضر المغرب العربي وكان لكم موقف واضح من العدوان العالمي على سوريا، كما حضرت قضية مقاومة الفساد في تونس والعمل لأجل تفعيل إرادة الشعب في استعادة القرار والثروات.
  • مرت أكثر من نصف سنة على دخولكم قصر قرطاج، وقريبا سنجد أنفسنا أمام سنة كاملة على رئاستكم للبلاد، ولابد من خطوات شجاعة في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة،

فالشعب التونسي يجد نفسه في حيرة بين خطابكم وقدرتكم على مواجهة اعداء الداخل والخارج الذين تحدثت عنهم مرات عديدة.

ولن تستطيع سيدي الرئيس تحقيق أيّ انتصار في أيّ قضية إذا لم تساعد شعبك حتى يزداد ثقة بكم ويزداد إيمانا واستعدادا للتضحية وراءكم وفداءكم بالمال والنفس.

وهنا لا بد من مواجهة المصير والدخول في المواجهة مع العدو ووكلائه :

-أولا: تحويل الصراع من دائرة المناكفة والشخصنة والحزبية الضيقة والتموقع المصلحي إلى دائرة الرؤى والبرامج الواضحة التي يمكن أن يشاركك فيها كثيرون، وهذا يقتضي منكم سيدي الرئيس طرح تصوركم التفصيلي للشعب التونسي،  فالذين انتخبوك سيدي الرئيس ينتظرون منكم النجاعة والاقتدار في مواجهة الفاسدين ولا يقبلون مطلقا اي مظهر للضعف والتردد والضبابية.

-ثانيا:  التحرك فورا نحو اعادة العلاقات مع الدولة السورية الشقيقة، وإنهاء الجريمة التي ارتكبتها الترويكا في حق تونس والأمة العربية، وستكون هذه الخطوة فرزا حقيقيا جديدا يمكنه أن يعيد توزيع الساحة السياسية المحلية والاقليمية، وينهي الأطماع الكثيرة في جعل بلادنا معبرا للإرهاب أو وطنا له، وسيمنح الدولة خبرات جديدة وكبيرة في مواجهة الأخطبوط الإرهابي الذي مازال يتهدد بلادنا.

-ثالثا:  تقديم المبادرات التشريعية المناسبة لحملتكم الانتخابية.

واولها في خصوص تجريم التطبيع مع العدو الصهيوني واعتباره خيانة عظمى،  ودعم ثقافة المقاومة.

وكذلك في خصوص مقاومة الفقر والتهميش والصيغ القانونية التي تسمح للشعب بتفعيل إرادته.

-رابعا:  تبني يوم وطني لمناهضة الإرهاب التكفيري والصهيوني يتم فيه تكريم جميع الشهداء والجرحى وعائلاتهم، ويتم ابراز وحدة المعركة التي يخوضها الشعب والأمة.

-خامسا: تبني مؤتمر دولي لدعم الحق الفلسطيني،  في منتصف ديسمبر القادم بمناسية ذكرى انتفاضة الحجارة، وذكرى استشهاد القائد محمد الزواري، وذكرى القرار الأمريكي المشؤوم بتهويد القدس واعتبارها عاصمة أبدية للكيان الصهيوني الغاصب،  ويستهدف المؤتمر الخروج بإعلان تونس لدعم صمود الشعب الفلسطيني ودعم المقاومة الفلسطينية والعربية المسلحة وتجريم التطبيع مع العدو الصهيوني .

سيدي الرئيس:

انتم خير العارفين بأنّ مواجهة العدو تقتضي رؤية وشجاعة وجرأة وخطة وتثبيتا للأصدقاء الحقيقيين وتقليصا لنفوذ الفاسدين والظالمين.

وأنتم خير العارفين، كما ذكرتم مرات، أننا يجب أن نستعيد الوضع الطبيعي في علاقتنا بالعدو وعلاقتنا بالصديق، وأن نتحرر من ثقافة الهزيمة فهي أسوأ وأخطر من الهزيمة ذاتها.

نرجو من الله أن تكون سيدي الرئيس من الرجال الذين صدقوا وثبتوا ولم يُبدّلوا.

— من تونسي عربي مسلم –

بقلم صلاح المصري

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023