لم يكن من المستغرب إن لم يكن من البديهي والطبيعي، مشاهدة تلك المظاهر من الإستياء والغضب الشعبي على إثر الحدث “الصدمة”، التي انتشرت عبر وسائل التواصل الإجتماعي وغيرها، وبلغت حد الإستهجان والتساؤل عن الدوافع والأسباب في ردود الفعل عليها، التي تسبب بها الإعلان في موسكو عن عملية تسليم بقايا قتيل صهيوني، من قبل الحليف اللذي ينظر إليه، بإعتباره النصير للقضايا العربية في الميدان وفي كل مكان، وهو اللذي تربطه معها، ونحن نخص هنا سورية، تحالفا إستراتيجيا ومعاهدات أثبتت ومنذ نشوب الحرب التآمرية عليها فاعليتها؟!
يقول علماء النفس أن “الصدمة” تمر عبر مراحل، تبدأ بالإنكار قبل أن يستوعبها الإنسان وتتحول بعدها إلى غضب، إلى حين أن يسيطر العقل على مشاعره، ويدخل في مرحلة الإكتئاب، إزاء عجزه عن قصوره في فهم الحقيقة، حتى ينتهي الأمر به في تقبلها والتأقلم معها، فيما يفسره أهل الطب نتيجة تحريض الجهاز العصبي على زيادة إفراز هرمون “الأدرينالين”، وما يصاحبه من الإنفعالات الشديدة وتدفق الأفكار، دون إتاحة المجال للعقل أن يتعامل معها!
لسنا هنا بصدد الخوض في الإجتهادات أو التأويلات التي لا نقدر عليها، أو تصديق المعلومات المسربة التي لا يكشف النقاب عادة، إلا بعد مرور قرون عدة عن حقيقتها، لكنه يحسن بنا وعلى ضوء ردود الأفعال المشروعة، حتى عندما يتملكها التشنج والتسرع، أن لا نستهين بفطنة القيادة التي استطاعت في أحلك الظروف، وعلى مر سنين عجاف في مواجهة أعتى مؤامرة خسيسة، أو التقليل من قدرتها على تحمل مسؤولياتها، في مواجهة التطورات بكل حكمة و شجاعة، حتى لا نكون من وقع وتأثير الصدمة علينا، ونحن نختصر كل مراحلها بالعتب والغضب، سواء عن جهل أو صادقة نية فينا، ضحايا تشغلها وتشغلنا عما هو أهم منها، في تخليص ما تبقى من أرض الوطن من براثن الإرهابيين، والتصدي للمتربصين من الأعداء سوءا بأرضنا وأمتنا.
وحتى لا يساء الفهم منا، فلعله من الحكمة ونحن نحث في السيطرة على انفعالاتنا، أن لا ننجرف حيث يريد العدو بنا، فتهتز الثقة بيننا و اصدقائنا، ونحن على يقين في النهاية، بأن من وهبنا هذه الأرض المقدسة، إنما جلت عزته لقادر على حمايتها، مهما استبد واشتد الظلم، وهو يشهد على قوافل الشهداء، اللذين ضحوا دفاعا عن طهارتها وقدسيتها.
*فلسطيني واشنطن