اكد الخبير في الشؤون الفنزويلية محمود برجاوي، أن كُثر حول العالم طرحوا هذا السؤال، والبعض اصر ان الفساد في فنزويلا هو سبب ما آلت اليه الاوضاع، وتناسوا حصاراً جائراً مفروضاً على هذه الثورة الفتية منذ انطلاقتها.
وقال البرجاوي في حوار مع وكالة نيوز، اجراه الزميل دانيال هاشم، بأختصار سأبين لكم مراحل هذا الحصار والتدخل الأميركي السافر في فنزويلا، حيث ظهر بشكل علني وقاسٍ اواخر عام 2002 بإضراب نفطي استمر شهران كاملان لشركة النفط الرئيسية والوحيدة بالبلاد، والتي كانت خاضعة للثلاثي الأميركي الأسباني الكندي، الذي ارهق البلاد على كل الأصعدة وتسبب بارتفاع جنوني للدولار ما زال حتى اليوم السلاح القاتل الذي تستعمله الولايات المتحده في فنزويلا..
ولم تتوقف المؤامرات ومحاولات الانقلاب الفاشلة على نظام الرئيس تشافيز والرئيس مادورو، وكان أهمها منذ عام تقريباً في يناير 2019، حين تم تعين رئيس مجلس النواب خوان غوايدو رئيساً للبلاد في ظل وجود رئيس منتخب من الشعب.
هنا بدأت ازمة النفط والبنزين تحديداً بالظهور، وكان الهدف والمطلوب حينها ان تنقطع مادة البنزين، فيثور الشعب ويطيح بمادورو ويقف الى جانب غوايدو لأن الأميركي كان يعتقد إنه بسبب حصاره وتآكل مصافي النفط وتوقفها عن العمل، وبسبب عدم السماح بصيانتها وإرسال المعدات والخبراء اللازمين وتشديد العقوبات على الشركات العالمية التي تحاول دخول السوق النفطي الفنزويلي، فإن مادة البنزين ستفقد بسرعة كبيرة.
الا أن الوعي الفنزويلي وقيام الحكومة بتزويد السوق بالمادة المذكورة من المخزون الاستراتيجي للقوات المسلحة، أدى الى إفشال المخطط الأميركي حينها، هذا وكانت الولايات المتحدة قد اوقفت إمدادات فنزويلا من البنزين من شركة سيتغو الفنزويلية، والموجودة على الأراضي الأميركية والتي تملك ثلاث مصافي واكثر من 5آلاف محطة وقود منتشرة في الولايات المتحدة، وقامت الخزينة الأميركية بسرقة مليارات الدولارات العائدة للدولة الفنزويلية من مستحقات النفط المباعة لها.
ولم تكتفي الولايات المتحدة بذلك، بل منعت ايضاً امداد فنزويلا بالمشتقات النفطية والبنزين تحديداً من مصافي تملكها فنزويلا في جزيرتين بالكاريبي تتبعان ادارياً لهولندا وبريطانيا وهما جزيرة كوراساو وجزيرة اروبا، ما ادى الى تفاقم الوضع وانقطاع الشعب الفنزويلي من البنزين والديزل والذي تسبب بشل الحركة بالبلاد وتوقف امدادات الماء والغذاء.
هنا كان لا بد لأحد ما ان يتحرك لإنقاذ الشعب الفنزويلي مما يحاك له من تجويع وقتل ممنهج استعملته الولايات المتحدة على مدى سنوات عديدة، فكان الأمل يبزغ من الشرق وتحديداً من دولة ولاية الفقيه، التي لطالما كانت بقلب تشافيز ومن بعده مادورو والتي كانت سباقة دوماً بدعم فنزويلا ودون مقابل، فقد قامت ايران بإنشاء اكبر معمل للاسمنت الأسود في العالم في فنزويلا منذ سنوات، وأنشأت مصانع لصناعة الجرارات الزراعية والسيارات والطائرات المسيرة، وحتى مصنع أسلحة لصناعة رشاشAK47 الشهيرة بالكلاشنكوف بنسخته الإيرانية، أضافة الى توقيع عشرات الاتفاقيات التي تخدم مصالح البلدين.
ومن هنا أتى قرار الدعم للشعب الفنزويلي المستمد من شراكة إستراتيجية لمواجهة عدو مشترك اراد دوماً وسعى جاهداً بتدمير اقتصادهما وإذلال شعبيهما، وهنا كما نعلم قامت ايران بإرسال 5 ناقلات نفط محملة بالوقود لفنزويلا لفك أزمتها وطبعاً ستتبعها حاملات أخرى.
والكل لربما تفاجأ من قدرة ايران على فك الحصار عن فنزويلا، الا أن ما لا يعلمه الكثيرون انه بهذه الخطوة ايران لم تفك الحصار عن فنزويلا فحسب، بل عن نفسها وعن كل شعوب العالم المستضعفة، فكلمة لا التي قالتها بوجه سلطان جائر متمثل بالولايات المتحدة سيكون لها تأثيرها على النظام العالمي برمته، وهي بهذه الخطوة كسرت هيبة اميركا واطاحت بالحكم او الاستفراد الآحادي الذي لطالما كان سلاح الولايات المتحدة الامضى بوجه الشعوب.
وهنا أود ان أضيف لحضرتكم وعبركم للمتابعين، ان الأهم من الوقود الذي أرسل لفنزويلا هو المواد الكيميائية التي تحملها احدى الناقلات، وهي مخصصة لإعادة تشغيل مصافي النفط في فنزويلا وعددها 6 مصافي تكرير، وهذا يعني أن فنزويلا ستتمكن من انتاج الوقود لمدة ثلاث سنوات من تاريخ البدء بالعمل بالمصافي، هذا وكانت ايران قد أرسلت طائرتين الى فنزويلا الشهر المنصرم محملة بقطع الغيار اللازمة، وبالمهندسين والتقنيين لإعادة صيانة هذه المنشآت النفطية في فنزويلا.
فعليه ستعود فنزويلا للتعافي بفضل إرادة المواجهة والتصدي، وعدم الاستسلام والخنوع، ومن هنا سنرى تجربتي ايران وفنزويلا في العالم اجمع، وبأذن الله سنشهد قريباً فك الحصار عن اليمن العزيز وعن كل الشعوب المظلومة في العالم.
وكالة نيوز