الأربعاء , 18 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

كتب رئيس هيئة تجمع العلماء المسلمين: يوم القدس.. وفتح مكة!!؟

الشيخ د. حسان عبد الله |

لعل البعض يسأل: ما هو الرابط بين يوم القدس وفتح مكة؟ هذا السؤال يدفعني لإيضاح فكرة أساسية تدور حولها كامل مشكلتنا في تأخُّر تحريرنا لفلسطين، وعندما أقول تأخر فلأنني أؤمن بأن تحريرها وعد إلهي سيحصل، ونأمل أن يكون لنا شرف تحقّقه على أيدينا.

وبالرجوع إلى الربط، فالكل يعرف أن المؤمنين كانوا بعد هجرتهم إلى المدينة المنورة قلة ضعيفة، ولم يكن يتصوّر أحدٌ منهم سوى أن يلوذ بالأمان في المنطقة التي هاجر إليها ولم يخطر في باله أن عودته إلى مكة التي هجر منها واردة، لما لقريش من قوة وبطش، وفي شهر رمضان شهر الصبر والتحمُّل والجهاد حقق المسلمون نصراً عظيماً على المشركين وهم قلة قليلة، بل وصفهم الله تعالى بأنهم أذلة، أي ليس فقط أقلة، بل أذلة لا يمتلكون من مقومات القوة شيئاً {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}.

هذا النصر كان بفعل الإيمان والتوكل على الله والثقة بنصره، ثم تكررت المسألة حتى وصل المسلمون لأن يفتحوا مكة ويعودوا إليها منتصرين أعزاء أقوياء.

واليوم، حاول حكام العرب طوال سنوات طويلة إقناع شعوبهم بأنهم ضعفاء لا يستطيعون مواجهة الكيان الصهيوني، وأن أي معركة مع هذا الكيان سيكون مصيرها الفشل، ومزيداً من احتلال الأراضي، وأن الحل الوحيد هو بإعطاء هذا العدو ما يريد، أي الأرض مقابل أن يعطينا السلام والأمان، وترافق ذلك مع هزائم متكررة للعرب؛ من النكسة عام 67، إلى اجتياح لبنان عام 1982، إلى أن جاء الإمام روح الله الموسوي الخميني، الذي بعث في الشباب روح الجهاد، وأنه قادر على تحقيق النصر.

وبالفعل، كانت المقاومة في لبنان التي استطاعت وللمرة الأولى تحقيق نصر ناجز وكامل على الكيان الصهيوني، وفرضت عليه الانسحاب ذليلاً مدحوراً دون أي قيد أو شرط ليثبت كذب حكام العرب الذين كانوا يقولون إنه لا إمكانية للنصر على الكيان الصهيوني، فإذا بفئة قليلة لا تمتلك وسائل قتال حديثة تهزم آلة الموت والدمار الصهيوني.

الإمام الخميني  عندما انتصرت الثورة طرح منذ البداية ضرورة اقتلاع الكيان الصهيوني من الجذور، ولم يكتفِ بالشعار، بل أعدّ العدة لتنفيذه، من خلال مقومات الوصول إلى النصر، فطرح جيش العشرين مليون، وطرح يوم القدس كعامل يساعد على إبقاء القضية حية على مستوى العالم بشكل عام والأمة الإسلامية بشكل خاص..

يوم القدس هو مقدمة لاستعادة فلسطين، وكما كانت معركة بدر بداية نحو فتح مكة، ستكون انتصارات محور المقاومة في لبنان وفلسطين وسورية والعراق واليمن مقدمة لاستعادة فلسطين وتحريرها، والذي نراه قريباً بإذن الله تعالى، فما يُعاني منه الكيان على صعيد تصدُّع الجبهة الداخلية، وعدم قدرته على مواجهة صواريخ المقاومة، سيلعب دوراً كبيراً في تحقيق النصر المنشود، خصوصاً مع وجود شعب فلسطيني بطل استطاع أن يُرعب الكيان الصهيوني ويفرض عليه بالأمس التراجع عن عدوانه، من خلال الموقف المقاوم وإطلاق الصواريخ على المستوطنات، ما جعل المستوطنين يضغطون على حكومتهم للتراجع.

يوم القدس هذه السنة سيكون له وقع مميز، لأنه يتزامن مع الصمود الرائع للشعب الفلسطيني بمسيرة العودة، وسيكتب مرحلة جديدة وهامة من مراحل استعادة فلسطين والقضاء على الكيان الصهيوني.

*رئيس الهيئة الإدارية في تجمع العلماء المسلمين

شاهد أيضاً

القضية الفلسطينية من القومية إلى العالمية…بقلم محمد الرصافي المقداد

نظرة الإمام الخميني رضوان الله عليه الإستشرافية للقضية الفلسطينية ومستقبلها كان عميقة، بحيث أعطاها منذ …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024