سيد المقاومة والنصر ارتضى لسنوات ترك الشأن الاقتصادي والمعيشي لأهل النظام وللعبة السياسة والحكومات المتعاقبة وكان حزب الله يركز جهده في قضية المقاومة وملفي التحرير والدفاع وتثبيت سياسة وطنية عليا للدولة تلبي الضرورتين التحريرية ثم الدفاعية بعد الاندحار الصهيوني ومازال يعمل بهذه المنهجية في جميع المؤسسات الدستورية والسياسية وخصوصا من خلال كتلته النيابية ووزرائه.
أولا رغم امتلاكه لكتلة نيابية وتحالفات في البرلمان والمجتمع السياسي تهتم لرأيه ومواقفه من الشؤون العامة الصغيرة والكبيرة ظل الحزب لسنوات يكتفي بمتابعة نقدية للسياسات الاقتصادية والمالية وقد سجل نوابه تحفظات وملاحظات كثيرة على مناهج الحكومات وخططها وموازناتها وكانوا في مقدمة من حذروا من نهج الاستدانة المفرطة ومن خطايا العهد الإعماري الحريري ومثالبه ونظريات تمويل الرخاء الخادع بالمديونية ولكن الغالبية النيابية التي غطت تلك الحقبة أدارت ظهرها لملاحظات كتلة الوفاء وتحذيراتها واليوم يزعم البعض لأنفسهم أدوارا ومواقف لم يكونوا فيها أبدا ومن نكد الدهر ان ينبري منافقون ليكذبوا على الناس ولينتحلوا مواقف لم يسبق لهم اتخاذها أبدا وقبل مرور الزمن على الأحداث ان كانوا يراهنون على تواري الوقائع طي النسيان وبعضهم دخلوا في صفقات ومقايضات قريبة جدا مع الحريرية بمنطق غير مبدئي ومن غير شروط تمس حياة الناس ووضع البلد.
ثانيا بعد حلول الكارثة لم يقف حزب الله في موقع المتفرج او الشامت المنتظر بل هو المبادر الشجاع الذي لا ينتظر بل يقتحم الظروف ويتحدى المصاعب من أجل شعبه وهو يهتم لآلام واوجاع اللبنانيين بجميع انتماءاتهم الطائفية والسياسية والمناطقية بدون استثناء وكما قدم لهم عصارة دماء وارواح خيرة الشباب المقاتل على مذبح التحرير وبناء السيادة وتحصين الكرامة يقف اليوم مستعدا لكل شيء في سبيل الإنقاذ الوطني واضعا ثقله وعلاقاته الإقليمية والدولية ورصيده الكبير والنوعي في انقاذ شعبه ويعلم كل متابع وخبير منصف ان العديد من الدول المقتدرة اقتصاديا وماليا تنتظر اشارة من سيد المقاومة لتلبي بفتح أبواب يتدفق منها خير عميم على البلاد وهي تؤسس لتحولات عظيمة تنقل لبنان إلى التعافي ومنه نحو الازدهار ويعلم العارفون والمتابعون حرارة المواقف في طهران وموسكو ودمشق وبكين وما تزخر به من الفرص والمقدرات المالية والهبات والشراكات المربحة التي تشمل تخطي الكارثة وبلورة عناصر نهضة هائلة وازدهار عظيم.
ثالثا جريمة وعار أن تترك هذه الفرص الثمينة في عهدة التهتك السياسي و”المرمغة ” الكلامية الفارغة ولعهر عملاء الغرب والمنخلعين في أندية ومنابر العلك الإعلامي السخيف لتتمادى غفلة السلطة العقيمة القاصرة. والمطلوب اطلاق دينامية تحرك المستنقع وتلاقي الفرص بقليل من الشجاعة والإقدام ومن هنا ندعو إلى تطوير حوارات ونقاشات سياسية وإعلامية رصينة وهادفة حول هذه الفرص ويفترض بنواب الحلف الوطني الداعم لخيار المقاومة تحويل هذه الأفكار إلى مشاريع قوانين واقتراحات خطط عامة ملزمة للسلطة التنفيذية تعرض على الهيئة العامة للمجلس النيابي في سرعة قصوى لإقرارها وإصدارها ومنع تضييع الوقت الثمين وهدره في مناخ الكارثة المستفحلة.
في الحصيلة وفي وقت غير بعيد سيكتشف اللبنانيون ان المقاومة هي كنزهم السيادي الثمين وان قائدها نعمة هائلة على لبنان واشارة اصبعه التي ترعب العدو ستحشد الأصدقاء المخلصين في ظرف حرج شديد الصعوبة.