#الناشط_السياسي محمد إبراهمي |
تحت وطأة التداعيات الاقتصادية و الاجتماعية لأزمة كورونا التي تشتد مع زيادة فترات الحجر الصحي التام و كسائر الدول، تونس إنتقلت إلى المرحلة الأولى في إطار خطة تخفيف تدريجي لقواعد الحجر الصحي الشامل بما يسمى بالحجر الصحي الموجه و إستئناف بعض القطاعات نشاطها لعودة الحياة تدريجيا لتخفيف القيود على المستوى الإقتصادي و الإجتماعي الذي إزداد تأزما بصيفة ملحوظة بسبب إجراءات الحجر الصحي جراء تفشي جائحة كورونا في البلاد..
بعد تسجيل 0 حالات إصابة جديدة بكورونا ورغم التفائل بهذه النتيجة إذ اننا لم نخرج بعد من الوباء و هذا لا يعني أن الحرب على الفيروس إنتهت.
في الحقيقة و بعد المشاهد المؤلمة و المؤسفة و التي تتمثل في الإكتظاظ والتدافع في بعض وسائل النقل العمومي وفي الأسواق والفضاءات التجارية ومراكز الخدمات وهو أمر أثار مخاوف عديدة من أن يجد الفيروس فرصة للعودة من جديد و هذا وارد جدا و ربما تكون موجة ثانية الأشد فتكا من سابقتها إذ تواصلت حالات الإستهتار و اللامسؤولية و خصوصا عدم إحترام التباعد الاجتماعي نظرا للظرف الاستثنائي خصوصا في هذه الفترة في شهر رمضان ومع اقتراب العيد حيث يخرج أغلب المواطنين لقضاء شؤونهم وتبادل الزيارات مما قد يؤدي إلى كسر قيود التباعد الاجتماعي وهذا ما يجب ان يأخذ بعين الإعتبار و الحذر من هذه السيناريوهات المحتملة.. إذ يجب اخذ العبرة بما حصل في بعض الدول التي خففت القيود على الحجر الصحي العام فانتكست وكانت ضحية لموجة قاسية لفيروس كورونا فاضطرت إلى الإغلاق من جديد و هذا ما نخشاه و ما لا نتمناه..
عدة تساؤلات مطروحة حول سيناريو الوعي و اللاوعي بكورونا في فترة الحجر الصحي الموجه و ما مدى تقيد المجتمع بمبدأ التباعد الاجتماعي؟
ان اهم التساؤلات والمخاوف تتعلق بالفترة الاولى من الحجر الصحي الموجه اذ بقدر ما ننجح في الخروج التدريجي من الحجر الصحي الشامل بقدر ما نكون قادرين على بداية تنظيم حياتنا الاقتصادية والاجتماعية والعائلية في هذه المرحلة الراهنة و المفصلية و التي ترتبط اساسا بحالة وعي في أعلى درجاته بمخاطر و تداعيات تفشي كورونا من جديد.. الخطر كل الخطر إذا اعتقادنا اننا قد خرجنا نهائيا من هذه الازمة الوبائية فهذا هو الخطر في حد ذاته.. و الاسابيع القادمة ستكون حاسمة لنا جميعا..و لا شك إذا تواصلت حالة التراخي و الإستهتار و اللامسؤولية سيدفعنا إلى موجة ثانية لكورونا.
في هذه الفترة الدقيقة والحساسة لابد أن ندرك جيدا دقة المرحلة والمطلوب الإلتزام بكل الإجراءات و أهمها التباعد الاجتماعي لأنه و بكل بساطة الإستهتار سيكلفنا غاليا و يجرنا إلى مالا يحمد عقباه و ستكون عواقبه وخيمة على الشعب و على الدولة في حد ذاتها و ينبغي ان نطرح سؤال على أنفسنا، هل نحن جاهزون للسيناريو الأسوأ.. ؟
الحرب على جائحة كورونا لم تنتهي بعد، وقد نعتبرها هدنة للخروج من مأزق الأزمة الإقتصادية و الإجتماعية فرضتها علينا إكراهات الأزمة الوبائية ولا حل في الأفق سوى تخفيف القيود بالرفع التدريجي للحجر الصحي.. ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ تتطلب الحذر الشديد و المزيد من ﺍﻟﺘﻮﻗﻲ ﻭﻻ ﺷﻲﺀ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺘﻮﻗﻲ و أهمية التقيد بمبدأ التباعد الاجتماعي فهو ﺍﻟﺴﻼﺡ ﺍﻻﻫﻢ ﻟﻤﻮﺍﺟﻬﺔ ﻓﻴﺮﻭﺱ ﻛﻮﺭﻭﻧﺎ ﻭﺗﺤﻤﻞ ﺍﻛﺮﺍﻫﺎﺗﻪ ﻭﻗﻴﻮﺩﻩ لتفادي مخاطر تفشي موجة ثانية لكورونا يومها لاينفع الندم جراء الإستهتار و اللامسؤولية فالحذر ثم الحذر !!
أما الجانب السياسي في زمن الكورونا أخذ منحى خطيرا انتهج الخطاب المعارض للحكومة نهجا يرتكز إلى تكييل الاتهامات و التجاذبات السياسية الضيقة مما قد يؤدي إلى المزيد من الفوضى و إرباك المشهد السياسي في الوقت الذي تكون فيه البلاد في أحوج الظروف من أي وقت مضى للوحدة الوطنية و هذا من شأنه تشتيت وتسميم الأجواء السياسية في زمن مختلف تماما عن سابقه و تحدياته التي تتمثل في عوائق الأزمة الوبائية ، وبالتالي فإن إدارة الأزمة على المستوى الحكومي و المجتمعي في مجابهة الجائحة الأشد فتكا بالبشرية أهم من الانشغال بالمكايدات والمشاحنات السياسية، لأن الوباء لا يفرق بين مؤيد ومعارض للحكومة و الجميع في مركب واحد لمواجهة عدو مجهول لا يستثني احد أي ان كان.. فأتركوا صراعاتكم جانبا !
كوفيد-19 هو القضية التي تهم الجميع وتتطلب استجابة وطنية و إنهاء الصراعات التي تجعل الشعب البريئ يدفع الثمن باهظا وبالتالي فإن هذا الظرف الإستثنائي يقتضي تنحية جميع المهاترات السياسية جانبا ، والسعي الجاد للحوار والمصالحة الوطنية وانهاء الانقسام والاتفاق على برنامج وطني تسخر له كل القدرات والجهود والامكانيات متكاتفة لتنفيذه للخروج من المأزق الوبائي بأخف الأضرار
ففي الوقت الذي نعلم فيه أن الجميع يعانون ويكافحون من أجل صحة الشعب و إستقرار البلاد ، تصبح المكايدات والخلافات السياسية لا معنى لها، بل لا يمكن التفكير فيها بتاتا..
بدون تهويل إذا لم تتوفر الإرادة السياسية و المجتمعية لمجابهة هذه الجائحة فإن كورونا ستكسب المعركة أمام غياب الوعي و اللامسؤولية