ملاحظات سريعة:
الآن وقد بدأت الأمور تحصر بين أنصار المترشحين للدور الثاني قيس سعيد ونبيل القروي وبدأت تبدو محسومة بينهما، نرى انه من واجبنا ونحن لسنا معنيين بهما معا ولا معنيين بصناعة الهاوية المرقطة والمقنعة، من واجبنا ان نشير إلى أن النسبة الغالبة من الذين يصوتون للأول وللثاني تشترك في مقولة الحماية من الدولة أمنيا واقتصاديا واجتماعيا…او حتى التخلص من الدولة الفاشلة والظالمة. لا ندري هل لدى هؤلاء جميعا رؤية تؤدي إلى دولة فاشلة ظالمة ام العكس. ونسال هل الدولة فاشلة مطلقا وظالمة في المطلق؟ نحن نعارض كل الحكومات الفاشلة ونعارض كل سياساتها الفاشلة والظالمة وخاصة في الشؤون الاقتصادية والاجتماعية، ولكننا لا ندعي انها ظالمة مطلقا في الموضوع الأمني على سبيل المثال. ولذلك، لو كان قيس سعيد واضحا في الدفاع عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بدل الشكلانية الفارغة لوجدنا منطقا للتعامل مع ترشحه بدل القروي الذي يقدم مضمونا مارقا يستبدل الدولة بالتحيل. وبالمقابل، لو كان القروي مدافعا عن شكل جديد من دولة الرعاية والحماية والخدمة والخير دون تحيل لوجدنا أيضا منطقا للتعامل معه بدل سعيد.
أما في موضوع الأمن فحدث ولا حرج وهو ينسحب في نفس الوقت على القروي المارق المقيد الواضح قياسا إلى تركيبة مسانديه على سعيد المفارق المقيد الغامض قياسا إلى تركيبة مناصريه.
قلنا في البداية ان الأمر محسوم بينهما دون أن ناخذ بعين الاعتبار العائق القضائي لأن سعيد متقدم بطبعه ثم يزيده تقدما إعلان مساندته من مخلوف والمرايحي والصافي وعبو والمرزوقي… وما شابه في الطريق إلى الالتحاق. يجمع كل هؤلاء شيء لافت زيادة على ما سماه المرايحي “النفس الثوري” الذي يحشر فيه نفسه وكل الأسماء المساندة أعلاه، الشيء الافت هو اعتبار الإرهاب زر من الدولة. ونحن هنا نريد أن نسأل قيس سعيد وهو يستعد لتخيل نفسه قائدا للقوات المسلحة ورئيسا لمجلس الأمن القومي ومعينا لوزير الدفاع ما معنى الإرهاب من الدولة (وهي متلازمة يرددها كل هؤلاء) وما هو دور الأدوات المحلية في هذا الإرهاب من جماعات سياسية ومن شبكات تسفير ومن أمن مواز ومن مشاركين في الاغتيالات كيف تنتظم العلاقة بين المخابرات الأجنبية وشبكات الداخل؟ وكيف ستكشف لنا كل هذه الحقائق؟
وعلى القروي نطرح السؤال التالي: هل ستصنع للناس دولة داخل الدولة ام ستصرف لهم من حسابك الخاص ام ستغير النظام الاقتصادي؟
في نهاية التحليل وبما اننا لا نرى لا هذا ولا ذاك صالحا، وذلك لن يمنعنا من التعامل مع أي مبادرة لمصلحة الوطن والشعب، إذا وجدت لاحقا، على قاعدة برنامجنا اي برنامج مرشحنا حمة الهمامي، نستخلص ما يلي:
بحكم عدة عوائق ونقائص وسلبيات يطول شرحها، وبحكم تركيبة جماعة القروي وجماعة سعيد التي يطول شرحها، أصبح كل من قيس سعيد والقروي فرصة للحماية من الدولة أو التخلص منها، أمنيا في الغالب مع سعيد ومعيشيا في الغالب مع القروي وأصبح حمة الهمامي الذي يجيب ببرنامجه وبنضاله شكلا مضمونا عن كل أسئلة الناس من أصحاب الحق، أصبح تهديدًا لأسباب يطول شرحها أيضا ولكنها واضحة ومضافا إليها ما ذكرناه في أول الفقرة من العوائق الذاتية الخاصة بمرشح الجبهة.
وهنا تطرح عدة أسئلة عن الحقيقة العميقة لانصار الأول وانصار الثاني رغم تنوعهم فيما بينهم.
هلموا إلى الهاوية… أو إلى الإنقاذ…