بقلم محمد النوباني |
بعد 20يوماً من عدم الظهور امام وسائل الإعلام عرضت محطة التلفزة الرسمية في كوريا الشمالية أول امس الجمعة فيديو يظهر فيه الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج آون مع عدد من مساعديه وهو يشارك في حفل تدشين مصنع للسماد بالقرب من العاصمة بيونج يانغ واضعة بذلك حدا بالصوت والصورة لإشاعات روجتها في الاساس وسائل اعلام امريكية عن مرضه ووفاته..
ومع ان احداً لا يدري لماذا إختفى كيم خلال تلك الفترة ؟ولماذا لم يحضر الإحتفال الذي أقيم في بيونج يانغ بمناسبة ذكرى مرور 100عام على وفاة جده مؤسس كوريا الشمالية كيم أيل سونغ ؟إلا ان الإهتمام بإختفائه بحد ذاته يؤشر إلى أن كوريا الشمالية تحت قيادته باتت تشكل تهديداً مرعباً للمصالح الأمريكية في آسيا ولذلك فإن إدارة ترامب لها مصلحة بإطاحة زعيمها القوي لأي سبب من الاسباب على أمل ان يؤدي رحيله إلى تغيير نظامها السياسي من الداخل بعد ان عجزوا عن تغيير سياسات رئيسها بالترهيب والترغيب ونزع ترسانتها النووية والصاروخية المتطورة.
ولا يفوتني في هذا المجال أن انوه إلى أن موقف كوريا الشمالية المعادي لوجود شيء أسمه دولة إسرائيل والمؤيد والداعم لحقوق الشعب الفلسطيني منذ أيام جده كيم أبل سونج الذي استقبل الزعبم الراحل ياسر عرفات ووجود قناعة لدى إدارة ترامب بأنه يقوم بنقل التكنولوجيا النووية والصاروخية الى ايران وطبعاً موقفه المساند للصين في صراعها مع الولايات المتحدة الامريكية تشكل اسباباً إضافية لإهتمامها البالغ بمصير كيم جونغ آون.
فلو ان كيم كان زعيماً لدولة عادية تابعة وضعيفة مثل معظم دولنا العربية لما إكترث بظهوره امام وسائل الإعلام او غيابه احد في هذا الكون لأن العالم لا يقيم وزناً سوى للزعماء الاقوياء والمؤثرين في الحلبة الدولية.
بكلمات أخرى فإن وسائل الإعلام الامريكية إهتمت بخبر تواري كيم عن الانظار لأن لبلاده مخالب نووية ولأنه اذل ترامب المتغطرس وأجبره على السفر الآف الأميال لعقد قمتين معه واحدة في سنغافورة والثانية في فيتنام كما اجبره على عبور الحدود بين البلدين في المنطقة منزوعة السلاح للقائه من دون ان يحقق له حلمه بنزع سلاح كوريا الشمالية النووي والصاروخي مقابل وعود جوفاء وكاذبة برفع العقوبات عنها وتحويلها لفترينة رأسمالية مزدهرة.
ولذلك فإن شخصا ً مثل ترامب يأمل من صميم قلبه ان يستيقظ ذات يوم من نومه على خبر رحيل كبم جونغ آون عن الحياة ليتمكن من إذلال كوريا الشمالية التي اذلت الولايات المتحدة الامريكية في الحرب الكورية مطلع خمسينيات القرن الماضي واوقعت بها خسائر بشرية ومادية كبيرة تفوق ما خسرته في الحرب الفيتنامية
إن ردود الفعل الامريكية الهستيرية على إختفاء كيم تعيد إلى أذهاننا ما كان يحدث عندما كان يتأخر زعيم سوفياتي مثل بربجنيف أو غيره من زعماء الإتحاد السوفياتي السابق عن الظهور لفترة معينةامام وسائل الأعلام أو أن يتغيب عن حضور مناسبة رسمية هامة لأي سبب من الأسباب.
فآنذاك كانت تلك الوسائل الإعلامية تنهمك في فبركة الآخبار عن سبب عدم الظهور حيث تزعم بأنه إما مريض أو أنه فارق ألحياة مسهبة في الحديث عن الشخصية التي ستخلفه في الحكم ثم ما تلبث ان تسحب من التداول كل ما قالته وكتبته بعد أن يظهر مجددا على الملأ لتعود مجدداً بعد حين إلى تكرار نفس ألمعزوفة المشروخة.
كما تعيد هذه الواقعة إلى أذهاننا ما حدث مطلع العام الماضي عندما إمتنع السيد حسن نصر الله لبعض الوقت عن الإطلال من على شاشة المنار ،فآنذاك أنهمكت وسائل إعلام اسرائيلية وخليجية في فبركة اخبار عن مرض الم به وحتى عن وفاته.
وبقي القول ان امريكا تخشى كيم جونغ آون لانها تخشى الاقوياء وتنكل وتذل وتهين الضعفاء والمستسلمين وتعامل ترامب الجلف والوقح مع بن سلمان السعودية في المكالمة الاخيرة آخر واكبر دليل على ما نقول
ومع ذلك فإنه ورغم إدراكنا لصعوبة عمل وكالة المخابرات المركزية الامريكية (سي. آي.. ايه) في كوريا الشمالية وشح المعلومات لديها عن هذا البلد المضروب حوله ستار حديدي قوي فهل يجوز لنا ان نستبعد بألمطلق إحتمال ان تكون الوكالة قد نجحت بتجنيد عميل إفتراضي مزدوج وكلفته بإغتيال كيم وكان الإختفاء للآيحاء للأمريكيين أن المهمة قد نفذت ونجحت؟
ومع ان هذا الاحتمال قد يبدو ضعيفا ً جداً جداً إلا انه لا يجوز استبعاده بالمطلق لأن الاهتمام بالحدث من الإعلام الامريكي ومن ترامب شخصياً الذي قال بانه يعرف مصير كيم إختفاء كان كبيراً جداً وملفتاً للنظر.