ليس بعد الحق إلّا الضلال المبين… بقلم محمد الرصافي المقداد

ليس بعد الحق إلّا الضلال المبين… بقلم محمد الرصافي المقداد

 

فيما كان رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد إبراهيم رئيسي يلقي كلمته من على منصّة الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ظهر دبلوماسي صهيوني محاولا جذب انتباه الوفود المشاركة، بمعلقة تذكر بالأحداث التي حصلت في إيران العام الماضي، وهي واقعا أحداث مفتعلة ركّبتها أمريكا ودول الغرب للركوب عليها، في محاولة لتأجيج الوضع الداخلي في ايران، غير أنّ هذا الدبلوماسي لم يجد اهتماما يذكر، وسرعان ما وقع طرده ونقله خارج القاعة (1)

لم يفت الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي، وهو الفقيه العالم المجاهد، أن يخصّص من خطابه، ما عبّر به عن استنكاره، للإهانة التي تعرضت لها نسخ من القرآن في السويد والدنمارك، ف(خلال إلقائه كلمة دولة إيران الإسلامية، في سياق أعمال الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة في ولاية نيويورك الأمريكية، رفع رئيسي القرآن الكريم، في استنكار واضح للإنتهاكات والإعتداءات بحق الإسلام، والتي تشرّعها بعض الدول الأوروبية بحجة حرية الرأي. مشددا على أن الكراهية تجاه الإسلام، والفصل الثقافي في المجتمعات الغربية، مثل منع الحجاب، وتدنيس القرآن لا تستحق المبالاة، مؤكدا أن احترام الأديان يجب أن يتصدر قائمة الأولويات في الأمم المتحدة.(2)

وأمام رؤساء أكثر من 140 بلدا انتقد السيد رئيسي (سياسة الهيمنة الغربية لم تعد تقدم الحلول المرجوّة للعالم، وأنه تم التخلي عن الليبرالية التقليدية، التي خدمت النخب الحاكمة والرأسماليين. معتبرا أن مشروع أمركة (إخضاعه للهيمنة والإرادة الأمريكية) العالم فشل، لافتًا إلى الزيادة في “مقاومة ووعي” الأمم له. مقرّرا أنّ الغرب يواجه أزمة هوية لأنه يرى العالم كغابة، ونفسه كحديقة) (3).

الرئيس الإيراني كان واضحا في طرحه لمسألة احترام الإسلام، بحيث كان حمله لنسخة من القرآن الكريم، وإظهارها للعالم من على منبر الأمم المتحدة، وتعامله معها بالتقديس والتقبيل، في إشارة عميقة معبّرة، أنها تتجاوز الإطار الذي يسعى الغرب بزعامة أمريكا، عبر بث مخطط الديانة الإبراهيمية، ليتبوّأ القرآن مكانته الطبيعية، ليس في الأمّة الإسلامية فقط – فذلك أمر مفروغ منه – بل وفي العالم قاطبة، كتابا إلهيّا جديرا بالتقديس والإحترام، وهو الذي من المنتظر أن يكون شريعة العالم بأسره مستقبلا، وما تعرضتْ له نسخ القرآن في الغرب من اعتداء، هو من قبيل الإستهانة به، ووضع مقامه عند الغربيين، فيقلّ اهتمامهم به، بعد ما ظهر من كتابات تنويرية من علمائه تنويها به.

من الخطأ الفادح أن يصرف حكام الدول الإسلامية النظر عن حوادث تدنيس نسخ من القرآن الكريم التي تكررت في أكثر من بلد غربي، ويتمّ تجاهل خطورتها في دورة الجمعية العمومية للأمم المتحدة، والتعبير من خلال هذه الدّورة عن مواقف موحدة، بشأن مقدّس من مقدّساتنا، وأتساءل: كيف يمكن أن ينتمي هؤلاء الحكام للإسلام، وهم لا يهتمّون بقضاياه، خصوصا تلك التي تستهدفه بالإساءة من الخارج؟ في حين الإسلام منظومة كاملة عقيدة وشريعة، لا تتجزأ في أركانها ومقدّساتها، وجميع المسلمين – وفي مقدمتهم قادتهم- معنيون بالدفاع عن دينهم، وعدم السماح لأيّ كان مهما كان موقعه في هذا العالم، بأن ينتهك شيئا من مقدّساته.

لقد أثلج الرئيس الإيراني صدور كثير من المسلمين، فعبّروا عن ارتياحهم وسرورهم بالموقف الذي اتخذه هذا الرجل، بشأن الدفاع عن القرآن، في محفل دولي كبير كالجمعية العمومية للأمم المتحدة في دورتها ال 78، وكان السيد رئيسي قد ذكر في إبان عربدة الغرب بشأن النبي صلى الله عليه وآله وهو الانسان الكامل، وقرآنه بأنهما (بانهما ركيزتي هداية ونجاة الانسان واعتبر منح الإذن للإساءة للقرآن الكريم مثالا على “الجاهلية الحديثة” على النقيض من مزاعم حرية التعبير. وأضاف: إن احد تعاليم القرآن الكريم محاربة الجهل بجميع أشكاله، ولذلك فإن أتباع الجهل الحديث لديهم ضغينة تجاه القرآن المجيد، ووفقًا لموجة الصحوة التي تنتشر في العالم، سيدرك جميع الناس يوما ما النوايا الشريرة والخبيثة والمناهضة للإنسانية للمسيئين للقرآن الكريم(4).

ولم يفوّت الرئيس الإيراني الفرصة بالمناسبة، دون أن يفضح السلوك العدواني للغرب بزعامة أمريكا، من خلال سياسة منحازة سلكتها بقوة اقتصادية وعسكرية، لم تكن في يوم مراعية لحقوق الشعوب الضعيفة، مستغلة ذلك الضعف لتوظفه لصالحها، وأن أسلوب الهيمنة والتهديد بالعقوبات، لا يمكن أن يكون ناجحا في عالم متغيّر، بدأ ينفض غبار هيمنة دول الغرب عليه.

أمّا بالنسبة للملف النووي لبلاده، فعبّر عن حقها في استغلال الطاقة النووية السلمية في تطوير قدراتها في اطار ما تسمح به القوانين الدولية، مذكرا بأن بلاده ليست بحاجة إلى سلاح نووي طالما أنه محرّم استعماله وفق فتوى قائد ثورته، وعلى من خرج من الاتفاق أن يراجع موقفه الذي لم يعد يخدمه، وأن العقوبات التي سُلّطت على بلاده منذ 45 سنة، ( أي منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979 قد فشلت تماما، وأن الأمّة الإيرانية انتصرت في المقابل.

مرّة أخرى اثبتت الدبلوماسية الإيرانية نجاعة، في معالجة القضايا المتعلقة ببلادها، وهذه المرّة سجّل الرئيس الإيراني حضورا متميّزا في محفل دولي، برهن على علوّ كعب النظام الإسلامي، وقدرته الفائقة على البرهنة على أحقّيته في مطالبه المشروعة، نافيا كل ما روّجته دول الغرب، عبر وسائلها الإعلامية من ادّعاءات باطلة، بدليل أن ايران تعيش ازهى فترات نموّها، بانسجام تام بين فئات الشعب الإيراني ونظامه الإسلامي، ومن قال خلاف ذلك، فليحتمل نفسه قبل أن تغالطه الدعايات، وتأخذه بعيدا عن حقيقة إيران المعاصرة.

المراجع

1 – لحظة طرد دبلوماسي إسرائيلي خلال كلمة رئيسي في الأمم المتحدة… فيديو

https://sputnikarabic.ae/20230920/1081216748.html

2 – الرئيس الإيراني يرفع القرآن الكريم أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة استنكارا لتدنيسه ( فيديو) https://arabic.rt.com/world/1496495

3 – الرئيس الإيراني العالم يتغيّر وعصر الهيمنة الغربية انتهى

https://www.aa.com.tr/ar/2996865

4 – السيد رئيسي: منح الاذن بحرق القرآن الكريم رمز للجاهلية الحديثة

https://nournews.ir/Ar/News/145802

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023