الأربعاء , 18 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

من أزمة الرهائن إلى اليوم فشل العقوبات الأمريكية على إيران…بقلم محمد الرصافي المقداد

لقد كانت عملية احتجاز طاقم السفارة الأمريكية في طهران بتاريخ 4/11/1979، حدثا لم يكن أحد من متابعي يوميات الثورة الإسلامية الإيرانية، وأحداثها المتصاعدة في حدتها وتحدّياتها الكثيرة، يتوقع مدى تأثيرها على الأحداث المستقبلية لإيران والعالم بأسره، وقد مضت كلّها موفّقة بحكمة قائدها الإمام الخميني رضوان الله عليه، في ذلك الوقت الذي سجّل هيمنة أمريكية شبه مطلقة على العالم بدولها كبيرها وصغيرها، بحيث  لم يفكّر أحد من تلك الدّول، ولا ملك من الجرأة على القيام بعمل من شأنه أن يذلّ أمريكا بتلك الطريقة الثورية التي قام بتنفيذها الطلبة الثوريون الإيرانيون، متحدّين غطرستها واستكبارها، وسط ذهول دول وشعوب العالم، وتساؤلاتهم الحائرة، ما هذا الذي جرى ولم يكن معتادا في ظلّ سياسة الهيمنة الأريكية الملطلقة على جميع الدول غربيّها وشرقيّها على حدّ سواء.

صباح (يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني 1979، وبعد مضي أقل من 9 أشهُر على قيام الثورة الإيرانية، هاجم قرابة 500 طالب إيراني من الموالين للإمام الخميني السفارة الأمريكية في طهران، واحتجزوا 52 أمريكياً من موظفي السفارة، فضلاً عن مصادرة آلاف الوثائق، مشعلين بذلك أزمة دبلوماسية كبيرة لا تزال ارتداداتها حاضرة حتى يومنا الحالي.)(1)

 

حركة ثورية تركت آثارها الباقية إلى اليوم، أظهرت قوّة الإرادة والعزيمة الإيرانية، مقابل الضعف والهوان الأمريكي، بعد الفشل الذريع الذي منيت به أمريكا عسكريا ودبلوماسيا، وكان بإمكانها أن تقوم بأكثر من ذلك، لكن ما وقع لنخبتهم العسكرية في صحراء طبس، جعلهم يتوقفون عن القيام بأي عدوان آخر، بعدما أصابهم من جراء ذلك خوف وهلع لا يمكن وصفه، ذلك اليوم الخالد يمكن القول بأنه يوم من ايّام الله، نصر فيه عباده المتقين من قوم سلمان المحمّدي، وخذل فيه أعداءه الأمريكيين.

يومها اعتبر من اعتبر العملية انتحارية، وليست من الحكمة في شيء، وستعود بالوبال على النظام الإسلامي، وقد تذهب بريحه تماما، فهي في نظر من كان يعتبر أمريكا القوة التي لا تقهر عمل لا جدوى منه، بينما ظهر للعالم عكس ذلك تماما، فقد استمر احتجاز الطلبة الثوريون الإيرانيون الطاقم الدبلوماسي الأمريكي 444 يوما، لم يقع اطلاق سراحهم إلّا بعد مضيّ 444 يوما ( 20/1/1981)(2) بوساطة جزائرية، حققوا من خلالها عدّة مكاسب هي:

–         غلق السفارة الأمريكية، وهي الباب الذي يأتي منه الشرّ عادة ليصيب إيران، وهي على أبواب نظام جديد، وهي بنظرهم وكرُ جاسوسية خطير ليس على ايران وحدها بل على المنطقة ككلّ.

–         تحصين مكتسبات الشعب الإيراني من خلال استبعاد أكبر أعدائه وهم الأمريكان الذين لا يريدون للثورة الإسلامية أن اتنجح وتستمرّ.

–         افتتاح زمن الجرأة على أمريكا والتقليل من قيمتها في العالم المتحرر من تبعيتها وتبعية دول الغرب.

–         تأثير العملية على الشاه الهارب، بحيث لم يجد مأوى يأوي إليه خوفا من إعادته إلى إيران لمحاكمته على جرائمه بحق شعبه، فلم تنفعه حتى سيدته أمريكا، التي كان يخون بلاده لأجلها، ووجد في الأخير عميلا مثله استقبله في بلاده، وهو السادات حاكم مصر، ليقضي ما تبقى له من أيام، ويموت ويقبر هناك، بعدما رفضت إيران قبول جثمانه، وهذا درس عميق فهمه العملاء كل العملاء، ولكنهم بقوا على عمالتهم ولم يقدروا على تغيير سيرهم الفاسدة، فمن سلك طريق الخيانة، يصعب عليه مغادرته بعدما تسمّى به.

ونحن نقترب اليوم من انتصاف الذكرى 44 من انتصار الثورة الإسلامية، واستمرار مشروعها في نظامها الإسلامي الذي اختاره شعبها ولم يفرضه عليه أحد بل كان بمحض إرادته، قوم سلمان معروفين في التاريخ بالتشبث بالمبادئ والثبات عليها، والتّضحية من أجلها بأغلى الأثمان، نظامهم السياسي الذي اختاروه لم يتراجع يوما طوال هذه المدّة عن مبادئه، ولا تخلّى عن موقف واحد شرعي من مواقفه، كسب احترام الجميع أصدقاء وأعداء، فهو فلتة واستثناء اليوم في عالم السياسة، شعاره دوما الصدق والوفاء لقيم الدين الإسلامي، في زمن لم يعد للإسلام يرفع علمه وقيمه كاملة سوى المشروع الإسلامي في إيران.

هذا ولم تستوعب أمريكا بسبب غطرستها الدرس الإيراني، فواصلت أعمالها العدائية ضدّ إيران، فتعدّدت أخطاؤها بحقّها، دون أن تنتبه بأنّ نتيجة كل خطأ تقترفه إدارتها نجاح إيراني في مجال من المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وكلّما ضغطت من أجل عرقلة نموّ إيران، قابلها المتفانون في خدمة الشعب الإيراني ونظامه الإسلامي بنجاح ردّا طبيعيا وتلقائيا صادرا عن قوم أعزّة رفضوا الإستكبار وقوانينه الجائرة، آمنوا بمشروعهم الذي ارساه قائدهم الإمام الخميني رضوان الله عليه، ومضوا فيه بكل ثقة وإيمان بأنّهم على المحجة البيضاء سائرون، ومهما بلغت العقوبات الأمريكية من شدّة وقوّة، فإنّ الله وعد عباده بأن يكون معهم في السرّاء والضرّاء، ينصرهم ويؤيّدهم على أعدائهم، في زمن قلّ فيه الديّانون.

لقد تعلّمنا من قرآننا هذا الكتاب المقدّس الذي نعتز به ونعمل على تحقيق مبادئه السامية، أن المستكبرين لا يتّعضون من خيباتهم وفشلهم، وكبريائهم هي التي تمنعهم من الإقرار بنتائجهم السلبيّة، انظروا إلى أمريكا اليوم وهي في قمّة غضبها وتهافتها السخيف على إيران إلى اين وصلت بها الحال، إنّها قاب قوسين أو أدنى من سلسلة انهيارات ستطالها وبتتابع رهيب، وستنتهي قصتها بسقوط نهائي، بينما يرى العالم إيران وهي سائرة في طريق توفيقاتها الإلهية ولا أشكّ لحظة في كونها تسديدات وتوفيقات إلهيّة تتالى عليها، وسيكون حظ كل صادق معها على ذلك النّحو، إنّا ننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد) (3)

أمريكا تتهاوى وتمضي سريعا إلى هزيمتها النهائية ونهاية غطرستها واستكبارها وظلمها، والنظام الإسلامي في إيران ماض في مسيرته الموفقة، ملتزما بمبادئه واثقا من مشروعه الذي سوف يضعه في اليد الأمينة التي آمن بها، وعمل من أجل تسليمها راية التوحيد الحقيقي، ولا دليل أكبر من مناصرته لقضايا التحرر العالمية، وفي مقدمتها قضية فلسطين، فهو اليوم مقبول من جميع الدول الحرّة، بمنظماتها البديلة للنظام العالمي القديم، كمنظمة بريكس BRICS)) (4) وشانغهاي (5)،(SCO) بينما يتعاظم رفض الشعوب لأمريكا ومنظوماتها الدولية الفاشلة، لقد بدأ الصراع منذ أزمة الرهائن، واقترب موعد النصر بإذن الله.

المصادر

1 – ماذا تعرف عن أزمة الرهائن الأمريكيين في إيران ودور الجزائر في حلّها؟

https://www.trtarabi.com/explainers/7043487

2 – أزمة رهائن إيران https://ar.wikipedia.org/wiki/

3 – سورة غافر الآية 51

4 – بريكس https://ar.wikipedia.org/wiki/

5 –  منظمة شانغهاي للتعاون https://ar.wikipedia.org/wiki/

 

 

 

شاهد أيضاً

الردّ على جرائم الكيان قادم لا محالة…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم نعهد على ايران أن تخلف وعدا قطعته على نفسها أيّا كانت قيمته، السياسية أو …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024