تختلف صورة النبي الاكرم محمد صلى الله عليه و اله و سلم بين القرآن الكريم و بين السير و الروايات المختلفة،و بين السلوك المختلف للمسلمين،
و قد يبلغ الأمر احيانا حد التناقض في ضبط معالم هذه الشخصية الفريدة و في ضبط جوهرها الذي تنبع منه جميع المواقف.
و نحن نقترح العودة إلى القرآن ليكون مصدرا رئيسيا في بناء سيرة قرآنية تمثل منارة لإضاءة النقاط التفصيلية و حسم نقاط كثيرة .
ان السيرة النبوية المطهرة التي يمكن أن نكتشفها من القرآن ستعتمد منهجا تقريبيا ذا هدف بيداغوجي يستفيد من ثنائيات قرآنية ارتبطت بالاهداف الإسلامية العامة.
-1- ثنائية العدل و الظلم ،
و يعبر عنها القران بثنائية القسط و الجور او الحق و الباطل.
حيث جاء في القرآن إعلان واضح عن الهدف من بعثة الأنبياء والمرسلين عليهم السلام : “لقد ارسلنا رسلنا بالبينات و انزلنا معهم الكتاب و الميزان ليقوم الناس بالقسط ” سورة الحديد 25
و جاء كذلك : يا ايها الذين امنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله و لو على انفسكم او الوالدين أو الاقربين” سورة النساء 134.
و هنا نعتمد منطقا مختلفا يعتبر ان الوصف القرآني يحسم الخصائص العامة للسيرة النبوية،و يطرد منها جميع القصص التي تمت روايتها او نسبتها الى النبي،
استنادا إلى صدق القرآن فإن حياة النبي ستكون قياما دائما من اجل العدل و القسط و الحق،
كما ورد في القرآن : “قل جاء الحق و زهق الباطل ان الباطل كان زهوقا”
و الميزة التفاضلية لهذا الدين هي مفاهيم الحقوق :
” هو الذي أرسل رسوله بالهدى و دين الحق ليظهره على الدين كله و لو كره المشركون”سورة التوبة
و في سورة أخرى : ان الله يأمر بالعدل و الاحسان و ايتاء ذي القربى و ينهى عن الفحشاء و المنكر و البغي.. “
و حركة العدل تقوم على تثبيت حقوق الناس ( جماعة و فردا).
اما الذين ظلموا و اعتدوا على حقوق الناس فهم مطردون من دائرة الرحمة الإلهية و هم بوصف القرآن:
” و لا تخاطبني في الذين ظلموا انهم مغرقون”المؤمنون 27
و قد انعكس هذا الاهتمام الشديد بقضية العدل و الظلم و مواجهة السلطان الجائر،فقد روى الإمام الحسين عن جده الرسول الاعظم ص انه قال :
” افضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر “
و الجور تجاوز على حقوق الناس و أسوأ صور ذلك ما يقوم به الحاكم الظالم،و هذه المقاومة السلمية لها مرتبة افضل الجهاد لأنها غالبا تنتهي بصاحبها الى الخطر و السجن و التعذيب فسلاطين الجور و العدوان لا يقبلون بكلمة الحق و يبحثون عن كلمة الكذب و التزلف و التملق،
و حتى تكون الحقوق واضحة المعالم،يذكر مثالا عن فئة من المنتسبين إلى الدين،علماء الدين الذين يفترض بهم انهم امناء على مضامين الرسالة و قيم العدل و القسط و الحق، و لكن القرآن يحذر منهم :
” يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الاحبار و الرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل و يصدون عن سبيل الله و الذين يكنزون الذهب و الفضة و لا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ” التوبة
فالباطل الكبير الذي جاء الحق ليزهقه و يزيله هو الاعتداء على اموال الناس وهي حقوقهم المشروعة،و يلحق القرآن الكريم بهم مجموعة أخرى تتميز بالبخل و كنز المال و منعه من التداول بين الناس.
الوسومالرسول الكريم صلاح المصري
شاهد أيضاً
محمد رسول الله (ص) في ذكرى مولده…بقلم محمد الرصافي المقداد
عندما نصطلح على نبينا محمد صلى الله عليه وآله بأنه رحمة الله على …