قال السياسي أحمد نجيب الشابي في تدوينة نشرها على فيسبوك إنه لن يعلّق على خطاب رئيس الجمهورية قيس سعيد لأنه لا يستحق التعليق، متابعا ‘نفس التمشي التحريضي.. تحريض التونسيين بعضهم على بعض، بنفس الدوافع ولنفس الغايات: التنازع على النفوذ والصلاحيات..بين رئاسات ثلاث..’
واعتبر الشابي أن الوضع ”أخطر بكثير من أن يتحمل مزيدا من التشاجر بين فرقاء شاءت الأقدار أن يتعلموا فن السياسة على حساب مقدرات شعبهم..’
وفي ما يلي نص التدوينة كاملا :
لن أعلق على خطاب رئيس الجمهورية لهذا اليوم، لأنه … لا يستحق التعليق: نفس التمشي التحريضي، تحريض التونسيين بعضهم على بعض، بنفس الدوافع ولنفس الغايات: التنازع على النفوذ والصلاحيات … بين رئاسات ثلاثة.
الوضع أخطر بكثير من أن يتحمل مزيدا من التشاجر بين فرقاء شاءت الاقدار أن يتعلموا فن السياسة على حساب مقدرات شعبهم.
كانت الانطلاقة مشجعة: ندوات صحفية يومية لوزير الصحة وقرارات واعدة من وزير المالية، لإسعاف المؤسسات وإنقاذ مواطن الشغل وموارد عيش المواطنين ومد يد العون للمعوزين وأصحاب الحاجيات الخصوصية.
ثم أسدل الستار، وانطفأت اللوحة وغاب الصوت، لم نعد نسمع شيئا عن الحكومة ولا نرى لها اثرا. فحلت الحيرة وساد الخوف وانتابنا الشعور بالوحشة.، حتى جاءت الاضطرابات لتؤكد أن شيئا ما لا يسير سيره الطبيعي في البلاد.
لا ندري ماذا تحقق من إجراءات الحكومة وما لم يتحقق، ولا نعلم ماذا تمثله قراراتها قياسا لحاجيات المواطن والمؤسسة.
وننظر الى ما وراء البحر فنرى قيادات البلدان تتبارى على شحذ همم شعوبها بالكلمة الصادقة الصريحة، تعبأ كل طاقاتها برا وبحرا وجوا، لانها في حرب حقيقية ضد عدو غير مرئي يهددهم في ارواحهم وفي كيانهم الاقتصادي.
لا يمكن ان يستمر الوضع على هذه الحال. اطلب من رئيس الحكومة أن يخرج علينا مصحوبا بوزيره للصحة، في ندوات صحفية يومية، يخبرنا بصدق وشجاعة عن حالة تفشي الوباء بيننا، وعن حال مستشفياتنا وتجهيزاتها ومستلزماتها المادية والبشرية، وعن وضع مؤسساتنا وما يلزم لمنعها من الانهيار حفاظا على موارد عيش المواطنين ووظائفهم.
وما دمتُ لا أعلم حقيقة ما تمثله الخمسين دينار المقررة للعائلات المعوزة ولا المنح المخصصة من وزارة الشؤون الاجتماعية لستمائة وخمسين الف مواطن، فإني اقترح تتكفل الدولة بضمان ما تستحقه العائلات المعوزة والهشة بما يلزمهم من مؤن لمدة شهر أو اثنين.
لقد سبق لي ان زرت العراق قبل الحرب، وشاهدت كيف واجهت الدولة العراقية تأمين الحاجيات الأساسية لشعبها طيلة الحصار.
عاش العراق أحد عشر سنة تحت الحصار الشامل، حضر على الغذاء وعلى الدواء، وحضر على تصدير البترول. ورغم الحصار والحضر، تمكنت الدولة العراقية من توفير الحد الأدنى من الغذاء مجانا لكل العائلات العراقية، دون تمييز. وفرت الدولة لكل عائلة حاجياتها الأساسية، ضمن حصة مقدرة توزعها على المتاجر، فيتولى كل متجر مد الاسر التابعة له ترابيا بحصتها، مقابل وصل توزعه الدولة عليها.
لسنا دولة بترولية، ولكن ألا نقدر على توفير لمليون مواطن تونسي من الفئات الهشة، ما قدرت عليه دولة العراق إزاء ثمانية عشر مليونا من المواطنين ولأحد عشر سنة متتالية؟
اعتقد أن توفير الغذاء والحاجيات الاساسية الدنيا لمليون مواطن تونسي من الفئات الضعيفة، أفضل من تقديم منح مالية لا ندري ما تمثله بالنسبة اليهم، وأجدى من أن نتباكى على حالهم أو نحرضهم على بني جلدتهم بدعوى الفوارق الطبقية، وهي اثارة لا تخدم سوى مصالح ومآرب مجموعات سياسية متنافرة ومتصارعة