بات القاصي والداني يعلم أن قطار التطبيع من بعض العربان دخل مرحلة جديدة، وإقامة علاقات بشكل مباشر أو غير مباشر.. مرةً تحت غطاء الرياضة، ومرة تحت شعار الثقافة ومرة على هامش مؤتمر اقتصادي.. نعم ينطلق قطار التطبيع الخليجي من دون حياء ومن دون أن تتخلى (تل أبيب) عن الأرض المحتلة.. أو تفكك المستوطنات.. أو تُزِيل الجدران العنصرية العازلة أو تلغي قانون «يهودية إسرائيل» وكلما طبعت أكثر مع أنظمة عربية جديدة قضمت أرضاً جديدة وهجّرت سكانها.. وضيّقت على الفلسطينيين بالاستيطان وبالجدران والاستيلاء على الأراضي.. وأعمال الهدم والتهجير الممنهج.. والإبعاد القسري المدروس.. ففي عام 2018 مثلاً أي عام «التطبيع الخليجي» سُجلت أعلى نسبة استيطان في الضفة الغربية، حيث بنيت /480/ ألف وحدة سكنية ويعد هذا الرقم الأعلى منذ 1967.
فما السر، ولماذا تركز «إسرائيل» بوصلة التطبيع نحو الخليج؟.. لا نأتي بجديد إذا قلنا إن دول الخليح تمتلك ثروات واستثمارات عملاقة، وأكبر مخزون نفطي وغازي في العالم، وهي أكبر منتج لهما، والأهم أن معظم الاسواق الخليجية مباحة و«إسرائيل» تجيد استغلال الفرص، وهذا ما تصبو إليه بل إن هذه الأسواق تعطيها ميزات لم تكن تحلم بها من قبل لتقوية اقتصادها وتسويق منتجاتها.
بات واضحاً من نتائج التطبيع: محاولة تمرير «يهودية إسرائيل» وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس وتجفيف مصادر تمويل «الأونروا» والتجرؤ الأمريكي للاعتراف «بضم» الجولان السوري المحتل «للسيادة الإسرائيلية».
مايجري من تطبيع فاضح هذه الأيام هو في الحقيقة مجرد سقوط الأقنعة عن وجوه ظلت متنكرة سنوات طويلة، والتي سوقت نفسها لشعوبها على أنها «حامية» القضية الفلسطينية، ورغم مرور زهاء 71 عاماً على زرع «إسرائيل»، ومازالت كيان غير شرعي..
والسؤال: هل بعض الأنظمة الخليجية التي تسارع إلى التطبيع مع «إسرائيل» قادرة على تمريره؟.
بكل تأكيد فإن الشعوب العربية التي رفضت التطبيع منذ مطلع الثمانينات من القرن الماضي وحتى الآن قادرة على كبح جماح هؤلاء المهرولين خلف هذا الكيان وإفشال كل محاولاتهم للنيل من كرامة العرب والمسلمين.