غزة تصمد وتقاوم، ولا تنتظر الغارات الإٍسرائيلية لترد عليها، بل هي تفعل قبل ذلك بصواريخ فلسطينية، تفشل القبة الحديدية الإسرائيلية في إسقاطها وتتحمل «إسرائيل» التكاليف الباهظة من دون أي مردود، إلى حد أن كل أجهزة الإعلام الإسرائيلية، بدأت في مناقشة ما تطلق عليه بتآكل الردع لدى الكيان الصهيوني، لأنه في مدى يومين فقط تعرضت منشآت حيوية وعسكرية ومستوطنات لنحو 700 صاروخ كان من نتائجها أن أفرغت المستوطنات من قاطنيها وهرولوا إلى الملاجئ، وأغلقت المدارس، وشاعت أجواء رعب غير عادية في الداخل الإسرائيلي والمدن الكبرى ولقد هرع نتنياهو الذي وجد نفسه في مصيدة ليطالب بوقف إطلاق النار، وذلك للمرّة الثانية وعبر «مصر» في أقل من شهر واحد، ولترفض فصائل المقاومة مطلب نتنياهو إلا في ظل شروط قَبِل بها، بل رضخ لها لأن الصواريخ الفلسطينية منحت المقاومة تغيير المعادلات على اعتبار أن الردع بات في يدها.
وفي هذا الصدد أكدت صحيفة «هآرتس» أن نتنياهو أدرك وهو صانع القرار الوحيد مع عدم وجود حكومة إسرائيلية، أن «سياسته التي تبناها تجاه غزة خلال السنوات العشر التي قضاها في الحكم قد انهارت»، ويلخص يائير ليبيد «من قائمة أزرق أبيض» الإسرائيلية أن ما فعله نتنياهو خلال التصعيد الأخير يمكن تلخيصه بثلاث كلمات: استسلام- جبن- عار.
ويعترف الإسرائيليون أيضاً بأن غزة لن تذهب إلى أي مكان ولن تغرق في البحر كما تمنى رابين، وحتى الانسحاب منها ومن ثم محاصرتها، كما فعل شارون ليس قصة نجاح، بل سيناريو وهمي قد سقط لعدم القدرة الآن على إعادة احتلال غزة. وهنا تكمن الحقيقة التي يحاول نتنياهو الهروب منها، لكنه لن يحصد سوى الخيبة وهي أن غزة عنوان الفعل المقاوم والمستمر، والعنوان الأكبر أيضاً لمسيرات العودة والتي تضمنت في مسيرة يوم الجمعة الماضي شعار «الجولان عربي سوري» تأكيداً على وحدة المسار والمصير لكل محور المقاومة في مناهضة الاحتلال ومواجهته وتثبيتاً للعلاقة النضالية القوية والمتينة ما بين القدس ودمشق مع وقع الانتصارات في كل من الساحتين السورية والفلسطينية.