مما لا شك فيه، وأيّاً كان الكلام على غزة، فقد سجّلت سابقةً في تاريخ الأمم والشعوب والحركات الوطنية والتحررية، غير متوقعة ولا مدرجة على جدول اعمال القادة والباحثين والاستراتيجيين.
أن تصمد كل هذا الزمن، وأن تقاتل ببسالة وتضحية فائقة، وأن تخوض أربعة حروب دفاعية باقتدار في وجه أعتى قوة وأكثرها بطشا، ترهب العرب والمسلمين وعوالمهم جميعا، ثم تتظاهر لتؤكد حق العودة التاريخي، وتصنع سلاحها وتهرّب الاعظم تقانة وتطعم مليونين من البشر برغم الحصار الشديد، وفي كل جولة عنف تخرج بالمزيد من المكاسب، وتعرّي الكيان وتصدّر الازمات لبنيته… أمر يحتاج الى المزيد من البحث لتأكيد خلاصات التاريخ بأن الانسان أثمن رأسمال وأن فعل المقاومة عندما يصبح شعبيا ويشارك الشعب في أعماله لن تقوى قوة في الكون على كسره…
فخلال الايام المنصرمة خاضت غزة جولة عنف هي الأشدّ منذ عدوان 2014، وبمبادرة منها عندما بادرت صواريخها المنفلتة من عقال السياسة والواقعية واصابت تل ابيب واسقطت قدرة الدفاع الجوي الاسرائيلية، لتنزع اتفاقاتٍ بوساطة مصرية لم يلتزمها نتنياهو كعهد كيانه الكاذب، ولتفرض تطبيق الاتفاقات عنوةً عليه وهو الخارج من الانتخابات بنصره، ففرضت قواعد اشتباك جديدة في الجولة الجارية، لتلزم “إسرائيل” بإنفاذ الاتفاقات او تجلبها الى اتفاقات أكثر جدية وأكثر فائدة لغزة لجهة فك الحصار…
وبالجولة الجديدة فاجأت عدوها برغم انكشاف اجوائها وسمائها، ومياهها وبرّها، فقد ادخلت صواريخ الميدان “الكورنيت” بعد صواريخ ارض – أرض، وقتلت عسكريين ودمرت آليات عسكرية وأصابت مستوطنين، واضطرت عشرات الالاف الى الهجرة والنزول الى الملاجئ.
اكدت غزة أنها على خط المقاومة لا تساوم ولا تستلم وإن فاوضت فلن تعطي “إسرائيل” مكاسب، وإذا لم تحقق هي مكاسب نوعية بحجم تضحياتها فعلى الاقل تبطل وهم صفقة الوهن، وتكشف كذبة ان “إسرائيل” ما زالت قوية وتحرج الساعين الى التطبيع والخيانة، وتكشف الزاعمين انهم مع غزة وعلى خط اشتباك مع صفقة الوهن والمشروع الامريكي الاسرائيلي العدواني.
من سخريات القدر، ومن الظلم الفاضح أن تُترَك غزة بمفردها تدفع الثمن، وتتحمل العبء بالرغم من أنها لم تقصّر وتصنع أسطورة نصرٍ وتحدٍّ…
فلا بد من طرح اسئلة جوهرية؛ الى متى ستترك غزة وحيدة تتصدى لتفشل صفقة الوهن وتحمل كل الاعباء برغم توفر شروط ان تقف معاناتها.
إذا ما كانت فصائل المقاومة وتشكيلاتها وتشكيلات اللاجئين الفلسطينيين في دول الطوق وبلاد المهاجر، والاحزاب والقوى العربية والاسلامية والعالمية التي تناصر فلسطين وحقها على التزاماتهم فلماذا لم يبادروا للتضامن مع غزة وتخفيف اعبائها وحفظ تضحياتها ونصرتها.
وإذا كانت فصائل المقاومة وحلفها على القدرة التي يتحدثون عنها، ويعتبرون معركة غزة معركتهم، فلماذا لم يحركوا ساكنا، وغزة وصواريخها المهرّبة من مخازنهم تفعل فعلها برغم الحصار.
ولماذا تبقى الصواريخ والعدد والعتاد والرجال في حالة ترقب وانتظار والى متى..
ألا يستطيع فصيل فلسطيني أو عربي ان يبادر للتحرش بالكيان الغاصب على طول الحدود من مصر الى لبنان؟؟ ألا تستطيع مجموعة متمردة ان تصل الى مستوطنة في الضفة او الجولان او في فلسطين لترفع علم فلسطين.
تخيلوا لو ان احدا فعلها كم ستكون العبر والدروس واي حالة ذعر ستنتاب الكيان ومستوطنيه وقادته وما الذي كانت غزة ستحصده من مكاسب بل ما كانت قضية فلسطين ستحققه وهي على منعطف اعلان صفقة الوهن، وأيّ وهن أو أي رهاب سيبقى في قلوب وعقول المرتهبين من امريكا و”إسرائيل”!!؟؟
لا بد من التفكير والعمل لنصرة غزة فلحظات الحسم والتقرير النهائي بشأن فلسطين وقضيتها تقترب بأسرع مما يتوقعها أكثر المتابعين..
التجمع العربي والإسلامي لدعم خيار المقاومة