بقلم: صلاح الداودي |
نرتب الدول، من زاوية ملف الارهاب، ومنذ سنة 2011 ترتيبا رباعيا كدول مصنعة ومشغلة للإرهاب ودول قابلة بالإرهاب ودول مقاومة للإرهاب ودول مترددة متقلبة مراوحة بين هذا وذاك. واما الإرهاب نفسه فلا نفرق فيه بين مجموعة وأخرى وبين وظيفة وأخرى وبين أول الحلقة وآخرها ولا تفاضل في الأضرار ولا في المربعات والجغرافيات.
تتلخص وظائف الإرهاب الصهيو-اميركي والوظيفي الوكيل محليا وإقليميا ودوليا، والذي نقسمه حسب المراحل والأهداف على إرهاب تخريبي وارهاب تعديلي وارهاب استراتيجي، تتلخص الوظائف في أربع هي على التوالي: الوظيفة الأمنية والوظيفة السياسية الانتخابية والوظيفة الاقتصادية والوظيفة التطبيعية.
حتى الآن، لم تخرج العمليات التخريبية الجارية في تونس وفي المنطقة عن هذه الوظائف. لقد هدد تنظيم داعش الإرهابي مجددا وأصدر بيانات ارهابية متبنيا بعض الفوضى الخداعة التي تبدو منخفضة والتي تدب من جديد وهدد من جديد إيران والعراق وسوريا ودول العالم الأخرى وقال انه نفذ ما نفذ في تونس.
يأتي ذلك حسب راينا بداعي المشاركة في رفع مستويات التوتر في المنطقة إلى درجة التهديد بتحريك العدوان في مناطق والحرب في مناطق أخرى قبل رسو بعض الانتفاضات وقبل تحقيق بعض التسويات والتفاهمات وقبل انتهاء بعض الحروب وقبل إجراء بعض الدول انتخاباتها.
في هذا السياق يبرز من جديد العامل الاميركي وما له من مآرب في ايران والعراق وسوريا واليمن حتى تركيا وروسيا والصين وفنزويلا وغيرهم، زائد الانتخابات الأمريكية المقبلة. ثم العامل الصهيوني وما له من علاقة بكل ما سبق زائد فلسطين المحتلة وبالاضافة إلى عمله على خلق وتوطين بيئات حاضنة للصهيونية في البلاد العربية، خاصة بعد ما قاله يسرائيل كاتس المكلف بمهمة الخارجية ومن البحرين بالذات في اليومين الماضيين: “نحن سنواصل سياسة التطبيع خاصة بما لدينا من إمكانيات استخباراتية وأمنية شاملة”. ثم العامل الخليجي والتركي وما يرتبط به من موضوع خاشقجي إلى حرب ليبيا مرورا بموضوع إيران واليمن وموضوع صفقة القرن والتطبيع مع العدو، وخصوصا ما قاله كوشنير اليوم وفي أجواء متزامنة مع مؤتمر هرتزيليا الصهيوني: “سنعلن في الأسبوع المقبل عن خطوات جديدة ضمن صفقة القرن”. واخيرا العامل الإخواني وما جاء في بيان الجماعة التصعيدي الأخير من مصر دون أن ننسى تقرير مركز دراسات الحرب بواشنطن المبشر بعودة التنظيم الإرهابي للنشاط في موجة جديدة بعد التقاط الأنفاس وتجميع السلاح.
في ضوء كل ذلك نرى ان مقاومة الإرهاب ليست نصف معركة، بمعنى انها ليست مجرد افشال خطط الإرهابيين والقضاء عليهم بل معالجة الإرهاب ككل أي كسياسة معولمة وكبرنامج استعمار وتقسيم والحاق واخضاع وتبعية وتخريب لفرض سياسات وبرامج وإعادة هيكلة شاملة للمنطقة من الحكم إلى التحكم.
ونرى ان مقاومة الإرهاب والقضاء عليه هي معالجة وإنهاء للعامل الإرهابي المركب ولاستراتيجية الإرهاب وتوظيف الإرهاب بالرؤية والفهم والعناصر المذكورة أعلاه وبما هو في العمق مقاومة للاستعمار والصهيونية والتبعية والقطع نهائيا مع مقاربة “الظاهرة” التعموية والقاصرة والفاشلة والتابعة لوصفة الإرهاب ذاته. وبالتالي اتخاذ تدابير أخرى خاصة بالأمن القومي والسياسات الخارجية والسياسات الاقتصادية والمالية والنقدية والاجتماعية في كل الملفات التي تلحق الضرر بتونس على كل الاصعدة حتى لا يستقر لكل اللاعبين أمر واقع بتحويل تونس إلى أرض صفقة لا خيار فيها الا بين اما الحرب (بما فيها الاقتصادية التجويعية والاختراقية الأمنية التطبيعية) واما الإرهاب كارهاب تكفيري كان أو كارهاب صهيوني. وفي نهاية التحليل، اما الحكم التابع والفاسد والمطبع واما الخراب.
لو ننظر إلى اعماق الأمور بأكثر وضوح وصراحة وشجاعة ويقرر شعبنا وقواه المواجهة للإرهاب، نحقق معادلة لا دولة دون رجال ولا قرار دون انتصار، كحقيقة واقعية لا كشعار.
في العاجل العاجل التونسي يجب أكثر ما يجب إخراج كل سلاح الارهاب من قلب الحوت ومنع اي إمكانية لجمعه واستخدامه ونحت مواده، خاصة وان جانبا من السياسيين يثبت للإرهاب ان طريقته فيما يقوم به يمكن أن تحقق الأهداف.