بداية لا بد من الإشارة إلى أن قرار ضم الأغوار ومسطحات المستوطنات الفلسطينية المحتلة إلى السيادة الاسرائيلية هو توجه ثابت يعبر عن القناعة الفكرية الاديولوجية للصهيونيتين المسيحية واليهودية ألتي يؤمن اتباعهما،كل على طريقته، بأن الاستيلاء على الأرض الفلسطينية وتهوبدها وهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم الثالث على انقاضه هو مقدمة لا بد منها لعودة المسيح المنتظر وحدوث معركة همرجديون التي ستجري حسب إعتقادهم في سهل مجدو في فلسطين.
وإذا انتقلنا من الأساطير والغيبيات الى ارض الواقع فإن الاستيلاء على الأرض الفلسطينية وتهوبدها كما الاستيلاء على هضبة الجولان السورية المحتلة له أيضاً جانب إقتصادي مهم ايضاً لانه يضمن لهم سرقة مياه وغاز ونفط هذه المناطق المنهوبة..
ولكي لا نتسرع في إطلاق مواقف بشأن الدوافع التي حدت بنتنياهو لتأجيل قراره بخصوص الضم، فقد يكون ألسبب فنياً ، اي مسائل تتعلق بعدم اكتمال خرائط الضم الذي تعمل على إعدادها طواقم فنية امريكية -اسرائيلية مشتركة وبإكتمال العمل قد يتم الاعلان.
وربما يكون سببه،كما لاحظ الصحافي الصهيوني في قناة كان التلفزيونية الصهيونية (جال بيرغر ) يوم امس الاربعاء هو تبلور قناعة لدى الأوساط السياسية والأمنية الصهيونية بأن تنفيذ قرار الضم ربما يؤدي إلى إندلاع حرب رابعة مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة لا سيما بعد ان إعتبر الناطق بلسان كتائب الشهيد عز الدين القسام الذراع العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية “حماس” ابو عبيدة في البيان الذي تلاه الاسبوع الماضي ان المقاومة ستعتبر قرار الضم إعلان حرب وسترد عليهه.
وللدلالة على جدية هذا التهديد فقد قامت كتائب القسام في قبل يوم واحد من الموعد المعلن سابقاً لقرار الضم بإطلاق ٢٤ صاروخاً ثقيلاً بأتجاه البحر ،كما اطلقت كافة فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة تهديدات فهم منها أن قراراً قد اتخذ بالتصعيد العسكري مع إسرائيل حال إعلان نتنياهو لقراره.
وهناك احتمال ثالث بان يكون وضع ترامب غير المريح عشية الانتخابات الامريكية المزمع إجراؤها في الثالث من تشرين ثاني نوفمبر المقبل، حيث تشير آخر استطلاعات الرأي العام الامريكي إلى أن المرشح الديموقراطي جو بايدن يتقدم عليه بفارق ١٥:نقطة،قد لعب دوراً في عدم إعطاء ضوء اخضر امريكي لنتنياهو بتنفيذ قرار الضم.
فترامب يخشى ايضاً بأن تؤدي تداعيات قانون قيصر على سوريا ولبنان وتدخل السفيرة الامربكية دورتي شيا الوقح في شؤون لبنان الداخلية والضغوط التي تمارسها إدارته على ايران إلى إتخاذ محور المقاومة لقرار بالتصدي لهذا العدوان الامريكي وبالتالي ألى إندلاع حرب شاملة في المنطقة تطأل اسرائيل والقوات الامربكية المتواجدة في المنطقة.
وغني عن القول بأن إلحاق اي أضرار بإسرائيل وعودة جثث لجنود أمريكيين توابيت الى بلادهم في حال إندلاع الحرب سيقضي نهائياً على اي أمل لترامب بالفوز في الانتخابات.
كما قد يكون انتشار جائحة كورونا في إسرائيل على نطاق واسع وما يشكله ذلك من صعوبة على القوات الإسرائيلية قد لعبت دوراً في تأخير الإعلان عن القرار لان خوض الجيش الاسرائيلي المواجهات ظل كورونا ودخول ملايين الإسرائيليين الى الملاجى في ظلها هو خيار انتحاري.
ولكن يخطئ من يعتقد ان الموقف الأوروبي والعربي الرسمي قد لعبا اي دور في هذا التأجيل ،لموقف هذين الطرفين وموقف السلطة الفلسطينية المطالب باستئناف المفاوضات برعاية ما يسمى بالرباعية الدولية لا تكترث بها اسرائيل ولا تقيم لها وزناً لانها وأمريكا لا يفهمان غير لغة القوة.
ولكن وبانتظار اتضاح الصورة وإنجلاء الموقف فأن المسألة المؤكدة بان تنفيذ قرار الضم سيعمق من أزمة المشروع الصهيوني لانه سيكون بمثابة رصاصة رحمة على إوسلو ويوسع نطاق المواجهة مع اسرائيل لتشمل اضافة للشعب الفلسطيني الشعوب العربية الأخرى وعلى رأسها الاردني
في حين ان التراجع عنه سيضعف اسرائيل و سيفتح شهية محور المقاومة لتصعيد المواجهة مع اسرائيل