هشام البوعبيدي |
تصدير: “عندما تمتدح حصانك وتقول إنه جميل، فأنت تفاخر بخصال يمتلكها الحصان” الفيلسوف الرواقي ابيكتات
لم يجانب دونالد ترامب الصواب حين وصف ترسانته الصاروخية بالحديثة والذكية، مثلما تفاخر سابقا في ردّه على زعيم كوريا الشمالية بأن أزرار سلاحه النووي أكبر وأشد فتكا، وهي سقطة من جملة سقطات عُرف بها فتى “البلاي بوي” الذي يتصرّف كالغلام الغبي الذي تطربه الأهازيج وتهزّه ألعابه التي يفاخر بها لداته وأقرانه دون روية وتمحيص، فمعلوم أن “الامبراطورية الامريكية” قد جعلت من قوتها الصلبة جزءا من سياستها الخارجية، ولذلك لا يمكن التفريق في نهاية المطاف بين طواقم دبلوماسييها عن كتائبها العسكرية التي هم جزء منها.
غير أن الذي فات ترامب، أن زمن التلويح بـ”الهراوة” لمن يرفض “الجزرة” الأمريكية قد تآكل، وأن الاعتماد على القوة العسكرية والتفوّق التقني لإيلام الخصوم وتطويعهم لم يعد يجدي نفعا، فقد ولى زمن “الهجمات الاستباقية” و”الضربات دون رد” و”التدخلات الجراحية”، فقد تعولمت التكنولوجيا العسكرية وتطورت الصناعات الحربية وانكشفت أسرار التقنية النووية ولم تعد حكرا على أحد، والولايات المتحدة بطم طميمها لم تعد قلعة آمنة محصّنة عن الهجمات الانتقامية والضربات الارتدادية، كما أن قواتها المنتشرة في أرجاء المعمورة في أكثر من 180 بلدا تعتبر لقمة سائغة وهدفا سهلا لكل رام، ولن تغني عنهم صواريخهم “الذكية” ولا أسلحتهم الفتاكة، وانظروا ما حاق بهم في كوريا والفيتنام وأفغانستان والعراق حين لملموا جثث قتلاهم وأكوام خردتهم وانسجبوا طالبين السلامة….
وعلى ذلك، لم تكن تهديدات ترامب باستهداف سورية سوى “بروباغندا” فارغة يضعها السمسار الأمريكي في سلّة الفتى السعودي لمزيد حلبه واعتصار الأموال التي يمتلك منها الكثير، ألم يقل ترامب إنه سينسحب من سورية أما إذا طلبت السعودية منه البقاء فعليها أن تدفع؟ وهي تدفع وستبقى تدفع راضية مرضية حتى آخر قشّة في خزائنها، وكفى ترامب بذلك محصلة وبديلا، فالحرب للشجعان..أما السماسرة والحمقى والأغبياء فشأنهم دون ذلك.