أخبار عاجلة

في العطالة السّياسية التونسية وعبثيّتها: تقدير موقف تعقيبًا على حوار الأمين العام لاتحاد الشغل

بقلم؛ د. مصباح الشيباني |

تابعنا البارحة (18جوان 2021) جزءا من الحوار الذي أجراه الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل على أمواج قناة نسمة الفضائية، وتضمن هذا الحوار عديد النقاط المهّمة حول الأزمة في تونس، كما وردت فيه بعض المواقف التي تحتاج إلى التعقيب والتشريح النقدي (مثل علاقة الاتحاد بنقابة الأعراف..). ولكن سوف نتوقف عند بنقطة واحدة التي نعتقد أنها كانت زبدة هذا الحوار وهدفه الرئيسي، والتي تتعلق بالحل الذي طرحه الأمين العام للخروج من هذه الأزمة العاصفة بتونس، والمتمثلة في الدعوة إلى اجراء انتخابات تشريعية ورئاسية سابقة لأوانها.

لم نكن يوما من الذين يجاملون في القضايا الموضوعية أو يتحاملون على أي شخص مهما اختلفنا معه، ولكن ما طرحه السيد الأمين العام لاتحاد الشغل يثير أسئلة كثيرة، والتي ينبغي الحديث عن بعضها مثل: أين تكمن العطالة أو الأعطاب في تونس؟ أو أي من هذه السلط ( الرئاسية أم التشريعية ) المسبّبة في هذه الأزمة؟

أولاً: لما نجيب عن هذا السّؤال البسيط نضع أصبعنا مباشرة على مواطن المشكلة ومداراتها. أما عندما نقترح حلولا استعجالية وهمية لأزمة مهيكلة وبنيوية تمت مراكمتها على مدى 10 سنوات أو أكثر، ونحصرها في اجراء انتخابات شكلية، ففي هذه الحالة لن نقوم إلا بمعاودة إنتاج نفس الحالة الأزموية، لأن أزمة تونس السياسية لا تنحصر في الأشخاص الذين يحكموننا فط، وإنما تتعلق قبل ذلك، بمنظومات سياسات اقتصادية واجتماعية ليبرالية يعرف الكل أنها فاشلة ولم يجن منها الشعب غير الخراب.

ثانيًا: من أكبر الأخطاء سيدي الأمين العام، أن تضع جميع الفاعلين السياسيين والاجتماعيين في سلّة واحدة، أو أن تعتمدوا منطق “المجاملة” في المسائل الموضوعية. فكيف يمكنكم أن تجمعوا أو تسوّوا في تقييمكم لأسباب الأزمة بين الحكومات الاخوانية المتعاقبة التي تسبّبت فيها منذ عام 2011، وبين رئيس الجمهورية الذي أثبت أنه الفاعل السياسي الوحيد الذي يعمل بروح وطنية ومسؤولية عالية، وكان الكابح الوحيد أمام سياسات التمكين لحركة النهضة الاخوانية وحلفائها في الحكومة من لوبيات الفساد على الرغم من ندرة صلاحياته الدستورية في إدارة السياسات الداخلية للدّولة؟!

ثالثًا: طالما أنّ عديد التّقارير الوطنية والدولية التي كشفت أسباب الأزمة، وأهمها تقرير محكمة المحاسبات حول انتخابات عام 2019 وما تضمنه من معطيات خطيرة حول المخالفات الدستورية والفساد السياسي في هذه الانتخابات، وبما أنها لم تعالج هذه القضايا إلى حد اليوم دستوريا وقضائيا، ولم يحاسب المسببون فيها، وخاصة الهياكل الدستورية المتدخلة فيها والمسؤولة عنها بشكل مباشر ( الهيئة المستقلة للانتخابات والهيئة الوطنية لمقاومة الفساد..)، فإن دعوتكم لاجراء انتخابات سابقة لأوانها قبل معالجة هذه الملفات وحلها لن تفضي إلا إلى نفس النتيجة مع سبق الاصرار والترّصد.

في الأخير، أتمنى أن لا تكون مصالحكم الشخصية في علاقة برغبتكم في التمديد في رئاستكم للمركزية النقابية هي التي دفعتكم إلى الاصداح بهذا الموقف، الذي إن دل عن شيئ، فإنه يدل عن خضوعكم إلى منظومة جديدة تعكس انقلابا في الثوابت في ادراككم للقضايا الوطنية وطرق معالجتها. فما نطقتم به البارحة، نيابة عن رفاقكم في منظمة حشاد، لا يتعدى في رأينا المتواضع، جرعة تشاؤم لنا، ومكسبا سياسيا لشبكات المافيا ( حكومة الظل)، مراكمة لقتامة الوضع العام في البلاد، ولن يحصد منه الشعب غير نصف ثمار الوهم!

شاهد أيضاً

 “جَرَسِيّة الارهاب” في تونس وإيقاعاته على أوتار الأحداث الوطنية !…بقلم: د. مصباح الشيباني

  لم يعد الفساد في تونس ظاهرة شاذّة أو مخفية، كما لم يعد فشل الحكومة …