– رغم النصيحة الروسية للرئيس الأميركي بعد ربط بقاء قواته في سورية بمصير قواته في العراق، انطلاقاً من أنه بنظر روسيا يبقى الوجود الأميركي في العراق شرعياً، طالما حظي برضا الحكومة العراقية، ويبقى الحل لهذا الوجود تفاوضياً مع الحكومة العراقية، بينما هو وجود غير شرعيّ في سورية، ما يفتح المجال لشرعية نشوء مقاومة لمواجهته، ويعقد المشهد الإقليمي، يصرّ الرئيس الأميركي جو بايدن وقيادته على الربط بين القوات الأميركية في سورية بمصير وجود قواتهم في العراق أملاً بشراء المزيد من الوقت لدعم مشروع الدويلة الكردية.
– رغم النصيحة الروسية للرئيس التركي رجب أردوغان بعدم الانفراد بقبول أية مهمة من ضمن عضوية تركيا في حلف الناتو، في مناطق تقع تحت الاهتمام الخاص لروسيا وتجاورها حدودياً كحال أفغانستان وأذربيجان، عقد أردوغان مقايضة مع بايدن، قوامها الصمت الأميركي على مضيه قدماً بمشروع صواريخ الـ أس أس 400 الروسية مقابل نشر قوات تركية في مطار كابول، مع الانسحاب الأميركي من أفغانستان، وبناء قاعدة تركية تحل مكان القاعدة الأميركية في أذربيجان، مراهناً على ان هذه المقايضة ستشتري الصمت الروسي، وأنها ربما ستجعله يحظى بتسهيل روسي لإنجاز المقايضة.
– هذان التطوران سيحضران في الحسابات الروسية تجاه المنطقة، بعدما أكمل الحليفان السوري والإيراني عدّتهما السياسية بإنجاز سياسي وشعبي مع الانتخابات الرئاسية في البلدين التي رافقتها حالة حضور شعبي مميّز أجهضت كل رهان على الاعتكاف كنتيجة متوقعة للضغوط الاقتصادية، ما يمنح الرئيسين السوري بشار الأسد والإيراني السيد إبراهيم رئيسي تفويضاً شعبياً لترجمة الثوابت التي يمثلها انتماؤهما بقوة لخيار المقاومة، في خطوات عمليّة، بصورة ستجعل مستقبل الوجود الأميركي في سورية والعراق على الطاولة انطلاقاً من العراق، على قاعدة دعم الخيار الذي يمثله الحشد الشعبي بمقاومة الاحتلال الأميركي وصولاً لإخراج الأميركيين من العراق، ما يجعل الوجود الأميركي في سورية فاقداً كل قيمة وقدرة على الاستمرار، ويمنح روسيا فرصة تلقف الجماعات الكرديّة المنضوية تحت الراية الأميركيّة وأخذها لمفاوضات مع الحكومة السورية، بهدف ضمان نهاية سلمية لضم مناطق سيطرتها الى الدولة السورية، مقابل مكتسبات دون سقف الاحتفاظ بأي تشكيلات عسكرية خارج نطاق مؤسسات الدولة السورية.
– في سورية سيترجم الرئيس بوتين غضبه من الرئيس التركي بملاقاة الرغبة السورية بإنهاء وجود الجماعات الإرهابيّة في إدلب، خصوصاً بعدما رفض بوتين التساهل مع تعويم الدور التركي في قضية معابر المساعدات، وهذا يعني أن عمليات الاستهداف التي تتعرّض لها الجماعات الإرهابية ستتصاعد وأن تركيا المتورطة بوعدي التمركز في أفغانستان حيث تنتظرها مواجهة، وفي أذربيجان حيث ينتظرها فيتو روسي، ستجد نفسها كما كانت في معركة حلب قبل خمسة أعوام، بين خيارين مرّين، برمجة سحب الجماعات الإرهابية المسلحة، التي ربما تفكر بنقلها الى أفغانستان، أو الدخول في الصدام المباشر الذي تجنبته مراراً، وظروفه اليوم أشد قسوة وصعوبة من قبل بكثير.
– سورية والعراق على موعد مع تطوّرات حارة خلال الصيف، وواشنطن وأنقرة على موعد مع خيبات جديدة، والحاصل العراقي الجديد، بين ركني معادلة محور المقاومة السوري والإيراني سيمهّد الطريق سياسياً لمعادلة عراقيّة جديدة يفترض أن تنتجها الانتخابات المقبلة، تعيد إحياء خيار التوجه شرقاً الذي جرى إجهاضه بترحيل حكومة الرئيس عادل عبد المهدي، الذي أسقط عقاباً على توقيعه تفاهماً استراتيجياً مع الصين يشبه التفاهم الذي وقعته إيران، وعندها سيكون التلاقي السوري العراقي الاستراتيجي والاقتصادي والأمني قابلاً للتحقق لتشكيل رافعة هامة وفاعلة في معادلات المنطقة، وأول المتأثرين سيكون الأردن ولبنان.