من الواضح بان البيئة الإستراتيجية في المنطقة والإقليم تتحرك لمصلحة ايران في مرحلة حساسة تمر بها، الإنتخابات والملف النووي الإيراني، حيث نشهد حالة من التراخي في القبضة الأمريكية على منطقة الشرق الأوسط، بإعلان الإدارة الأمريكية عبر وزارة الدفاع الأمريكية ” البنتاغون” عن تخفيض جزء كبير من منظوماتها الدفاعية في العديد من الدول العربية والخليجية العراق، الكويت،الأردن والسعودية ويضاف الى ذلك سحب القوات الأمريكية من أفغانستان وأذربيجان، والتبرير الأمريكي بان ذلك يجري من أجل الصيانة، يعكس كذبة كبرى، فالصيانة يذهب الخبراء والمهندسين، حيث هي المنظومات الدفاعية وليس من خلال سحبها.
امريكا والقوى الغربية الإستعمارية من بعد قمم الدول الصناعية السبع في لندن و”الناتو” في بلجيكا، واضح أنها تريد أن تركز على الجبهة الصينية – الروسية، ومنطقة شرق آسيا، وبالذات المخاطر الكبرى القادمة من الصين، حيث باتت الصين تشكل الخطر الوجودي الأكبر على مصالح امريكا ونفوذها في هذه المنطقة الحساسة من العالم، اليابان، كوريا الجنوبية، الفلبين، وتايون.
في الإنتخابات الإيرانية التي جرت للدورة الثالثة عشر، وبمشاركة واسعة من الشعب الإيراني بمختلف ألوانه ومكوناته مسقطة الفتنة، ورهانات الإنقسام والتشرذم، ومخيبةً آمال حلفي الحرب والتطبيع، الذين كانوا يراهنون على أن حرب الضغوط القصوى من حصار وعقوبات التي فرضتها امريكا وتوابعها الغربية على طهران، ستلعب دوراً بارزا في تقليل نسبة واعداد المشاركين في هذه الإنتخابات، وكذلك فإنها قد تسهم تلك الإنتخابات في فوز الجناح او التيار الإصلاحي في ايران، تيار يراهن عليه في التركيز على إجراء إصلاحات في الإقتصاد الإيراني وبناء القدرات الداخلية للمجتمع الإيراني، وتقديم تنازلات للغرب وأمريكا فيما يتعلق بالملف النوي الإيراني، حيث العقوبات الأمريكية تركت تأثيراتها وبصماتها على العديد من القطاعات الإقتصادية والمالية الإيرانية، ولكن ثبت في الواقع، بأن الشعب الإيراني موحد خلف من يضع كرامة الوطن والشعب فوق الحسابات المصلحية والذاتية، خلف من يقف ضد كل التهديدات والعقوبات الأمريكية، خلف من يعلى شان الأمن القومي لبلاده فوق أي اعتبارات أخرى …حالة من الذعر والخوف والقلق تسود حلفي التطبيع والحرب ودولة الإحتلال الصهيوني من بعد انتخاب رجل الدين المشهدي وابن القضاء منذ شبابه ابراهيم رئيسي رئيساً لإيران، والذي نرى بأن فوزه لا يشكل إنتصاراً للتيار “الأصولي” على التيار “الإصلاحي”، فإبراهيم خاض الإنتخابات بشكل مستقل، وليعلن عن ولادة تيار ثالث ثوري، يعلق عليه الآمال في تحقيق ما لم يستطع تحقيقه لا الإصلاحيين ولا الأصوليين، ونعتقد بأن فترة رئاسة الرئيس الإيراني الجديد ستترك بصماتها على السياسات والشؤون الداخلية والخارجية الإيرانية، فالرئيس الجديد ينتصب امامه ملفات هامة جداً في الشان الداخلي، الأوضاع الإقتصادية والنهوض بالإقتصاد الإيراني، والتحرر من العقوبات الأمريكية، وفي الملفات الخارجية، الملف النووي الإيراني، التطبيع والعلاقات مع الدول الخليجية.
فوز ابراهيم رئيسي في الإنتخابات الإيرانية بما يقترب من 18 مليون صوت، وهو المتماهي مع سياسات ومواقف ورؤية الإمام والمرشد الأعلى علي خامنئي، يجعلنا نقول بأن السلطتين القضائية والتنفيذية والبرلمان والحرس ا ل ث و ر ي الإيراني، أصبحت كلها موحدة تحت قبضة المرشد الأعلى.
فوز رئيسي في الإنتخابات الإيرانية، احدث صدمة وزلزالاً عند دولة الإحتلال وأمريكا وقوى الغرب الإستعماري، فرئيس وزراء الإحتلال الجديد بينت في مستهل اجتماع حكومته الأول، مارس التحريض ضد ايران والرئيس الإيراني الجديد، حيث قال بأن انتخاب رئيسي رئيساً لإيران، يجب أن يكون بمثابة الإنذار للدول الكبرى، لكي تصحو، وهو الرسالة الأخيرة لأمريكا قبل العودة للإتفاق النووي مع ايران، ولكي لا تسمح لأسوء رئيس ايراني معروف على مستوى ايران والعالم، بأنه مسؤول فرق الموت بإمتلاك سلاح دمار شامل، وكذلك المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تداعت لعقد اجتماع امني مطول للبحث في شخصية الرئيس الإيراني الجديد، المتماهي مع سياسات ومواقف المرشد الأعلى علي خامنئي، خامنئي الذي شدد على أن الشعب هو الفائز الأكبر في هذه الإنتخابات، فقوة المشاركة الشعبية، أقوى من كل الأدوات العسكرية والسياسية والأمنية، عند الشعوب التي تحترم ذاتها، وعند القيادات التي تؤمن بالعملية الديمقراطية وبالتغيير عبر الشعب وصناديق الإقتراع، وليس عند من يتربعون على عروشهم لعشرات السنين،دون أي انجازات تذكر،وتاريخهم مليء بالفساد والقمع ومصادرة الحريات، ونهب خيرات وثروات شعوبهم، لصالح اقطاعياتهم العائلية والأسرية والعشائرية والقبلية…..أمريكا باتت تستعجل العودة للإتفاق النووي مع طهران قبل تولي الرئيس ابراهيم رئيسي لمقاليد الحكم في شهر آب القادم، فهي تدرك انه اذا لم يجر العودة للإتفاق النووي مع طهران، فإن طهران ذاهبة نحو انتاج السلاح النووي في ظل عهد الرئيس الجديد…ودولة الإحتلال تعيش كابوس ابراهيم الرئيس، ولذلك هي تبني خططها على أساس شن حرب وعدوان على منشئأت ايران النووية، ونحن نقول بان ذلك لن يكون سوى “ببروغندا” و”هوبرات” و”زعبرات” اعلامية يبدو أنهم تعلموها من العرب، فإذا كانت صواريخ غزة، تلك الشريط الحدودي الذي لا تزيد مساحنه عن 150 ميلاً مربعاً، وهو بفعل الحصار من يمتلك القدرات والموارد الأقل بفعل الحصار، قد استطاعت أن ” تهشم” دولة الإحتلال عسكرياً وسياسياً، فكيف بموارد ومقدرات وترسانة عسكرية برية وبحرية وجوية ومخزون من الصواريخ الباليستية من المدايات والأحجام المختلفة، والتي تحمل رؤوسا ومواد تفجيرية كبيرة جداً وتمتاز بالدقة العالية…فحتماً هذه الترسانة ستفعل الشيء الكثير في دولة الإحتلال، وستغير خارطة المنطقة والإقليم وستزول دول عن الوجود، وبإنتخاب الرئيس ابراهيم رئيسي، رئيساً لإيران فإن ” الجمهورية تنتصر،والثورة تنتعش “.