العصبوية والتحزب التنظيمي لا يؤدي الا الى التهلكة وتدمير الذات…بقلم د.بهيج سكاكيني

من الواضح ان “فتح السلطة” قد فقدت بوصلة الحكمة في التعاطي مع الشارع الفلسطيني التي تميز ردة فعلها على حركة الاحتجاجات والمظاهرات والتي اتت نتيجة تراكمات عدة وعلى مدى سنوات والتي ادى إغتيال الشهيد نزار بنات الى الشرارة التي قسمت ظهر البعير كما يقول المثل, نقول ردة فعل السلطة الفلسطينية تميزت بالتخبط وإطلاق التهديدات ومزيد من التعدي على البشر بالضرب والسحل حتى لنساء تجاوزت أعمارهن الستون عاما. وكذلك بفصل اللذين يعملون في الدوائر الرسمية على مثال السيد بسيسو والسيدة التي عملت ما يقرب من عشرة سنوات في “السفارة” الفلسطينية  في البرتغال وكذلك عناصر من تنظيم فتح لمجرد ان لهم راي مخالف للسلطة حيث قاموا بالتعبير عن إدانتهم اغتيال نزار وبهذه الطريقة الوحشية عندما كان من الممكن ان يعتقل بشكل عادي إذا ما استدعت الضرورة ذلك للتحقيق معه اسوة بمرات سابقة.

وبدلا من الاستجابة للمطالب الشعبية او على الاقل لبعضها بتكوين لجان محايدة ونزيه من عناصر معروفة بمصداقيتها ومهنيتها من خارج السلطة, لجأت السلطة الى القمع الوحشي من زعران نعم زعران وشبيحة كانوا بلباس مدني في الوقت الذي كان بعض عناصر اجهزة الامن يراقبون المشهد وكأن ما يدور كان يدور على كوكب آخر. هذا من جانب وما حصل في مركز شرطة بالوع البيرة وما حولها عندما أرسلت وحدة مكافحة الشغب” للتعامل مع مدنيين مسالمين مرددين عبارة واحدة يا دولة القانون اين الحريات أو شيء من هذا القبيل انهالت عناصر وحدة الشغب بالضرب المبرح ودون تمييز وبشكل همجي.

ليس هذا فقط، بل اصبح التحشيد لنصرة السلطة بشكل عشائري وبالرغم من كل هذا التوحش في الايام الماضية هو العنوان وسبيل آخر لكم الافواه والتعدي على حرية الكلمة والتعبير وإضفاء شرعية وهمية على التوحش والهمجية في التعامل مع كل معارض وإتهام حركة حماس بأنها وراء الحركات الاحتجاجية ومحاولة “انقلابية” وهو إتهام باطل من اساسه لان شعبنا وقواه الحية والذين يؤمنون ويناضلون من اجل حرية التعبير عن الراي سواء في الصفة او قطاع غزة لا يحتاجون الى اي فصيل او حركة لتحريكهم. ثم وانه بشهادة جميع من كانوا في الميدان في حركات الاحتجاج يشهدون بان حماس كحركة لم تشارك في هذه الاحتجاجات. شعبنا ليس كما يحسبه البعض وكما خبرنا يحرك بإشارة أو بهزة راس فرد الى اعلى او اسفل للتصويت بنعم او لا على سبيل المثال أو بحركة يد للتصفيق لخطيب في جمع او متحدث. وكل من لا يدرك هذا لا يستطيع ان يتفهم شعبنا وقدراته وتصميمه على العيش بكرامة وعزة والوقوف بوجه المحتل والمستعمر جيلا بعد جيل وعلى مدى أكثر من سبعون سنة مضت على نكبته. وكل من لا يستطيع فهم هذه الحقيقة لا يحق له ان يتفوه أو يدعي بانه يمثل هذا الشعب وبغض النظر من هو وبغض عن التاريخ النضالي الذي اصبح التغني به مثل التغني بأمجاد العرب الماضية والجلوس في المكاتب.

الامور لا تحل بهذه الطريقة ويجب ان لا يكون التعامل بشحن العواطف وتأجيجها وإشعال نار العصبوية والتحزب التنظيمي وإطلاق التهديدات كما حصل البارحة على المنارة “لا تستفزوا فتح” وتهديدات على هذه الشاكلة “لا تختبروا صبر فتح…” او  الذي لا يشغل عدد تنظيم اعضاءه سيارة سبعة ركاب الذي تنطح منذ بداية الاحداث وقال “فليكن شارع مقابل شارع” هذه ليست شعارات من يدعي المسؤولية الوطنية ويدعي انه يمثل الشعب الفلسطيني. هذه دعوات لن تؤدي الا الى التهلكة وتدمير الذات والمسؤولية تقع بالدرجة الاولى على عاتق من هو في مقعد القيادة سواء شاء ام أبى.

كاتب وباحث اكاديمي فلسطيني

شارك على :
المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2023