ما يحدث في تونس اليوم من أحداث تحت عناوين متعددة وأوصاف مختلفة: “انقلاب” “استبداد” “تعدي على الدستور” بالمقابل، إنقاذ البلاد من فوضى “طبقة سياسية فاسدة” إنقاذ البلاد من كارثة اقتصادية إنقاذ البلاد من صراع الأحزاب، ما هي سوى تعابير ومصطلحات تستخدم للتعتيم على العلة والسبب الذي أوصل البلاد إلى الكارثة.
تم الإطاحة بحكم بن علي تحت عنوان القضاء على الاستبداد و فتح الأبواب أمام “الحرية والديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة” فما النتيجة، تعمق الأزمة على كافة الصعد : الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ، وباتت الدولة مهددة بالإفلاس ( كذلك لبنان والأردن) والاقتصاد مهدد بالانهيار والمجتمع بالإنفلاش،
جاءت الأحداث لتعبر عن فشل حقيقي لتطبيق نموذج الديمقراطية البرجوازية ، التي تشترط دولة منتجة مستقلة وثقافة مجتمع منتج حديث، بمعنى دولة ومجتمع أنجز مهام الثورة الديمقراطية البرجوازية، وهذا لم يحصل في تونس، ولا في أي دولة من دول المحيط التابعة، فكان فشل الديمقراطية البرجوازية في التطبيق على دولة ومجتمع ما تزال تعيش مرحلة التحرر الوطني.
فهل كشفت أحداث تونس وقبلها مصر ولبنان والعراق وهم زرعه إعلام المركز الرأسمالي وأتباعه بأن الحل يكمن في ” التبادل السلمي للسلطة” وتبني سياسة السوق المتحرر من كل القيود، وخصخصة القطاع العام وتطبيق “دعه يعمل دعه يمر” وتعميم ثقافة الفرد لتذرير ثقافة المجتمع وبناء منظمات ” المجتمع المدني” ذي المهمة الواحدة من أجل تفكيك مشروع بناء المجتمع المتكامل،
فشل وهم استيراد الحلول الجاهزة من الخارج وفشل تبني نموذج خارج بيئته وظروفه.
للخروج من الأزمة لا بد من عودة تبني متلازمة التحرر الوطني والتحرر الاجتماعي من قبل كافة الشرائح الوطنية الكادحة والمنتجة وممثليها
نتائج التجربة العملية على أرض الواقع خير دليل. .