إن ما يحدث الآن في تونس لا علاقة له، من قريب أو بعيد، بالديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان والممارسات السياسية… وإنما هو ضرب من اللؤم والإسفاف والإستهتار والفساد وقلة الحياء..، نعم لقد تعددت مظاهر الإنحدار إلى دهاليز الحضيض، والشعب يتابع كرنفال الوضاعة والرداءة والسفالة بدهشة وٱستغراب وٱستياء..، إنها علامة من علامات إنحدار منظومة “مفيوزية” طالما هيمنت على البلاد..، لابد من التحرك بجدية وفاعلية لفضح كل هؤلاء الذين إستفادوا من هذه المنظومة الفاشلة والمفلسة وجعلوا منهما أصلا تجاريا لتأكيد حضورهم وتأجيج الصراعات وعرقلة كل محاولات الإصلاح والإساءة للوطن والتذيل للبلدان الأجنبية والإستنجاد بها ضدّ سيادة تونس وشعبها، إنهم لا يستطيعون العيش إلاّ في بؤر التوتر والفتن ومجاري العمالة والخيانة وقواميسها المشحونة بالسوقية ومستنقعات التحيل والفساد والإثراء غير المشروع…
لقد تفطن الشّعب، أخيرا، لحقيقة كل هؤلاء الذين أغرقوه، منذ ركوبهم سروج الثورجية الزائفة، في بحار من الشعارات الرنانة والوعود المغرية وفضح أكاذيبهم وترهاتهم وزيفهم، بالإنتهازية والغش والتحيل بٱسم الديمقراطية الوهمية وتحت مظلات “الحرية والحقوق”.. كشف الشّعب زيفهم وخداعهم ومغالطاتهم طيلة عشر سنوات عجاف، وضرب المسار الديمقراطي في الصميم، وقد حان الوقت لإنهاء هذه المهازل التي تسيء للبلاد وللمسار الديمقراطي الجديد، لأن تواصل مثل هذه المهازل والفضائح والدونكوشوتيات والفلكلوريات سيزيد في إحباط المواطنين ويعمق شعورهم بخيبة الأمل، وهو ما سيتسبب في ضرب المسار الديمقراطي برُمته في الصميم ويبدد الحلم بٱستعادة البلاد لعافيتها وخروجها من النفق المظلم الذي تردت فيه..
بعد الخامس والعشرين من جويلية، الشعب التونسي العظيم يفتح صفحة جديدة من تاريخ تونس ويقدّم في سياقها درساً في الشرعيّة والسيادة وكيف بإمكانه استعادة القرار وسحب الثقة من منظومة حكم فاشلة اعتقدت أنّ التّمترس وراء أحزاب تقليدية والاستعانة بالمال الفاسد والإعلام يمكن أن يمدّد فترة حكمها ويحافظ على مكانها ضمن واقع سياسي لم يدركوا بعد أنّ أغلب التونسيين وخاصّة فئة الشباب قد كرهته ولفظت الأحزاب السياسية وأجنداتها وأحزمتها الإعلامية والمالية..، جدار منظومة الفشل والفساد سميك جداً ومرتفع جداً أمام الإصلاح، وسنبقى نحاول حتى نهدم هذا الجدار الذي يصادر آمال التونسيين بدولة تنتصر على الفساد، نحن نعلم أن منظومة الفساد لن تستسلم بسهولة، ونعلم أن هذه المنظومة ستقاتل بشراسة لحماية نفسها، لكنني على يقين أن هذه المنظومة ستسقط في النهاية، لابدّ أن تنتصر إرادة التونسيين الأحرار..
الاطراف التي تتطلع للتدخل الخارجي والاستقواء به من أجل إعادتها إلى سدة الحكم أو فرض حلول لا تخدم مصلحة الشعب قد فقدت علاقتها بالوطن والشعب وصارت مجرد أدوات لقوى خارجية لا يهمها غير مصالحها في المنطقة وفي البلاد، فإن ما تقوم به بعض الأطراف السياسية من الجبهة المضادّة، يؤكد ما تعيشه المنظومة الساقطة من زلزال ومن تخبط أثّر على سلوكها السياسي الذي بلغ عبر الاستنجاد بالقوى الأجنبية، وتحريك لوبيات وتأليب الرأي العام الدولي على الدولة التونسية، على إثر ما أعلن عنه الرئيس قيس سعيّد من قرارات بعد الخامس والعشرين من جويلية 2021.. والحال أن الضرر الذي تسببت فيه المنظومة السياسية بقيادة حركة النهضة على امتداد 10 سنوات للدولة التونسية، وللشعب التونسي، هو أكبر بكثير، لكن شأنها سيكون شأن كل من سبقوها ممن لم يترددوا في الاستقواء بالأجنبي ضد بلدانهم “سيلعنهم التاريخ”..، ومن العار أن نجد من يُهلّل لمطالب الإستقواء بالخارج والإملاءات الخارجية والوصاية على السيادة الوطنية معتبرين خيانة الوطن والشعب إنتصاراً.. لا أحد يستطيع أن يفرض إرادته على إرادة الشعب التونسي، قبل 25 جويلية تم السطو على إرادة الشعب التونسي من قبل نظام خفي يريد التحكم في الدولة وبعد 25 جويلية عملية تصحيحية لمسار 17 ديسمبر وفق إرادة الشّعب، وبالتالي ؛ تصحيح المسار في تونس هو شأن داخلي تونسي محض، ولا يحق لأي قوة أجنبية التدخل فيه، واستقلال القرار الوطني مسألة غير قابلة للمساومة أو البيع أو الشراء، والاستقواء بالقوى الأجنبية يندرج في إطار خانة التفريط في هذه السيادة الوطنية.. وأنّ الشعب بأغلبيّته الساحقة لا يقبل بأي حال تدخلاً في شؤونهم الداخلية، ولن يقبل بسيادة الخارج على السيادة الشعبية والسيادة الوطنية، وأن أصحاب هذه الدعوات قد فضحوا أنفسهم وأظهروا حقيقة مواقفهم بشأن الوطن، وحقيقة الديمقراطية التي يتشدقون بها..، بالله عليكم من أي طينةً أنتم؟!.
مسيرة اليوم 10 أكتوبر 2021، بتعلّة حماية الديمقراطية المزعومة، لاحظنا وأنّ هناك تعمد لإستفزاز القوات الأمنية من قبل المتظاهرين في محاولة فاشلة لنشر الفوضى وثمّ التباكي في وسائل الإعلام المأجورة لدى القوى الأجنبية على إنتهاك حرية التظاهر السلمي والتعبير .. هؤلاء يعطون التعليمات للمتظاهرين لإستفزاز الأمنيين ونشر الفوضى هم نفسهم من يعطون التعليمات لحكومة المشيشي الفاشلة لقمع المتظاهرين فــــعن أي ديمقراطية تتحدثون !! .. هؤلاء ينفقون المال السياسي الفاسد لكراء حافلات لنقل المتظاهرين، وفي عهدتهم الشّعب جائع والدولة مفلسة..و يستنجدون بالقوى الأجنبية ضدّ سيادة تونس وشعبها، ويستفزون القوات الأمنية ومحاولة الإعتداء عليهم.. ومن العار أن نجد يُهلّل ويشارك في مسيرة مع من إستنجد بالقوى الأجنبية ومع المتآمرين والفاسدين والإنتهازيين.. ضدّ إرادة الشّعب..لقد أوجعتم الشعب وتآمرتم على الوطن وقد آن الأوان لكنس المنظومة الفاشلة والمفلسة برمّتها، 10 أكتوبر “طواف الوداع” ولابد من إنهاء المهزلة وكنس العملاء والمفسدين وتطهير القضاء وتطبيق علويّة القانون..
سيادة الرئيس، الوضع أصبح ينذر بكل المخاطر، ولم يعد هناك مجال لإطالة التجاذبات التي تزيد من تعميق الأزمة والجبهة المضادّة أصبحت تستفيق من الصدمة ..، أطرح رؤيتك يا سيادة الرئيس إنّ لقيت الدعم السياسي والمدني والشعبي فليكن الأمر كذلك… لقد آن الأوان لتحقيق إرادة الشّعب وتطبيق علويّة القانون لإسكات خونة الداخل وإنتهاكات القوى الخارجية التي تتدخل في الشأن الداخلي التونسي.. آن الأوان يا سيادة الرئيس لتأخذ قرارك ..تونس وشعبها اليوم في حاجة لرجل دولة أقسم على حفظ أمانة الشعب .. آن الأوان سيادة الرئيس.. قد آن الأوان لهذا الشعب أن يضمد جراحه وينسى أحزانه ويعيش حياة كريمة كبقية الشعوب، ويقرر مصيره بنفسه دون وصاية من أحد..
المرحلة القادمة، الإصطفاف خلف الرئيس والدولة بقوة واجب شرعي ووطني، وأنا من الذين يؤمنون بأنّ قرارات رئيس الجمهورية قيس سعيّد لحظة مفصلية في تاريخ تونس نحو ديمقراطية حقيقية يكون فيها الشعب التونسي بالفعل صاحب السيادة ومصدر السلطات، ومن الذين يؤمنون بأنّ “سلطات مجتمعة مؤقتا بيد رجل عادل إنحاز لشعبه، أفضل ألف مرة من أن يتقاسمها اللصوص والخونة والعملاء والفاسدون” ..
عاشت تونس حرّة مستقلّة ذات سيادة عاش الشعب التونسي العظيم