شروط استعادة مطالب السابع عشر من ديسمبر: _1
مازلت متشبثا بأن آخر فرصة لاسترداد مطالب «ثورة» الشباب هي رئاسة قيس سعيد، بشرط الالتزام بمطالب تلك الثورة« شغل! حرية! كرامة وطنية!» ، وبشرط التحالف مع القوى الوطنية الصادقة والنزيهة وبشرط ان تكون هذه الفرصة حاملة لمشروع تغيير واضح يضم خطوات العاجل وخطوات الاجل… فمن السذاجة أن نحصر آمالنا من الخامس والعشرين من جويلية(يوليو) في تخلص من برلمان فاسد، أو «القضاء» على الإخوان المسلمين، أو اقرار نظام رئاسي، أو حتى القضاء على الفساد. فذلك على أهميته لا يعبئ الشعب، لأنه لا يعرف إلا شعاره الأول : « شغل! حرية! كرامة وطنية!». ومن محبطات نجاحنا أن نكون غير حاملين لمشروع تغييري واقعي، في حين أن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية قد اشتغل عليه طيلة عشر سنوات!!
فلا بد للرئيس من فريق مختصين في اقتصاد الأزمة وفي منوال العدالة الاجتماعية والسيادة الاقتصادية. ولا بد أن نراهن على إيجاد رئيس شجاع أمام الكمبرادورية الثقافية والسياسية والاقتصادية وأمام الإمبريالية والصهيونية، دون ادعاء ولا تهور، سواء في شخص الرئيس الراهن أو غيره بالمراكمة التعبوية والإصرار النضالي. فهل يكون الكوبيون والأمريكيون الجنوبيون أشرف منا وأجرأ على السيادة والاقتصاد العدالي والتضامنية الأممية؟!
الشروط الموضوعية لكفاءة حكومة الرئيس ونجاعتها:_2
عيّن الرئيس قيس سعيّد رئيسة للحكومة. فتفاءل أنصاره خيرا، لأنها «امرأة»، وهي «أول امرأة تونسية تكون رئيسة حكومة» و «لأنها من ولاية القيروان وهي إحدى الولايات الهامشية».
لكننا، عندما نتعامل مع قضية خطرة، مثل رئاسة الحكومة في زمن أزمة اقتصادية-صحية خطيرة جدا، يجب أن لا يحضر لدينا الانتماء الجنوسي ولا الانتماء الجهوي.
فما يهم هو ما يملكه المترشح لهذه المهمة الخطرة من ضمانات للنجاح فيها سواء كان رجلا أو امرأة.
العقل يريد شخصا (بقطع النظر عن جنوسته) عارفا بأهمية الاقتصاد، بل بأهمية علم اقتصاد الأزمة، وقدم طيلة سنوات مشاريع حلول على المدى الحاضر وعلى المدى البعيد.
العقل يريد شخصا لا يميل إلى صندوق النقد الدولي والبنك العالمي والإمبريالية التي تديرهما، بل يميل إلى الاقتصاد المستقل، الاكتفائي والمتعاون مع العالم المناهض للإمبريالية والهيمنة، والمائل للتوازن الجهوي وللطبقات والفئات المهددة. والذي يقبل الاقتراض من الصين لا من الصناديق الإمبريالية الارتهانية إذا كنا مجبرين وقتيا على الاقتراض..
لابد للرئيس من فريق وزراء في المالية والاقتصاد والتنمية والفلاحة(…) أقرب لما يجب أن يكون، أي مختصين في الأمر وذوي إرادة وطنية وانحياز للطبقات الشعبية .
ويجب أن لا نعيد الخطأ الشنيع في وزير الفلاحة مرة أخرى، فيكون مهندسا فلاحيا، بينما المطلوب أن يكون مختصا في علم الاقتصاد الفلاحي( من نوع الدكتور محمد اللومي). فالمهندس الفلاحي هو ذو معرفة موضِعية_تقنية، ولا يمكن أن يحمل، بحكم تكوينه، بصيرة استراتيجية_تغييرية لاوضاع الفلاحة والصيد البحري والرعي والغابات.
لست متشائما. ولكن الظرفية تحتم علينا أن نكون أكثر عقلانية، وأكثر وطنية، وأكثر سرعة _لا تسرعا_ في الإنجاز الثوري.
خلاصة القول:
إن تونس في منحدر جبلي. ولابد لها من قيادة من نوع موخيكا وتشافيز ومورالس وأبي مدين الغوث، أي قيادة تنظر إلى الآجل والعاجل معا، بأطروحة عدالية-عالمية-ثالثية، واستقواء مغاربي(خاصة بالجارة الجزائرية لأنها الأكثر سيادية وشجاعة _دون تهور_ من بقية أقطار المغرب الكبير) … فمؤتمرات العصبية الفرنكوفونية تحبط كل هذه الآمال… وفرنسا التي لم تعتذر إلى حد الآن عن احتلالها لبلاد المغرب الكبير ومازالت تمسك بالكثير من ثرواتنا الباطنية، والتي مازالت لا تعتبرنا «أمة»، لا يمكن أن نستثيقها لأنها ليست فرنسا روجه غارودي وهنري كربان وكرستيان بونو، بل فرنسا جول فيري…
وحذار من شعبنا… فهو لن يصبر إلى الأبد، إذ أنني قد أخاف من مراداته غير المؤطرة يوما ما إذا لم نعجل بالاستجابة لمطالبه الاقتصادية أولا…