الإثنين , 23 ديسمبر 2024
أخبار عاجلة

لا تغترّوا برجال الدين وكلامهم…..مواقفهم فقط دليلكم إلى إتّباعهم…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم يكن أكثر إيلاما للإمام الخميني رضوان الله عليه، وهو يقود نضاله ومعارضته للشاه، من زمرة رجال الدين، من عمائم التفيقه والتمظهر بمظهر خداع الشعب الإيراني، وسلبه إرادة التّغيير، بتحييده عن مسيرة الثورة المظفّرة، خدمة لنظرتهم السّلبيّة القاصرة، البعيدة عن حقيقة الإسلام المحمدي الأصيل، وعصر التمهيد لمنقذ البشرية، مولانا صاحب العصر والزمان عجل الله فرجه.

وهو تقدست أسراره من خلال هذا المنشور المعبّر، المليء تعريفا وتضمينا لفئة من رجال الدين، آثروا المتاجرة بدينهم وبيع مبادئ الإسلام خدمة لأعدائهم، شعروا بذلك وكانوا مقتنعين بمواقفهم، أم لم يشعروا، بحكم التيّار المنحرف الذي اختاروا المضيّ فيه، أختصرُ من منشوره هذه الفقرات المعبّرة، لتكون موعظة لمن اتقى الله حقّ تقاته، واحتاط لديناه وآخرته، يقول مصلح هذا العصر، ومعيد راية الاسلام مرفرفة بعد انتكاساتها، وباعث روح الإسلام الشمولي في طلائع الأمّة، التوّاقة لعودة دينها إلى الفعل والفاعيلة، وملإ ساحات الدفاع عن كل مقدّس وشعيرة، لتكون كلمة الله هي العليا:

(إنّ رجال الدين المرتبطين والمتظاهرين بالقداسة والمتحجرين لم ولن يكونوا قلة، ففي الحوزات العلمية، ثمة أفراد ينشطون ضد الثورة والإسلام المحمدي الأصيل، واليوم نرى عدة من هؤلاء، ومن خلال التظاهر بالقداسة، توجه سهامها إلى قواعد الدين والثورة والنظام، كأنه ليس لديها همًّ غير ذلك، إن خطر المتحجرين والمتظاهرين بالقداسة الحمقى غير قليل، في الحوزات العلمية، وعلى الطلبة الأعزاء أن لا يغفلوا لحظة واحدة عن هذه الأفاعي الرّقطاء، إذ أنها تروج للإسلام الأميركي وأعداء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا بد للطلبة الأعزاء المحافظة على وحدتهم أمام مثل هذه الأفاعي.

بعدما يئس الاستكبار العالمي من القضاء على علماء الدين، وتدمير كيان الحوزات العلمية، لجأ في عصرنا الحاضر إلى أسلوبين لتنفيذ مخططه، الأول أسلوب القوة والإرهاب، والثاني أسلوب الخداع والتضليل، ولما فشلت حِرْبته في الإرهاب والتهديد بتحقيق اهدافه، سعى الاستبكار إلى أسلوب الخداع والتضليل، وتقوية نفوذه في الأوساط الدينية، ولعلّ من أولى تحركاته وأهمها، الترويج لشعار الفصل بين الدين والسياسة، ومع الأسف استطاعت هذه الحِرْبة أن تترك تأثيرها إلى حد ما، في الحوزات العلمية، وفي أوساط الروحانية، إلى درجة أصبح التدخّل في السياسة دون شأن الفقيه، وكان الخوض في معترك السياسة مقروناً بتهمة التبعية للأجانب.
لا شك أن علماء الدين المجاهدين تضرروا كثيراً من هذا النفوذ،  فلا تتصورا أن تهمة التبعية وافتراءات عديمي الدين الاغيار وحدهم الذين كانوا يلصقونها بالروحانية، أبداً، بل أن الضربات التي ألحقها رجال الدين الجهلة والواعين المرتبطين، كانت ولا زالت أكثر تأثيراً من ضربات الاغيار.
إبان انطلاقة النضال الإسلامي، إذا كنت تريد أن تقول: إن الشاه خائن، كنت تسمع على الفور: ولكن الشاه شيعي!!. ان عدة من المتظاهرين بالقداسة والرجعيين كانت تعتبر كل شي‏ء حراماً، ولم يكن يجرؤ أحد على مواجهة أمثال هؤلاء .. إن الآلام التي تجرع مرارتها والدكم العجوز، بسبب هذه الفئة المتحجرة لم يواجه مثلها مطلقاً من ضغوط ومضايقات الآخرين. وعندما شاع شعار الفصل بين الدين والسياسة واضحت الفقاهة في منطق غير الواعين، الانغماس في الأحكام الفردية والعبادية، وبالضرورة لم يكن يحق للفقيه الخروج من هذا السياق وهذه الدائرة، والخوض في السياسة والحكومة، اصبحت حماقة عالم الدين في معاشرته للناس، فضيلة، وعلى حد زعم بعضهم، أن الروحانية تكون جديرة بالاحترام والتكريم، عندما تقطر الحماقة من كل نقطة في وجودها، وإلا فان عالم الدين السياسي والروحاني الواعي والفطن، مغرض ومدسوس.

كان كل هذا من الأمور الرائجة في الحوزات، وكل مَنْ كان ينهج نهجاً منحرفاً كان يعتبر أكثر تديناً، فتعلم اللغة الاجنبية يعتبر كفراً، والفلسفة والعرفان كانتا تعدان ذنباً وشركاً، ففي أحد الأيام شرب الإبن العاقل السليم المرحوم مصطفى من جرّة ماء في المدرسة الفيضية، فأخذوا الجرّة وطهّروها، لأن أباه يدرس الفلسفة،. انني على ثقة لو أن مثل هذا النهج كان قد استمر، لأصبح وضع الحوزات وعلماء الدين وضع كنائس القرون الوسطى، غير أن الله تعالى منّ على المسلمين وعلماء الدين، وصان كيان الحوزات ومجدها الحقيقي.

إن العلماء المؤمنين بالدين تربوا في أمثال هذه الحوزات وعزلوا صفوفهم عن الآخرين. وان نهضتنا الإسلامية العظيمة استمدت وجودها من هذه البارقة، طبعاً لا زالت الحوزات تعاني من هذا النمط من التفكير، ويجب أن نكون حذرين، لئلا تنتقل فكرة الفصل بين الدين والسياسة من المتحجرين إلى الطلبة الشباب، وما ينبغي للطلبة الشباب التعرف عليه، هو كيف أن البعض شمّرت عن ساعد الجد، في الفترة التي كان يهيمن المتظاهرون بالقداسة، الجهلة والأميون السذج على كل شي‏ء، وخاطرت بأرواحها وسمعتها من أجل إنقاذ الإسلام والحوزة وعلماء الدين، إذ لم تكن الأوضاع بما هي عليه اليوم، فكل من لم يكن يؤمن تماماً بالنضال، كان ينسحب من الساحة تحت ضغط وتهديد المتظاهرين بالقداسة، وإن إشاعة أفكار من قبيل أن الشاه (ظِلّ الله)، وانه من غير الممكن مواجهة المدفع والدبابة بأيد خالية، أو أننا غير مكلفين بالجهاد والنضال، أو مَنْ المسؤول عن دماء القتلى، والأسوأ من كل ذلك الشعار المضلل، من أن الحكومة قبل ظهور المهدي المنتظر عليه السلام حكومة باطلة، إلى غير ذلك من الاشكالات الواهية، كل ذلك كان يخلق مشكلات كبرى وظروف صعبة، لم يكن بالإمكان مواجهتها بالنصيحة والإعلام والنضال السلبي، وانما كان طريق الحل الوحيد النضال والتضحية بالدماء، والذي هيأ الله تعالى وسيلته.

إذ أعد علماء الدين والروحانية الملتزمة صدورهم لاستقبال كل رصاصة مسمومة كانت تستهدف الإسلام وتقدموا بخطوات ثابتة إلى مذبح العشق. وقد تجلى أول وأهم فصول النضال الدامي في عاشوراء 15 خرداد. ففي 15 خرداد من عام 1342 (1963 م)، لم تكن المواجهة مقتصرة على رصاص بنادق ورشاشات الشاه، إذ لو اقتصر الأمر على ذلك لكانت المواجهة سهلة، وانما كان رصاص الخداع والتحجر والتظاهر ينطلق من أوساط الجبهة الداخلية، حيث كان رصاص الكناية والنفاق والازدواجية يؤلم القلب، ويحطم الروح ألف مرة، أكثر من البارود والرصاص، وحنذاك لم يمر يوم دون حادثة، حيث لجأت الأيادي الخفية والواضحة لأميركا والشاه، إلى بث الشائعات والتهم حتى أنهم أخذوا يلصقون تهمة تارك الصلاة وماركسي وعميل للإنجليز، بالذين كانوا يقودون النضال، في الحقيقة ان علماء الدين الأصيلين كانوا يبكون دماً في العزلة والأسر، وهم يرون كيف أن أميركا وعميلها الشاه، يعملون على اجتثاث جذور الديانة والإسلام، وان عدة من رجال الدين المتظاهرين بالقداسة يعملون عن قصد أو دون قصد، على تعبيد الطريق أمام هذه الخيانة العظمى.

إن الإساءة التي ألحقها بالإسلام أمثال هؤلاء المتظاهرين بالقداسة والمتلبسين بزي رجال الدين، لم يتلقها من أية فئة أخرى. ولعل مظلومية أمير المؤمنين عليه السلام وغربته الصارخة في التاريخ نموذج بارز لذلك، لأكتفي بهذا ولا أهيج المضاجع أكثر من هذا.(1)

هؤلاء العلماء وطلبة العلم ذوي عقلية الفصل بين الدين والسياسة وذوي الأفكار المعطّلة لحركة الثوّار وأصحاب السّعي لتحقيق أهداف الأنبياء والمرسلين في ارساء حكومة الاسلامية تعمل على اقامة العدل بين أفرادها، وتسعى بجهود أحرارها لتقريب زمن ظهور وليّ الله الاعظم الإمام المهدي عجل الله فرجه تمهيدا لظهوره المبارك، وكل ظاهرة أو دعوة فيها تجريح للنظام الاسلامي نظام وليّ الفقيه العادل، أو تحييده من الساحة الإسلامية وتنفير المسلمين منه، هي دعوة شيطانية، يتحمّل أوزارها من دعا إليها من اشباه العلماء، وما أكثر هؤلاء في زماننا، فليحذر المؤمنون من الوقوع في شراك من لبس العمامة زورا، وتجلبب بجلباب الدين بهتانا، ونطق بلسان آثار المعصومين تظاهرا بالتقوى، وهو يخدم أهداف أعداء الإسلام المحمدي الأصيل، فلا تغرّنكم هذه المظاهر وأصحاب دعواتها الضالة، وبين ظهرانيكم إخوانكم ممن سبقكم في الإلتزام، يحوطونكم بالنصح وصدق الحديث، جرّبوا هؤلاء بمختلف الطرق، ففي التجارب يتميّز المعدن الثمين من الرخيص.

المصادر

1 – ما قاله الإمام الخميني في منشور رجال الدين

http://ar.imam-khomeini.ir/ar/n30296/

شاهد أيضاً

الردّ على جرائم الكيان قادم لا محالة…بقلم محمد الرصافي المقداد

لم نعهد على ايران أن تخلف وعدا قطعته على نفسها أيّا كانت قيمته، السياسية أو …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024