هل تراجع الحماس السعودي فجأة خلال الاسابيع القليلة الماضية عن تنفيذ او البدء بتنفيذ المرحلة الاولى من مشروع سكة حديد اردني حصلت مجموعة سعودية على المقاولة والعطاء الخاصان به وله صلة بما أعلنته صحيفة “جوروساليم بوست” الاسرائيلية صباح الاربعاء بعنوان طموح اسرائيلي ببناء سكة حديد تصل البحر المتوسط بالخليج العربي؟
سؤال يبدو طويل الى حد ما لكن عمان لاحظت مؤخرا بان حماس مستثمرين سعوديين حصلوا على مقاولة ووثائق مشروع سكة حديد كبير يربط مدينة العقبة جنوبا بعمان العاصمة اصيب بالفتور المفاجيء بالرغم من اجتهاد السعوديين بالحصول على العطاء من الاردن بعد منافسة حادة وسباق لا بل صراع استثماري خلف الكواليس مع مستثمرين إماراتيين رغبوا بشدة بتلك المرحلة من المشروع الاردني.
قاتل السعوديون خلف الستارة بشراسة للحصول على العطاء.
وقررت حكومة الاردن منحهم العطاء المطلوب على امل ليس جذب الاستثمار فقط ولكن تقريب وجهات النظر السياسية وتقديم ادلة للرياض على ان عمان ليست ضد الشراكة الاقتصادية والتجارية معها لا بل ترحب باستثمارات الصندوق السعودي.
اوراق وملفات ذلك العطاء بين العقبة وعمان لإقامة سكة حديد تنقل البضائع والركاب ايضا كان جزء من سلسلة تراخيص اردنية منحت للسعوديين ضمن ترتيبات خاصة قبل اسابيع من الزيارة التي قام بها للأردن الامير محمد بن سلمان مؤخرا وعلى اساس دعم ومساندة المصالحة بين البلدين بعد ازمة استمرت نحو 4 سنوات وكانت صامتة وانتهت بخلافات حادة خلف الستارة بعدما سمي بالأردن بملف الفتنة وتورط مستشار مقرب جدا من ابن سلمان فيها وسجنه.
وضع الحماس السعودي للمشروع الاردنيين تحت انطباع بان الامور تشير بالاتجاه المخطط.
لكن لوحظ مؤخرا نوع من التأخير والمماطلة في تشكيل لجان او خطوات عملية او تقديم التزامات مالية تبدأ المشروع والذي يراهن عليه الاردن ليس في تطوير بنيته الداخلية في مجال النقل والشحن ولكن في ان يلعب عبر سكة الحديد تلك دورا في التعاون على البحر الاحمر والنقل البحري والشحن البري ايضا.
طوال ثلاثة أعوام على الاقل كانت الاجتماعات المغلقة الاردنية تتحدث عن افاق عملاقة في المستقبل اقتصاديا تراهن حصريا على خدمات النقل والشحن وعلى سكة حديد بحضور اقليمي.
وقال سياسيون كبار عدة مرات بانهم سمعوا حتى في القصر الملكي تفاؤلا حول جدوى وانتاجية مشروع سكة حديد كبير في الطريق وسط الانطباع بان المشروع لا يتعلق حصرا بالأردن والسعودية بل بالإقليم برمته.
وهو عمليا المغزى المستور والذي كشفته الى حد بعيد صحيفة “جوروساليم بوست” وهي تتحدث صباح الاربعاء عن مقترح موثق ومكتوب سيتقدم به وزير المالية الاسرائيلي للرئيس بايدن مباشرة عند زيارته الى تل ابيب بعنوان ” ربط سكة حديد من ميناء حيفا عبر الاردن بأسواق دول الخليج العربي عبر السعودية.
واغلب التقدير ان الضوء الاخضر الامريكي لهذا المشروع التطبيعي الكبير صدر منذ سنوات وما يبدو عليه الامر حتى الان وفقا لمعطيات علمت بها راي اليوم من مصادر امريكية مطلعة على التفاصيل ان اسرائيل متحمسة جدا والاردن جاهز ولا يمانع والذريعة الاساسية بعد معركة فايروس كورونا هي التعاون الاقتصادي بين دول الاقليم وتخفيض كلفة الشحن والنقل بمال خليجي طبعا.
وتأمل اسرائيل بان يضغط الرئيس الامريكي لتنفيذ المشروع لكن ما يبدو انه يثير بعض الغموض هو الفتور السعودي والبطء في التنفيذ لان البنية التحتية للربط بين سكة حديد تبدا في حيفا وتمر عبر شمال الاردن شبه جاهزة في الطرفين فيما اوراق الجزء المتعلقة بالعقبة عمان جاهزة ايضا.
ما كشفت عنه جوروساليم بوست عمليا وترجمته ونشرته صحيفة عمون الاردنية ظهر الاربعاء يؤشر على واحد من اكبر مشاريع ما يسمى بالسلام الابراهيمي.
ويبدو واضحا للمراقبين ان الرياض كانت في وضع لا يمانع المشروع بل يتسابق لخطفه من ابو ظبي قبل التحول فجأة الى وضعية الصامت وبصورة مرجحة بأوامر وتعليمات وتنسيقات من مكتب الامير بن سلمان.
المصدر “رأي اليوم”