حينما سألوا ستالين عن أي الانحرافات أسوأ للحركة الشيوعية: يسارا أم يمينا، أجاب: كلاهما أسوأ.
هكذا الأمر بالنسبة لرفع سقف الدين العام في الولايات المتحدة الأمريكية الذي يغير من طبيعة المخاطر، لكنه، في الوقت نفسه، لن يقلل من احتمالية انهيار الاقتصاد الأمريكي.
يبدو أن فقاعة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأمريكية ستنفجر هذا الخريف
ففي حالة رفض رفع سقف الدين، ستضطر إدارة بايدن إما إلى خفض الإنفاق الحكومي، ما سيؤدي على الفور إلى اندلاع أزمة اجتماعية وتفاقم الركود، أو رفض سداد الديون، ما سيؤدي إلى كارثة في التمويل العالمي.
وفي حالة رفع سقف الدين فسوف يؤدي ذلك إلى ركود اقتصادي، وأزمة في الديون والبنوك.
يؤدي سحب الاحتياطي الفدرالي للدولارات المطبوعة مسبقا وزيادة سعر الفائدة، لمدة عام، إلى تقليص الأموال، وإلى الركود، فيما يؤثر نقص السيولة على القطاع المصرفي.
وقد بلغ الدين الحد الأقصى في يناير من هذا العام، بينما أنفقت وزارة الخزانة الأمريكية جميع أموالها المتراكمة تقريبا، لهذا ستضطر الآن إلى العمل كمكنسة كهربائية فائقة القوة، تشفط السيولة من الأسواق، وتفاقم بذلك ظروف التمويل للاقتصاد بأكمله. ولنفترض أن الحكومة ستزيد الدين بمقدار 1.5 تريليون دولار على مدار الأشهر الست المقبلة، من أصل 4 تريليون المتفق عليها بموجب القانون حتى 2025.
سيؤدي ذلك، بادئ ذي بدء، إلى ضرب البنوك. فعلى الرغم من ارتفاع أسعار الفائدة على السندات الحكومية، استمرت البنوك في الحفاظ على معدلات منخفضة للغاية على الودائع، ما سمح لها بالحفاظ على معدلات فائدة منخفضة على القروض الممنوحة لها. ومن خلال قروضها الجديدة، ستستحوذ الخزانة على جزء جديد من الودائع، ما سيؤدي إلى تفاقم مشكلات البنوك، ثم الاقتصاد بأكمله، حيث ستضطر البنوك إلى زيادة تكلفة القروض.
في الرسوم البيانية الموضحة، نرى كيف أدت المحاولة السابقة لتقليص الميزانية العمومية للاحتياطي الفدرالي (أي حجم الدولارات المتداولة) ورفع سعر الفائدة إلى انهيار البورصات، ومواجهة خطر الانهيار في نهاية عام 2018، وهو ما تلاه خفض الاحتياطي الفدرالي للمعدل واستئناف طباعة النقود غير المغطاة، ما أدى إلى إنقاذ الاقتصاد.
نرى الآن كيف أدت المحاولة الثانية المماثلة إلى أزمة مصرفية في مارس الماضي، ما أجبر الاحتياطي الفدرالي على طباعة حوالي 400 مليار دولار لإنقاذ البنوك. ومنذ أبريل، استأنف الاحتياطي الفدرالي سحب الدولارات من التداول، ونقترب مرة أخرى من المستوى الذي بدأت عنده الأزمة المصرفية.
وهنا تأتي وزارة الخزانة وتمتص مزيدا من السيولة من الأسواق، ما يحرم المدينين من إعادة تمويل ديونهم بالمعدلات التي لا تؤدي إلى إفلاسهم.
لم يكن هناك مخرج جيد للولايات المتحدة الأمريكية منذ عقود، عندما قامت الولايات المتحدة الأمريكية بحل المشكلات قصيرة الأجل على حساب تفاقم المشكلات طويلة الأجل. ومع ذلك، وبمرور الزمن، تقل المساحة الزمنية التي يمكن بها إزاحة المشكلات.
إن رفع سقف الديون سيحل مشكلة الشهر المقبل، إلا أنه سيخلق مشكلة الربع القادم. أعتقد أننا سنشهد في الخريف أزمة رهن عقاري وديون في الولايات المتحدة الأمريكية (والعالم) على خلفية الركود المتزايد.
ألكسندر نازاروف: من قناة الكاتب على تلجرام