مع التصديق على نتائج الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التي اجريت في بداية هذا الشهر من قبل لجنة الانتخابات والتي حسمت الاعتراض من قبل المعارضة لصالح مرشح حزب البيرو الحر اليساري بيدرو كاستيلو تكون البيرو قد انهت رسميا ومن خلال صنادق الاقتراع حكم الطغمة المالية الاوليغاركية بحكوماتها المحافظة اليمينة المتعاقبة على مدى العقود الخمسة الماضية والتي ادت الى إفقار السكان الاصليين في البيرو عن طريق نهب الثروات الطبيعية من قبل الشركات الاجنبية وبالتعاون مع طبقة كمبرادورية طفيلية محلية وخاصة في مجال التعدين وخصخصة قطاع الخدمات في البلاد.
والرئيس كاستيلو البالغ من العمر 51 عاما هو من سكان البيرو الاصليين وعمل لسنوات عدة مدرسا وقائد نقابي نشيط ذو توجهات يسارية واضحة, وكان أن وعد أثناء حملته الانتخابية الرئاسية بإجراء إصلاحات إقتصادية وإجتماعية لصالح الفقراء والمهمشين وضد الهيمنة الامريكية ونهب ثروات البلاد . وهذا بالطبع لم يرضي ولن يرضي أو يبعث بالسرور في الاوليغاركية المنحدرة من أصول الاستعمار الاسباني التي استوطنت البلاد التي ترى بنجاح فقراء الوطن يشكل تهديدا جديا لمصالحها الاقتصادية ولهذا قامت بالطعن بنتائج الانتخابات مباشرة ولكن هذه المحاولات باءت بالفشل.
لم تنجح محاولات الطبقة الغنية ورجال المخابرات المركزية الامريكية في قلب الطاولة وإستعادة الحكم ولكن هذا لم يعني ولن يعني استسلامهم للنتيجة الرسمية التي أعلنت قبل عدة أيام فالولايات المتحدة لها تاريخ اسود في امريكا اللاتينية ومنذ خمسينات القرن الماضي بتدبير الانقلابات والثورات الملونة في العديد من دول امريكا اللاتينية التي حققت بها القوى الديمقراطية واليسارية نجاحا عن طريق صناديق الاقتراع كما كان الحال في غواتيمالا وتشيلي ونيكاراجوا وفنزويلا والبرازيل وبوليفيا وغيرها وما زالت تقف بالمرصاد لاية دولة ترفض الانضمام الى المظلة الامريكية واستراتيجيتها في المنطقة عن طريق فرض العقوبات الاقتصادية والحصار كما هو الحال مع فنزويلا وكوبا على سبيل المثال.
ويحق لنا ان نقول في النهاية أن البيرو شوكة جديدة في حلق الامبريالية الامريكية في امريكا اللاتينية التي باتت شعوبها الاصلية تناضل من اجل حريتها والتخلص من الارث الاستعماري التي تحكم بمصائرها لعقود من الزمن وقام بنهب مصادر البلاد الطبيعية لصالح الاحتكارات العالمية وطبقة محلية فاسدة سهلت عمليات النهب.
* كاتب وباحث اكاديمي فلسطيني