الحديث عن التواجد “الاسرائيلي” في العدوان السعودي الاماراتي على اليمن ليس جديداً حيث اكدت العديد من الشواهد والأدلة حضور كيان الاحتلال في هذه الحرب منذ ساعاتها الاولى بل أن الاحتلال “الاسرائيلي” ومعه واشنطن هي التي دفعت بالسعودية الى الأمام ودعمتها عسكرياً وسياسياً في تنفيذ هجومها على اليمن.
ومع ان الحضور العسكري والسياسي لكيان الاحتلال حاضراً بقوة في هذا العدوان، اكدت العديد من التقارير الخبرية الاسرائيلية أن هجوم السعودية على اليمن جاء بعد زيارة رئيس جهاز الاستخبارات الإسرائيلية الخارجية (الموساد)، تامير باردو الى الرياض سراً، عقب توقيع الاتفاق النووي المرحلي بين إيران ودول خمسة زايد واحد. واضافت وسائل الاعلام الاسرائيلة ان التطبيع السعودي مع كيان الاحتلال بدأ من هذه المرحلة يخطو خطواته نحو الظهور العلني والتنسيق العسكري والسياسي، وان اليمن تمثل نقطة محورية في التعاون الاسرائيلي السعودي كما اشارت العديد من التقارير لحضور الضباط الاسرائيليين في مركز قيادة العدوان ومد الرياض وابوظبي بالعديد من الاسلحة والعتاد خلال اربع سنوات من الحرب في اليمن.
ومع انعقاد مؤتمر وارسو يبدو ان العلاقة بين الرياض وكيان الاحتلال خرجت للعلن بشكل واضح، بل ان العديد من المراقبين يعتقدون ان إجلاس خالد اليماني وزير خارجية حكومة هادي جنبا الى جنب مع رئيس الوزراء الاسرائيلي في مقدمة الصفوف يعد لعبة سياسية إماراتية تريد من خلالها إيصال رسالة واضحة ان حكومة المرتزقة في الرياض مرتبطة بشكل مباشر بالسياسية الامريكية والاسرائيلية في المنطقة وانها باتت مطبعة بشكل كامل مع الاحتلال لذلك فان حمايتها من قبل واشنطن وتل ابيب امر ضروري، وان هذه الحكومة لم تعد فقط تحضى بدعم الرياض وابوظبي بل ايضا بدعم كامل من كيان الاحتلال. ويعمل السعوديون والاماراتيون الى الارتماء في احضان كيان الاحتلال والتطبيع معه من اجل الحفاظ على عروشهم واستمرار انظمتهم المتخلفة التي تنتمي في الشكل للعصور الوسطى من حيث النظام السياسي الحاكم لهذه البلدان متخذين من اسم ايران وما يقال عن التهديدات الايرانية ذريعة من اجل تضليل شعوبهم واستمرارهم في قمع الحريات وحقوق الانسان اولا، وثانيا تبرير خيانتهم وبيعهم للاراضي الفلسطينية وتنازلهم عن القضية الفلسطينية باعتبارها القضية الاساسية للامة العربية والاسلامية.
ومع ان القانون اليمني المعمول به منذ عشرات السنيين ويتشدق به مرتزقة الرياض يحرم ويجرم كل انواع التطبيع مع كيان الاحتلال الاسرائيلي او الجلوس او المشاركة والحديث مع الاسرائيليين فان مجرد جلوس وزير خارجية هادي الذي دفع به الجبير وبن زايد الى الامام يعتبر خيانة وطنية ويعاقب عليه القانون اليمني بالحبس المؤبد او الاعدام حسب العديد من القانونيين اليمنيين. لذلك فان هذا التطبيع الذي تريده الامارات والسعودية لقي ردود افعال غاضبة وكبيرة في الشارع اليمني واصدرت العديد من القوى السياسية بيانات مطولة لادانة ما حصل في وارسو ودعت الى تظاهرات واحتجاجات شعبية كبيرة. وأكد السيد عبد الملك الحوثي قائد حركة انصار الله في بيان له “أن مؤتمر وارسو الذي انعقد بتوجيه وإشراف أمريكي ما هو إلا محطة من محطات كثيرة حيكت فيها المؤامرات على الأمة، وما يميزه عن سابقاته من المحطات الكثيرة هو الظهور في العلن لما كان يجري في الخفاء” مضيفا إن ظهور ممثل الخونة المرتزقة إلى جانب نتنياهو في صورة فاضحة ومخزية وكاشفة عن الموقع الذي أراد الخونة وأسيادهم لشعب اليمن العزيز أن يكون فيه والعياذ بالله.
وهاجم رئيس الوفد الوطني المفاوض محمد عبد السلام مؤتمر وارسو ووصف مشاركة دول تحالف عاصفة العدوان على اليمن وحكومة المرتزقة في المؤتمر بالخيانية والتي تمثل تصعيدا في العدوان.
وندد عبد السلام بمشاركة حكومة المرتزقة في مؤتمر وارسو وتدنيسها لإسم اليمن في محفل دولي تآمري على العرب ومقدساتهم، مؤكدا أن الشعب اليمني متمسك بقضية فلسطين منذ سنواتها الأولى شأنه شأن باقي الشعوب العربية.
وعلى اي حال فان التطبيع السعودي العلني وجر حكومة هادي ايضا للتطبيع العلني مع الاحتلال يأتي على ما يبدو كمحاولة اخيرة للسعودية والامارات لاستعطاف الدول الغربية وامريكا من اجل الاستمرار في دعمهم للعدوان السعودي الاماراتي في اليمن ودعمهم هناك خاصة بعد الضغوط و التحركات المتكررة في الكونغرس الامريكي للضغط على ادارة ترامب بايقاف دعمهم للسعودية في هذه الحرب وكذلك الموقف الاوروبي الذي بدا يرفع مسالة حقوق الانسان والاوضاع الانسانية المتدهورة في اليمن.
وتشعر السعودية والامارات انها فقدت الدعم العربي والاسلامي وكذلك الموقف الاخلاقي في حربها على اليمن خاصة بعد الكارثة والمأساة التي احدثتها في اليمن لذلك تحاول بشكل علني وصريح ان تبيع القضية الفلسطينية جهرا والعمل على تقوية مواقفها ودعمها في اليمن من اجل تحقيق مآربها. وبما ان السعودية خلال حربها في اليمن رفعت شعار الحفاظ على ما قالت انه الامن العربي فانه يتضح الان بانها والامارات لم تعد فقط خائنة للقضية العربية والاسلامية الاولى قضية فلسطين المركزية بل اصبحت خطرا محدقا على الامن العربي والاسلامي من خلال اتخاذها سياسة الانبطاح والتطبيع وبيع الارض والعرض في سبيل الحفاظ على كراسيهم المتهالكة كما ان الوقت اثبت ان الشعارات السعودية حيال الامن العربي مجرد كذبة وشعار اعلامي سوقته للعامة من اجل تدمير اليمن العروبي والمسلم والذي يحمل هموم الامة وقضاياها قبل همومه وقضاياه، وان الخطر الحقيقي على الامة العربية والاسلامية ليس من اليمن بل من الرياض وسياسة محمد بن سلمان الصبيانية.