الازمة الليبية من بدايتها، تم تدويلها من خلال الجامعة العربية التي احالت الملف الى الامم المتحدة وذراعها العسكري مجلس الامن الذي اصدر قراريه الشهيرين 1970،و1973 العديد من الدول العربية والأوروبية ساهمت وبفاعلية في الاحداث، من خلال دعمها للمنتفضين وما ان سقط النظام حتى باينت وجهات نظر الدول الداعمة بحسب مصالحها انقسم الداعمون الى فريقين كل له اتباعه على الارض.
حدث الصراع على السلطة في يوليو العام 2014 ما عرف بعملية فجر ليبيا بالغرب الليبي والتي استطاع الفريق الموالي لقطر وتركيا من بسط نفوذه على العاصمة وبالتالي التحكم في المؤسسات السيادية للدولة وبالخاص مؤسسة النفط الوطنية التي تقوم بتصدير النفط والبنك المركزي الذي تتجمع فيه الايرادات والتي تم صرفها وفق اهواء من هم في السلطة والانفاق على المليشيات بغرب البلاد وحدث هناك نوع من تبادل المصالح بينهما.
مع مرور الوقت وكما يقال في عالم السياسة بان لا عدو دائم، استطاعت الامارات ان تحدث نوعا من التقارب بين الطرفين المتنازعين حيث تم تعيين رئيس جديد لمؤسسة النفط والافراج عن مرتبات العسكر بشرق البلاد.
ربما تشكيل اللجنة العسكرية المعروفة (5+5) المنوط بها ايجاد حل للمجموعات المسلحة وعدم اللجوء الى الصراع المسلح ساهم في ايجاد نوع من الاستقرار الامني رغم المناكفات السياسية بين المتخاصمين.
التقارب الذي حدث بين القاهرة وانقرة مؤخرا انعكس على الساحة الليبية، بحيث خفت حدة التصريحات الدبلوماسية والاعلامية بين الجانبين، والنتيجة بالتأكيد الظفر بعقود اعادة الاعمار التي تقدر بمليارات الدولارات.
دول جنوب اوروبا وبالأخص ايطاليا، يهمها اقامة دولة موحدة، تحد من سفر الافارقة اليها ،خاصة وان ليبيا وفي ظل الفوضى، اصبحت تعج بمئات الالاف من الافارقة الذين يبحثون عن عمل ويتخذون من ليبيا معبرا الى اوروبا.
امريكا من جانبها وفي ظل الحرب الاكرانية ترغب في ابعاد روسيا التي كانت على علاقة جيدة مع النظام السابق وقامت بتوريد معظم احتياجاته من السلاح، وعلى علاقة جيدة مع قائد الجيش في شرق البلاد، لتحجيم الدور الروسي في المنطقة .
بالأمس القريب حط فريق امني وعسكري من شرق البلاد في العاصمة طرابلس لاستكمال المحادثات مع نظرائه من غرب البلاد لإعادة الامن والاستقرار وتوحيد المؤسسة العسكرية والاجهزة الامنية لتكون حجر الاساس لتهيئة الظروف لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في حال التوافق على دستور مؤقت.
ايا تكن الاسباب (خارجية ام صحوة ضمير بعض المحليين)التي ادت الى تقارب اطراف النزاع، فان النتيجة ستكون تشكيل حكومة موحدة تشرف على الانتخابات ومن ثم انهاء اكثر من عقد من الفوضى التي لم تكن خلاقة، بل كانت كارثية على البلد من حيث اصبح ساحة صراع اقليمية ودولية، وجعلت المواطن يعاني شظف العيش رغم مليارات الدولارات التي اهدرتها السلطات القائمة، نتمنى ان تنجح المساعي لإحلال الامن واستتبابه وانتخاب رئيس من الشعب ليكون الحامي للدستور، وابعاد شبح الحرب التي ازهقت ارواح الشباب والمدنيين ودمرت الممتلكات العامة والخاصة.