عانت إيران بعد انتصار ثورتها من القوى الاستكبارية الغربية والشرقية معاناة كبرى، مُستهدَفًا نظامها الإسلامي بالدعايات السياسية المغرضة، مضلِّلة بها شعوب العالم، وخصوصا الشعوب العربية، وبجملة أكاذيب مشوهة لعقيدتها الإسلامية، من أجل تنفير شعوبها منها، ولم يتوقف الأذى عند ذلك الحد، بل تواصل بشن عدوان عسكري سافر، وجد له الأمريكيون من يُنفِّذه، وهو صدام الذي أعطى الأوامر لقواته بالهجوم على إيران، وهي في بداية تحولها من دولة عميلة لأمريكا والصهيونية، إلى دولة حرة منعتقة من التبعية تماما، وكان هدفه بالوكالة عن أسياده إسقاط نظامها الإسلامي الفتي.
أثناء تلك المحنة لم يجد النظام الاسلامي من يقدّم له السلاح حتى بضعف ثمنه، فقد اتفقت دول الغرب والشرق على رفض مطالبه في شراء أسلحة وذخائر دفاعية، ومارسوا عليه حصارا شديدا للمساهمة في الحاق هزيمة مؤكّدة ببلاده، بعد نفاد ذخائرهم واستنزاف أسلحتهم، في الوقت الذي كان المعتدي يحصل على مختلف أنواع الأسلحة، حتى المحرّمة منها كالغازات الكيماوية(1)، وكان ذلك عاملا وحافزا كبيرين دفعا بالمهندسين والخبراء التقنيين العسكريين الإيرانيين لبذل قصارى جهودهم في رسكلة الاسلحة القديمة والبدء في مرحلة تصنيع ضرورية لتوفير الاسلحة الدفاعية لأفراد الجيش والحرس الإيرانيين.
وقد فتّقت الحاجة إلى السلاح عقول أبناء ولاية الفقيه الثوريين، فحققوا بإنتاجاتهم وابتكاراتهم ما يشبه المعجزة، وبسرعة بلغوا مصاف الدول الكبرى المصنعة للأسلحة المتطورة، بمختلف انواعها البرية والبحرية والجويّة، وبها حققوا لقواتهم الاكتفاء الذّاتي، وأمّنوا وسائلهم الدّفاعية المتطوّرة، دون الحاجة للجوء إلى الدول المصنّعة، لعقد صفقات شراء الأسلحة منها، وهكذا أمكن لجهود خبرائها العسكريين، أن يؤمّنوا موردا ذاتيا ثابتا، يضمن لهم استمرار تدفّق إمدادات الأسلحة إلى مختلف قطاعات قواتها العسكرية والأمنية.
سرعة تطوّر إيران في تسليحها، أملته الحاجة الملحة إليه في دفاع ابنائها عنها، وقد نجحوا في صدّ العدوان الصّدّامي وهزم قواته، رغم تكرار استعمال الأسلحة المحرّمة دوليا من الجانب العراقي، ضد القوات الإيرانية وحتى المدنيّة، والعِبْرةُ التي استخلصها الإيرانيون من تلك الحرب العدوانية عليهم، هي ضرورة امتلاك صناعة إيرانية، توفّر للبلاد موردا داخليا، يضمن استمرار في تزويد القوات الإيرانية بالأسلحة، لصدّ أيّ عدوان محتمل من القوى المعادية لنظامها الإسلامي، لكي لا تبقى ايران تحت رحمة الدول المصنّعة للأسلحة.
ويبدو أن التطوّر الذي بلغته الصناعات العسكرية الإيرانية، لم يعد بإمكانه أن يبقى خافيا أكثر مما بقي، فقد صدح بحقيقة بقيمتها العسكرية أحد أكبر أعدائها، ” قال الناطق باسم وزارة الدفاع الأمريكية، جون كيربي، اليوم الأربعاء، إن إيران تطور برنامجا صاروخيا وما زالت تهدد حركة الملاحة البحرية في منطقة الخليج.
وأضاف في حديثه مع شبكة “أم أس أن بي سي” أن إيران تدعم “الجماعات الإرهابية” في العراق وسوريا ومناطق أخرى في المنطقة، مؤكدا أن واشنطن “لاحظت زيادة استخدام طائرات إيرانية مسيرة في الأعوام الأخيرة، وهذه الطائرات تزداد دقة وفتكا مع مرور الوقت”.
وأشار كيربي إلى أن “المحادثات النووية مع إيران تمر بمرحلة صعبة حاليا، ولا نعلم إلى أين سينتهي بها المطاف”، لافتا إلى أن حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط قلقون من تصرفات إيران.” (2)
اعتراف أمريكي جاء على لسان أحد قادته العسكريين، ليبرهن على التقدّم الذي بلغته الصناعات العسكرية الايرانية، في مجال الصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة، دون أن نُعير أهمّية لوصفه حركات مقاومة الكيان الصهيوني بالجماعات الإرهابية، لأنه وصف وموقف لا قيمة لهما عند الأحرار، ونتائج نعتبرها بوادر خير وبشائر نصر قادم، قد نجح في الامساك بزمامه قوم سلمان المحمّدي الذي نصح وأخلص أوّلهم لله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ونصح وأخلص قومه من بعده، خصوصا في هذا الزّمن، الذي تكالب فيه أعداء الإسلام ليفتكوا بطلائعه المخلصة، العاملة لإعلاء كلمة الله تعالى وتحكيم شريعته، ونصرة لوليّه الأعظم عجل الله فرجه الشريف.
وما دام التصريح أمريكي، فهو يعكس أيضا وجهة النظر الصهيونية، معبّرة عن قلق عميق لما وصلت إليه الصناعات العسكرية الإيرانية، فإنه من المفيد أن نستعرض ما توصّل إليه خبراءها في مجال الصواريخ، استنادا إلى معلوماتهم التي هي استخباراتية، نسبة صحّة ما فيها متأرجح بين الصحّة الخطأ: “تمتلك إيران ترسانة صاروخية هائلة، هي الأضخم في الشرق الأوسط، تضم صواريخ باليستية، وأخرى مجنحة، بحسب موقع “ميثيل ثريت”، الذي أوضح أن الجيش الإيراني أجرى أكثر من 100 تجربة صاروخية منذ عام 1988.
وتقول مجلة “ناشيونال إنترست The National Interest” إن الهدف من إنشاء إيران ترسانة صاروخية هائلة، هو ردع خصومها العسكريين، بينما يقول موقع “ميثيل ثريت” إن الجيش الإيراني يعتمد على استراتيجية الردع الصاروخي، لمواجهة التفوق الجوي للجيش الأمريكي. وتضم ترسانة الصواريخ الإيرانية صواريخ قصيرة المدى، أبرزها صواريخ “شهاب1” و”شهاب 2″، وأخرى متوسطة المدى، أبرزها صواريخ “سجيل” و”شهاب 3″، إضافة إلى صواريخ خارقة للدروع قصيرة المدى، يمكن استخدامها ضد أهداف بحرية، بحسب صحيفة “الغارديان” البريطانية.
وأورد الموقع 11 صاروخا، يتحدث كل منها عن قدرات كل نوع من الصواريخ، التي يملكها الجيش الإيراني، وتشمل 8 أنواع من الصواريخ البالستية، و3 أنواع من الصواريخ الساحلية، التي يمكن استخدامها ضد السفن والأساطيل الحربية…”(3) تجدر الاشارة أن الموقع فيه تفصيل ل11 صاروخا إيرانيا متطورا، شكلت صناعاتها مصدر قلق وخوف أمريكي صهيوني.
هذه إذا صواريخ إيران الإسلامية، وليس من تذوّق منها فأصابته في صميم كبريائه، محوّلة الجناح الأمريكي لقاعدة عين الأسد إلى عصف مأكول، كمن ينتظر سقوطها على رؤوس أهله وهو الكيان الصهيوني، الذي لم يبقى له لحفظ ماء وجهه أمام أنصاره سوى التّهديد، والتوعّد بشن هجوم يستهدف المنشآت النووية الإيرانية، إن وجدت له مجال خيانة خليجية حمقاء متوقعة، الخطأ تنتظره إيران بفارغ صبر، عندها فقط ستنفتح أبواب جهنم على الكيان الصهيوني، وتطوي الصواريخ الإيرانية صفحة وجوده ولا اعتقد أن ذلك سيكون بعيدا.
المصادر
1 – الهجمات الكيميائية العراقية ضد إيران https://ar.wikipedia.org/wiki
2 – البنتاغون: إيران مصدر تهديد ببرنامجها الصاروخي وطائراتها المسيرة تزداد دقة وفتكا
https://arabic-rt-com.cdn.ampproject.org/v/s/arabic.rt.com/world/1304736
3 – ما هي قدرات إيران الصاروخية.. أخطر 11 صاروخا تهدد القواعد الأمريكية
https://arabic-sputniknews-com.cdn.ampproject.org/v/s/arabic.sputniknews.com/amp/20200108/