من قتل نفسا …
ومن أحيا نفسا …..
إنّ اللامبالاة عملية قتل مكتملة الأركان وتجاهل لصرخات الأطفال والنساء من أبناء شعبنا الفلسطيني، واللامبالاة جريمة قانونية وأخلاقية وإسلامية.
إن هجرة اللامبالاة والخروج إلى أنوار العمل والجهاد ومشاركة المستضعفين والمظلومين هي الأحياء الأعظم الذي به يكتمل الدين والإيمان.
فاللامبالاة ترتبط بظلمات الأنانية والجهل، وهما أخطر الظلمات التي ذكرها القرآن الكريم.
فكيف يمكن لعاقل أو عالم أو مؤمن أن يرى مظلوما ويتركه تحت سياط الظالمين ولا يجتهد في إنقاذه ودفع الظلم عنه بأقصى مستطاعه.
هنا يتوجب بذل أقصى الجهد وصناعة القدرة الكافية لإزالة العدوان وتحرير الإنسان، ولا يجوز أن ننتظر .
إن القرآن الكريم وهو يتحدث عن إحياء النفس إنما يريد مصاديق الأحياء المختلفة ولا يستثني منها مظهرا، ولا يمكن أن يطلب القرآن المصاديق السفلى والمادية ويترك المصاديق العليا والمعنوية، لتكون عملية الأحياء متصاعدة من البقاء المادي إلى الخلود المعنوي.
فالباقيات التي يريدها هي الصالحات.
وبذلك تصبح الحياة دون الصالحات بمثابة الموت والفناء.
ولا يصعب على احد أن يصنف سلوك اللامبالاة فهي من أبشع الجرائم والسيئات التي أجمعت عليها الإنسانية.
فكيف يقبل المسلم لنفسه، أن يرى ظلما ولا تتحرك فيه مشاعر الرفض لذلك الظلم؟؟
لقد كان القرآن الكريم وسيرة الأنبياء والمرسلين عليهم السلام وسيرة الأئمة الأطهار، كلها مجمعة على أن أساس الإيمان هو الشعور بالمسؤولية تجاه الأمة الإسلامية والإنسانية، ووجوب الخروج من ظلمات الأنانية وما يتبعها من اللامبالاة.
فالقتل العمد الذي يؤدي حتما إلى فقدان جميع حقوق الإنسان ومواصفات الإنسانية.
واللامبالاة هي درجة من درجات القتل العمد للذات وللآخرين.
ونص حديث الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بوضوح تام على حرية الآخرين جزء من حريتي وسلامة الآخرين جزء من سلامتي وأنّ أمن الآخرين جزء من أمني، وأنّ إنصاف الآخرين والدفاع عن حقهم إنما هو دفاع عن حقّي وإنصاف لي، “لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه “.
كما أننا نجد في أدعية أهل البيت عليهم السلام، الصحيفة السجادية ما ينص على الإعتذار ليس من سلوك اللامبالاة وإنما من العجز عن نصرة المظلوم ” اللهم إني أعتذر إليك من مظلوم ظُلِم بحضرتي فلم أنصره “.
وجاء في وصية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لابنيه الحسن والحسين عليهما السلام: “كونا للظالم خصما وللمظلوم عونا “.
ويعتبر الإمام علي عليه السلام أن أحد الأهداف الرئيسية للدولة في الرؤية القرآنية هو استعادة حقوق المظلومين وتحقيق الأمن لهم : ” اللهم إنك تعلم أنه لم يكن الذي كان منا منافسة في سلطان ولا التماس شيء من فضول الحطام ولكن لنردّ المعالم من دينك ونُظهر الإصلاح في بلادك فيأمن المظلومون من عبادك وتقام المعطّلة من حدودك “.