منذ ان انسحبت روسيا من اتفاق الحبوب الذي ابرم بين روسيا وتركيا وروسيا وأوكرانيا للسماح بالسفن المحملة بالحبوب من أوكرانيا بالمرور بأمان في البحر الأسود وممثلي دول الاتحاد الأوربي الى جانب الولايات المتحدة ينبحون ليلا ونهارا ويتباكون على ان الأسعار العالمية للحبوب سترتفع وأن الدول الفقيرة التي تستورد القمح ستعاني شعوبها من قلة الغذاء والمجاعة. ويلعب الاعلام الغربي البوق الرسمي للطبقات الحاكمة في هذه البلدان دورا تحريضيا ضد روسيا والغرض منها تعبئة الراي العالم العالمي ضد روسيا والهدف من هذه الحملة المضللة هو تبرير الدعم اللامتناهي الذي تقدمه هذه الدول الى أوكرانيا والذي وصل الى ما يقرب من 200 مليار دولار من أسلحة ومساعدات اقتصادية.
هذا في الوقت الذي تعاني شعوبها من تناقص حاد في الخدمات الصحية والتعليمية والاجتماعية نتيجة أوضاع اقتصادية مزرية ومعدلات تضخم لم تشهدها الدول الأوروبية منذ عقود والسبب الرئيس هو النزيف المستمر في خزائن هذه الدول نتيجة الحرب الأوكرانية التي خططت لها وأشرفت عليها الولايات المتحدة منذ الانقلاب (الثورة الملونة) الذي دعمته عام 2014 على حكومة منتخبة وضاربة بعرض الحائط الاتفاقية (مينسك) التي ابرمت بمشاركة الاتحاد الأوروبي آنذاك والتي لم ترق الى البيت الأبيض. ولا أدرى كم منا ما زال يتذكر المكالمة التليفونية لنائبة وزير الخارجية الامريكية للشئون الأوروبية أنداك السيدة نولاند مع السفير الامريكي في كييف (بمعنى فليذهب الاتحاد الأوروبي الى الجحيم حتى لا نستخدم الكلمة الانكليزية الوقحة للغاية هنا).
ولا بد من التوضيح هنا ان إتفاقية تصدير الحبوب الأوكرانية كان أحد شروطها رفع العقوبات المفروضة على روسيا في مجال تصدير الحبوب الروسية الى جانب تصدير الأسمدة الزراعية، ولكن هذا لم يتم بالشكل المطلوب كما نصت الاتفاقية وتوقف بالرغم من أوكرانيا تمكنت من تصدي كميات هائلة من الحبوب. هذا جانب أما الجانب الاخر فلقد تبين ان النسبة الأكبر من الحبوب الأوكرانية قد استخدمت من قبل الدول الأوروبية ولم يصل الدول الفقيرة التي يتباكون عليها الا القدر القليل. وحدها الحبوب الروسية التي سمح لها بتصديرها وصلت الى معظم الدول الافريقية ومنها مصر على سبيل المثال. وإذا ما أراد الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة فعلا عودة روسيا الى الاتفاق فإنها يجب عليها الالتزام بتعهداتها والسماح لروسيا بتصدير الحبوب والاسمدة الزراعية فلا يصح ان يطبق الاتفاق على اوكرانيا وإهمال مستحقات الجانب الروسي في الاتفاق.
والجانب الاخر ربما الذي يجب تسليط الضوء عليه هو هذا النفاق والعهر السياسي لهذه الدول الغربية التي تريد ان تظهر انها معنية بالدول الفقيرة وشعوبها وتسعى لعدم حرمانها من الحبوب الأوكرانية هذا في الوقت الذي يحرم الشعب السوري بأكمله من المنتوجات الزراعية وخاصة الحبوب من الشمال السوري الذي يعتبر السلة الغذائية للشعب السوري. والسبب هو السرقة الممنهجة لهذه الثروات الزراعية من قبل الولايات المتحدة التي تحتل الجزء الأكثر خصوبة الى جانب المجموعات الإرهابية التي تدعمها. هذا الى جانب سرقة البترول من حقول البترول في الشمال السوري وحرمان الدولة السورية والشعب السوري من ثرواته النفطية. يجب فضح هذا النفاق والعهر السياسي.
الولايات المتحدة قامت بسرقة كل صوامع الحبوب من الشمال السوري. والحبوب السورية معروفة بجودتها عالميا وهذه الحبوب تنتج البذور الطبيعية التي يمكن استخدامها سنة وراء سنة. هذا بعكس تلك البذور المعدلة جينيا التي تنتجها الشركات الامريكية والتي لا يمكن استخدامها الا لمحصول واحد فقط. ولذلك فإن المزارعين في الدول الفقيرة مجبرين على شراء هذه البذور من هذه الشركات العملاقة التي تحقق المرابح الطائلة من وراء بيع هذه البذور للمزارعين. وربما من الجدير ذكره ان الشركات الكبرى (مونسانتو) التي تعمل في مجال الزراعة والبذور قامت بشراء/ استئجار مساحات واسعة في غرب أوكرانيا وهي مناطق زراعية لزراعة بذور الحبوب المعدلة جينيا لتصديرها الى دول العالم الثالث حصريا.
وماذا عن أطفال اليمن الهياكل العظمية الحية وذلك بسبب الحصار المطبق جوا وبحرا وبرا على اليمن من قبل السعودية والامارات وبمشاركة الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي لمنع وصول كميات كافية من المواد الغذائية والتموينية الى الشعب اليمن هذا الى جانب سرقة ثرواته النفطية ام ان هؤلاء لا تعدونهم من البشر. وماذا عن تدمير المزارع اليمنية وبناها التحتية وإتباع سياسة التجويع كجزء ريس في محاربة الشعب اليمني.
كفاكم ….كفاكم…نفاقا وعهرا سياسيا
كاتب وأكاديمي فلسطيني