هل يكون غريبا أن تجتمع المخابرات الفرنسية والصهيونية والمغربية وتنسّق وتخطّط لزعزعة استقرار في الجزائر أو في تونس أو في البلدين بالتّزامن؟ لا والله. ليس ذلك بالغريب البتّة. بل أجزم أنّ هذا الإجتماع ليس الأوّل ولن يكون الاخير وستكون أقدار من الزّعزعة ولا شكّ. في المقابل لا أستبعد عقد اجتماعات أمنية جزائرية تونسية تلتحق بها دول أخرى وإن كنت لا أعتقد أنّ ذلك يمكن أن يكون بمبادرة تونسية كما لا أعتقد أن يكون صوت تونس عاليا في مثل هذه الإجتماعات. طبيعي دولة ضعيفة بمؤسّسات شبه مفكّكة. السياسات الأمنية للدّول تبنى على مراحل وبفضل التراكم وتشترط استقرارا يدوم للمؤسسات في رؤاها وشخوصها حتّى وهذا ما لا تتوفّر عليه تونس منذ فترة لأسباب معلومة. يمكن للمغرب أن يعتبر اجتماعات تونسيين بجزائريين من التآمر عليه ويمكن للجزائر أن تعتبر اجتماع فرنسيين بمغاربة من التآمر عليها. عادي وهذا معتمد في سياقنا المغاربي وسياقات اقليمية ودولية كثيرة. يمكن أن نقول كلّ السّوء في تبّون وقيس سعيد ولكن هذا لا يمنع وجود تآمر يستهدف بلديهما باستهدافهما. كنا منذ سنوات في مربّع شبيه وإن كان أوسعا: يمكن أن نسبّ بشّار ونلعنه ونحسب شروره بالتفصيل ولكن هذا لا يمنع الإعتراف والإقرار بأنّ مؤامرة ضخمة استهدفت سوريا. في العام وإذا كنّا نعارض نظاما فإنّنا نميل إلى انكار إمكانية التآمر حتّى وإن اعترف الجميع, والكبار خصوصا, بأنّ هناك أعتى وأقسى المؤامرات. حديث المؤامرة يجلب التعاطف لحاكم لا نحبه ونتمنى رحيله القريب. جرّبنا ذلك لمّا خرج وزير خارجية قطر وقال أنّ الكلّ تآمر على سوريا بينما جماعة “حلب تحترق” ينكرون ذلك الى الآن. شخصيا لا يزعجني أن أشتم النظام السوري وأقرّ مع ذلك بوجود مؤامرة. ما دخل تونس في صراع الكبار اقليميين ودوليين لتذكر ويُحشر اسمها في تآمر وزعزعة استقرار؟ تونس تقليديا خاضعة لفرنسا ومرتاحة للمغرب الذي تربطه بفرنسا علاقات وثيقة. الآن تونس الى الجزائر أقرب وهذا يزعج فرنسا والمغرب. وماذا عن اسرائيل؟ اسرائيل ترى الجزائر مشروع دولة مؤثرة وتنزعج من أدوارها الأخيرة إن في علاقتها بالفلسطينين أو السوريين أو العرب عموما. ثمّ إنّ الجزائر تتسلّح قياسيا. الجزائر تكبر ويعظم دورها وهي تحسب طرابلس الليبية من أمنها الإستراتيجي فكيف ترى تونس يا ترى؟ معركة شمال افريقيا حتمية. كيف تكون هذه الحرب وما هي وسائلها بين مخابرات واعلام وأمن وعسكر؟ الله أعلم. يبدو أنّ الجزائر يائسة من كلّ الطبقة السياسية التونسية ورهانها، أو ما يشبه الرّهان، على قيس سعيد يفسّر بهذا اليأس أكثر وليس هذا بالقليل في كلّ الأحوال فهذا الرّهان يضمن لقيس سعيد دعما من كلّ المراهنين على الجزائر وهم كُثر وهم اليوم أقوى ويدهم أطول بكلّ تأكيد. يمكن أن أقول هذا الكلام وأكون معارضا لقيس سعيّد ويائسا منه تماما. الأمران لا يتعارضان. نصيحتي لمعارضي قيس سعيّد: انظروا الى المشهد في كلّيته ولتكن مواقفكم وبياناتكم متناغمة مع هذا المشهد وضعوا في حسابكم، على الأقلّ ترجيحا، أنّ فرنسا ستخسر معركتها في شمال افريقيا كما خسرت معارك كثيرة غير بعيد عن شمال افريقيا.
الوسومالجزائر والمغرب الموساد الهذيلي منصر نظم المرصد المغربي لمناهضة التطبيع
شاهد أيضاً
كتب د. الهذيلي منصر: فتنة “الحرف” أو في استحالة “البسّ”…كربلاء الأخرى
هناك نصوص عظيمة وأعمال فنيّة عبقريّة وتجارب روحية ودينية عميقة لم تكن لتبلغنا ولم نكن …