يكثر الحديث في الصالونات السياسية والاروقة العلنية والمغلقة عن احتمالات اندلاع حرب اقليمية كبرى قد يفجرها الكيان للهروب من عجزه الاستراتيجي وانهياراته وتضعضع جبهته الداخلية ..
والادلة التي تساق لاستخلاص هذه النتيجة تستند الى تزايد الاعتداءات الاسرائيلية على سورية واخرها مطار دمشق وعمليات الايذاء والاغتيالات المتعددة التي قام بها العدو مؤخرا لعسكريين وامنيين ايرانيين ، والحرب السيبرانية المفتوحة بين تل ابيب وطهران على كل
المستويات ..
اسمحوا لنا نختلف مع كل هذه التحليلات وتقديرات الموقف التي اخذت ترفع الصوت عاليا بالقول بان المنطقة باتت على صفيح ساخن او ان طبول الحرب تسمع في كل مكان ، لنقول ان الحرب لم يحن وقتها وان الاشارة باشعالها لم تاتِ بعد من واشنطن صانعة الحروب في العالم والتي لا حرب ممكنة الوقوع عندنا الا بطبخها في البنتاغون اولاً واليكم الادلة والقرائن والبراهين:
1- ان التحدي الاكبر والاول الذي تعيشه اميركا الان هو تحدٍ داخلي يتألف من شقين:
اولا: تزايد الخطر الامني الذي يمثله ترامب وجناحه العنفي الذي يحضر لغزوة كاپيتول2 والتي تقول التقارير انها ستكون اعنف هذه المرة من الاولى.
ثانيا: معركة الامن الجماعي السكاني الذي تعيشه اميركا والتي كلفت مواطنيها حتى الان اكثر من 19 الف قتيل خلال الــ 5 اشهر الماضية فقط والتي يقدر الخبراء انها ستصل الى نحو 50 الفاً حتى نهاية العام ..
وهو رقم يزيد على خسائرها في الحرب العالمية الاولى..!
وهذه حرب اهلية بكل معنى الكلمة.
2- التحدي الثاني الذي تعيشه اميركا هو سعيها المحموم لاعادة الهيمنة الكلية المتآكلة لها على العالم والتي مثل صعود الصين الصاروخي دوليا التهديد الاكبر وجاءت روسيا من خلال عملية اوكرانيا لتشكل القشة التي قصمت ظهر البعير الاميركي فجعلته ليس فقط لا يستطيع ان يحرك ساكناً حتى في حدود دعم انفصال تايوان خوفا من السحق الصيني الذي سمع به من وزير دفاع بكين ، فما بالك عالميا حتى بات عاجزا ب عن الاحتفاظ بحليفه الاوروبي التاريخي الذي يتهدده التشتت والضياع واحتياجه لتحشيد 30 الف جندي ورجل امن اسباني ووصول كبار جنرالات البنتاغون منذ الان بهدف منع فشل قمة الاطلسي في 21 الشهر الحالي في مدريد والتي تهدف الى فرض اجواء العسكرة الكاملة على اوروبا المترنحة خوفاً من تداعيات حرب الطاقة مع روسيا التي لا تزال في اولها..!
ولما كان من البديهي بان ما من حرب تشنها تل ابيب على العرب الا ويكون قد تم التخطيط لها في البنتاغون .
فحرب 82 خطط لها الجنرال هيغ في حكومة ريغن
وحرب الـ 2006 خطط لها البنتاغون في حكومة جورج بوش الابن
فهل جاءت الاشارة من الجنرال اوستين في حكومة بايدن لشن الحرب على لبنان او ايران..!؟
لا اشارات تشي بذلك حتى الان ، بل ثمة اشارات معاكسة…!
بايدن الغارق من قمة راسه الى اخمص قدميه بالحرب الاهلية الاميركية وبالصين وروسيا والذي يعرف تماما عجز بينيت( الآيلة حكومته الى السقوط) ومثله نتن ياهو( الذي يحلم باستعادة السلطة منه) عن مجرد خوض حرب على مستوى غزة ، فما بالك بحرب اقليمية
مرجحة جدا لو اشتعلت ان تصبح عالمية تطيح بما تبقى من هيمنة او هيبة عالمية اميركية..!
لهذه الاسباب مجتمعة جاء مشروع ادارة بايدن الذي يحضر له منذ مدة وهو تشكيل قوة دفاع جوي اميركية – اسرائيلية – خليجية مشتركة يراد لها ان تشرك كلا من مصر والاردن والعراق لتكون هي من يتصدى لما يسمونه بالنفوذ الايراني الجامح ..!
اي يا كيانات الخدم الاميركية بمن فيكم قاعدتنا الصهيونية المتقدمة دبروا حالكم بحالكم..!
نحن لسنا في وضع يسمح لنا بشن حروب من اجلكم..!
ولكن لماذا يصر الاسرائيلي على التصعيد اذن ، وعلى ماذا يراهن..!؟
الابله بينيت وايضا مثله نتن ياهو ولانهما يعيشان ازمة وجودية الكيان وانعدام ثقة سكان الجبهة الداخلية بالدويلة لم يبق امامهم الا الهروب الى الامام على “طريقة علي وعلى اعدائي ” خاصة وانهما مقبلان على سقوط حكومي والعودة الى الانتخابات الخامسة في اقل من سنتين ، وبالتالي فهما يخوضان حروبهما الانتخابية مرة بالاعتداءات على محور المقاومة ويومياً بالدم الفلسطيني ، لعلهم بذلك يخرجون من مازقهم
ولكن هيهات لهم ذلك
الاميركي لن يغامر في هذه اللحظة لا لاجلهم ولا لاجل خدمه الاخرين
ومن سيخرجهم من ازمتهم بل من الوجود كله هو نحن..
نعم نحن وفي اللحظة المناسبة ساعة نحن نشاء وساعة نراها ناضجة…
هل يعني هذا ان قوى المحور ستظل من الان الى حين نضوجها متفرجة ولن تعمل شيئاً..!؟
ابدا ليس كذلك
ستكون هناك ردود من حيث لا يحتسبون وفي اماكن حساسة لا يتوقعون ، وبضربات ايذائية تجعلهم يندمون…
ولكن كل ذلك في اطار المعارك بين الحروب الى حين تحين ساعة المنازلة الكبرى ، التي لم تظهر حالياً اشاراتها على شاشات المحور بعد..
هذا الامر قد يتغير ، ولكن من واشنطن ، وليس من تل ابيب ، لان تل ابيب دكانة اميركية لا اكثر وكلب اميركي مسعور يحركه سيده ساعة يشاء..!
لكل نبأ مستقر
بعدنا طيبين قولوا الله