الإثنين , 25 نوفمبر 2024
أخبار عاجلة

لماذا القدسُ أقرب لنا الآن أكثر من أيِّ وقتٍ مضى؟!..بقلم فاطمة نذير علي

لو تأمّلنا قليلاً في أحداث المنطقة الإقليمية الأخيرة سنجدُها بلا شكٍّ تُعزَى لعاملٍ مهمٍّ يُسمّى “الصمود”‎، إنه لولا صمود الأشقاء في اليمن وسوريا وإصرار إيران على موقفِها الداعم للمحور المقاوم لما قدّمَت أدوات أميركا المتصهينة وأميركا نفسُها التنازُلات التي نشهدُها اليوم على الساحة،

لا ننسى ابن سلمان في عام 2017 وهو يصرّحُ قائلاً: “لن نتحاور مع دولةٍ تخطط لعودة المهدي المنتظر” وبداية عاصفة الحزم المشؤومة البائسة يقول: “سندخل اليمن في أسبوعين ثم ننقل المعركة إلى العمق الإيراني”،

ثم يتغيّرُ الموقفُ الآن ليصير: ” المملكة تطمح إلى علاقات إيجابية طيبة مع إيران، إيران دولة جارة ونريد أن نراها مزدهرة”.

وعن الحوثي يقول: “الحوثي في الأخير يمني ولديه نزعة عروبية..”

ونحن نعلمُ يقيناً أن المملكة لا تتفوه بحرف دون إذن سيدتِها أميركا، لأن السعودية ليست دولة ذات سيادة ولا صاحبة قرار خاص، فهل تُرى دعمَت الثورة الإرهابية الإجرامية في سورية بإرادتِها أم أنها أوامرٌ عُليا؟

ثم فجأةً تجمد السلطات السعودية جميع علاقاتها مع المُعارضة السورية والهيئة العليا للمفاوضات التي كانت تتخذ من الرياض مقرّاً لها، ويذهب وفد برئاسة خالد الحميدان يلتقي ببشار الأسد ويرحب بعودة سورية إلى الجامعة العربية،

بعد عقد من الدعم المهول والضخم للجماعات الإرهابية التي خاضت حرباً بربرية وحشيةً في سورية تذهب السعودية تستجدي عطف الشام، بعد أن فشلَت كل العقوبات الجائرة والحصار الشرس والتخريب والدمار من تركيع وإخضاع سورية، ونحن اعتَدنا على مواقف السعودية التي تدعم الجماعات المتطرفة بكل ما تملك ثم حين تفشل تتبرأ منها (ولا يغيب عن ذهننا شعار الدواعش في العراق “قادمون يا بغداد” الذي تحول فجأة إلى “داعش صناعة إيرانية” بعد أن اندحرت خرافة دولة الخلافة في العراق على يد الأبطال المقاومين في الحشد الشعبي والفصائل والقوات الأمنية، وماجرى حديثاً من إعلان ابن سلمان براءته من باسم عوض الله المقرب منه بعد فشل المحاولة الانقلابية في الأردن)،

ولا ننسى أيضاً ضربات أنصار الله التي أوجعتهم كثيراً حتى علا صُراخُهُم إذ أن مجموعةً من البسطاء الُحفاة غير المُدربين جعلوا المستورد الأول للسلاح في الشرق الأوسط يستغيث متوجعاً، ومقدماً التنازلات معترفاً بالهزيمة،(وهذا يعود بذاكرتِنا إلى الوراء إلى طاغيةٍ مجرم دخلَ حرباً عبثيةً بكامل أراضي شط العرب ثم خرج مهزوماً مدحوراً بنصف أراضي شط العرب وعائداً لاتفاقية الجزائر ومرسلاً برسالة إلى رفسنجاني “لقد حققنا لكم كل ما طلبتموه..” فمدرسة التاريخ تجود علينا بالعِبر الكثيرات، كل من يخوض حرباً عبثيةً نيابة عن الصهاينة مصيرُهُ مسحوقاً ذليلاً منبوذاً إلى مزابل التاريخ).

ومؤخراً المبعوث الأممي الأميركي الذي طلب من حكومة صنعاء وقف التقدم باتجاه مأرب مقابل فتح مطار صنعاء وميناء الحديدة، علماً أننا نحذر أنصار الله من الوقوع في فخ تنسج خيوطه أميركا وأدواتها، المقاومة يجب أن تستمر حتى تحرير مأرب وحتى تُرفَع كل العقوبات عن اليمن العزيز وهذا ما تخشاه السعودية وترتعد فرائصها خوفاً منه إذ أن الحوثيين مُحاصرون وقد قلبوا المعادلة رأساً على عقبٍ فكيف إذا رُفِعَ الحصارُ عنهم؟ ونحن نعلم أن رفع الحصار يعني تسليحاً وتقويةً للجانب العسكري لأنصار الله،

أما إسرائيل فقد استشاطت غضباً من نية أميركا بالعودة إلى الاتفاق النووي مع إصرار إيران على فرض شروطها ورفع كامل العقوبات عنها فهي تلعب لعب المرتاح في الاتفاق بينما تضطرب أميركا مترددةً بين القبول والرفض، بين ضغط الإسرائيليين وبين فشل خطط الولايات المتحدة بإخضاع إيران بواسطة العقوبات الاقتصادية الشديدة ظناً منهم أنها ستلين لكن خابت الظنون، لأنهم يضعون في حُسبانهم حتماً أن أيَّ حربٍ مفتوحةٍ مع إيران ستجعل جميع أدواتهم الخليجية العميلة تحت النيران الإيرانية،

و أما الأنظمة العربية المطبّعة فلا كلامَ لنا معهم لأنهم أساساً لم يكن لهم دور في أي معركة مُحتملةٍ يخوضها المحور ضد إسرائيل و أعوانها لاستعادة أرضنا أرض القدس الشريف، لكن فليعتبروا وليتعظوا‎، من راهنَ منهم على القباب الحديدية ومنظومات باتريوت فطبّع بحجة حمايته من الخطر الإيراني اكتشف اليوم أن الحماية الإسرائيلية محض خدعة هزيلة فهي لا تستطيع حماية نفسها وفشلت دفاعاتها الجوية في التصدي للصاروخ الذي أطلقه رجال الدفاعات الجوية السورية‎،

المهم أن المواقف المتذبذبة لأدوات أميركا الخليجية تدل على أن هذه الدول ألعوبة بيد الصهاينة والأميركان، أما كلمة الفصل في المنطقة فهي للصامدين المُقاومين الذين ما تزحزحوا أبداً وبسواعدِهِم بات حلم القدس قريباً جداً منا،

وأنا أقف بكل قوتي بوجه كل من يصوّر الغدة السرطانية إسرائيل على أنها وحش كاسر تستحيل هزيمته، هذه الانهزامية في عقول العرب مرفوضة فحزب الله في تموز جعل أشلاءهم تتطاير في سماء لبنان التي كشفت هزال جسم الهرم العسكري الإسرائيلي إذ تمكنت منظمة ناشئة تضم بضعة آلاف من مواجهة أعتى جيوش الشرق الأوسط وأفضل كلمة تصف الأداء الإسرائيلي هو الفشل الذريع ماضياً وحتى الآن،

لأنهم يواجهون أسياد الأرض، على الجيل الجديد أن يقرأ ويطلع قبل أن ينادي بشعار التوافه السذج “فلسطين ليست قضيتي” لأن مصير كل دول المنطقة الإقليمية وحوادثها مرهون بفلسطين و دعوات تنطلق من المنصات الإعلامية المغرضة لإقناع الشارع العربي العام أن القدس ليست معركته وليست قضيته وهذا لعمري منتهى الحماقة فإسرائيل كيان توسعي غاصب لن يكتفي بفلسطين فقط.

دامَ عزُّ أوطانِنا المقاومة…والخزي والعار لأعدائِنا الصهاينة…

 

 

 

شاهد أيضاً

شبهات و ردود، القضية الحُسينية والبكاء بين الظاهر والباطن…بقلم فاطمة شكر

تُثارُ في أيامِ المحرم شبهاتٌ حول القضية الحُسينية وهو أمرٌ طبيعي إذ أن أي قضية …

المحور العربي © كل الحقوق محفوظة 2024